كشفت صحيفة "دايلي ميل" البريطانية السر الذي يكمن وراء موجة الكآبة التي طغت هذا الشهر على سلوك ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز. وأسقطت الجريدة كل الأسباب العائلية والسياسية التي قد تخطر في البال، مؤكدة أن موت شجرة الأرز التي يزيد عمرها على مئتي عام، كان العامل الحقيقي الذي اسقط الدمع من عيني الأمير. ويقول البستاني ديفيد هاورد الذي يعتني بحديقة ولي العهد حول المنزل الذي اشتراه في منطقة"هاي غروف"سنة 1980، إن شغف تشارلز بشجرة الأرز كان العنصر المؤثر في قراره بضرورة شراء المنزل الفخم. ويؤكد هذا الكلام صاحب المنزل الذي كان آخر وارث لعائلة الثري جون بول الذي شيّد المنزل عام 1796. وبعد انتهاء البناء غرس المؤسس شجيرة أرز نقلها إليه أحد المبشرين من لبنان. ويحتوي الكتاب الذي أصدرته مهندسة الحدائق كانديدا غرين على فصل يروي حكاية تطوير"هاي غروف"من الداخل والخارج. وفي فصول الكتاب كلها تظهر صورة الأرزة العملاقة كهواية مركزية من هوايات الأمير تشارلز. وبما أنه كان مدمناً على ممارسة هواية الرسم، فقد تعمد الظهور في الصور وهو يرسم تحت ظلالها الوارفة. وهو حرص على استخدامها أنموذجاً للحملات التي قام بها للترويج للجمعية الانسانية التي تحمل اسمه. وتقول اللبنانية كاثيا الرياشي جريديني، إنها اشترت نسخة من رسوم تلك الأرزة عام 1997 خلال مزاد علني في باحة القصر. وهي تتذكر أن الأمير تشارلز كان مسروراً جداً وهو يوقع رسم الأرزة وكأنه يعترف بأن مقتني هذه اللوحة يشاركه في حب أرزة لبنان. وتتذكر أيضاً انها دفعت ثمن الرسم الواحد من"الليتوغرافور"ثلاثة آلاف جنيه. ويؤكد الخبراء أن سعر اللوحة قفز الى ثلاثين ألف جنيه عقب الإعلان عن موت الأرزة. ولكن، ماذا حدث للأرزة؟ خبراء الزراعة يقولون إن أعمار شجر الأرز في مناطق بشري والشوف وجرود تنورين تزيد على ألفي سنة. ومعنى هذا أن عمر هذا الصنف من الأشجار لا يقارن بأعمار الأشجار الأخرى، لأن الطبيعة زودته بخاصية غير متوافرة في الأصناف العادية. ومن مميزاتها أيضاً أن خشبها عصي على نخر السوس بدليل أن قطع أخشاب الأرز المدفونة داخل قبور الفراعنة ظلت سليمة منذ خمسة آلاف سنة. وحدث مطلع السبعينات أن تعرضت أشجار غابة أرز الرب عددها 400 أرزة لمرض خبيث قضى على خمسة منها. وتدخل في حينه خبراء"المشروع الأخضر"الذي ثبت لهم بالتحليل المخبري، وجود حشرة تسبب اليباس السريع. وكُلف خبراء ألمان في عملية القضاء على الحشرة بالرشوش السامة. والطريف أن بعض السياسيين استغل ذلك المرض لينتقد مرور طائرة"الكونكورد"فوق غابة الأرز، مدعياً أن ما تنفثه من سموم يتسبب في تلوث الهواء النقي الذي تحتاجه الأرزة. الصحف البريطانية اختلفت حول أمرين أربكا الأمير الحزين: هل يزرع شجيرة أرز مكانها... أم أنه يكتفي بإعلان موتها وتسجيل تاريخ الوفاة على جذعها الضخم؟ التقاليد البريطانية تقضي - منذ شجعت الملكة فيكتوريا الزراعة - بأن يسجل موت الشجرة فوق جذعها المدفون في التراب، اعترافاً بمساهمتها في ادخال البهجة الى النفوس. لذلك كتب المعلقون يقولون إن البهجة لم تعد موجودة في منزل الأمير تشارلز الكائن في منطقة"هاي غروف"، الأمر الذي ينبئ باحتمال انتقاله الى منزل آخر!