هي تجربة فريدة، أقل ما يقال فيها أنها استحقت الدعم الذي نالته، وأثبتت أن الموسيقى تبقى اللغة المسالمة التي تتحاور بها الشعوب." مطبخ الموسيقى"فرقة تتألف من 14 موسيقياً عربياً شاباً، وخمسة من البريطانيين، تلاقوا بمبادرة من المجلس الثقافي البريطاني لمد جسور التواصل بين الشرق والغرب عبر الموسيقى. وتعود بداية المشروع الى أيارمايو الماضي، حين التقى الموسيقيون الشباب في المملكة المتحدة، حيث كثفوا عملهم لتأليف موسيقى جديدة والتدرب على عزفها معاً بقيادة المنتج الموسيقي وعازف الغيتار البريطاني جاستين آدامز. اختيار آدامز للإشراف على الفرقة وتدريبها"ضربة معلم"نظراً إلى خبرته الواسعة وعزفه مع فرق عالمية. يقول آدامز عن التجربة:"المشاركون ينتمون الى خلفيات موسيقية مختلفة ومتنوعة جداً وكل منهم ، لديه شيء ما يضيفه الى موسيقى زملائه". وخلال فترة التدريب في بريطانيا ، أحيا"مطبخ الموسيقى"حفلات في كامبردج وغيتسهد ولندن. ونشرت جريدة"الغارديان"اللندنية بعد الحفلة التي احي تها الفرقة في العاصمة"جاؤوا بأحلى الأغاني وأطربونا بإبداعات موسيقية عذبة". انتقل المشروع في حزيران يونيو الى الرباط حيث احيت المجموعة الى جانب فرق مغربية وأجنبية حفلة على هامش فعاليات"مهرجان البوليفار للشباب". وأحيت الفرقة حفلتين في تموز يوليو في كل من سورية والاردن والغيت حفلة لبنان بسبب الاوضاع الامنية. ويشارك"مطبخ الموسيقى"حالياً في مهرجاني الاسكندرية والقاهرة، على أن ينتقل بعدها الى تونس ليحيي حفلات عدة. ويقدم"مطبخ الموسيقى"مجموعات حيوية من المقطوعات الموسيقية الجديدة التي تمزج بين الهيب هوب والروك والجاز والفانك والموسيقى الالكترونية بمرافقة الناي والعود والإيقاعات الصوفية والغناء بأصوات عذبة. قد يكون سبب نجاح المشروع تلك التوليفة الموسيقية، التي عمل الشباب على تركيبها، خصوصاً أنها تمزج بين حداثة الغرب وأصالة الشرق. فنسمع الموسيقى الالكترونية وايقاعاتها الصاخبة ترافق العود والناي، او البيانو يعزف الجاز ترافقه الكمنجة والعود. وما ميّز اداء الفرقة في معظم حفلاتها، المساحة التي اعطيت لكل عازف لإبراز قدراته، وظهر ذلك جلياً في المقطوعات التي تعتمد على الارتجال، فأعطت كل آلة نبذة عن ثقافة عازفها وعن تقنياته وموهبته. الا أن الارتجال قد يكون في أحيان كثيرة، ضعيفاً وركيكاً، وهذا ما تداركه العازفون. ومن أبرز نجاحات الفرقة، قدرة كل أفرادها على نقل تراثه الثقافي ومزجه مع آلات جديدة وايقاعات مختلفة. فعمد المطرب المغربي هشام باجو مثلاً الى تقديم"غناوة" وهي من الفن المغربي التقليدي على ايقاعات الدرامز والغيتار الكهربائي. وكذلك فعل عازف الناي مسلم"حين قدّم الموال الشامي بمرافقة البيانو". يقول أوسو عازف الغيتار المصري الرحالة قد تكون تجربة"مطبخ الموسيقى"الأهم في حياتي العمليّة لما اكتسبته من خبرة وأفق أوسع في التعاطي مع الآلات بعد ورشات العمل التي قمنا بها في لندن، وبعد المزج الفريد الذي حصل بين العازفين. ويعتبر عصام رافع عازف العود ان مواهب الموسيقيين أثمرت نوعاً جديداً من الموسيقى باستطاعته ان يكون مستقلاً لا يشبه الانماط السائدة. وأشار الى ان المزج الذي حصل في الموسيقى وادخال العود في موسيقى الجاز والبلوز، كان ناجحاً. حتى اليوم لا توجد تجارب موسيقية جديّة لإدخال آلات شرقية الى هذا النوع من الموسيقى الغربية، وتجدر الاشارة الى ان لزياد الرحباني محاولات في تشريق موسيقى الجاز، الا أنه لم يدخل العود أو الناي عليها. ويذهب عازف الدرامز ليو تايلور البريطاني بعيداً، ليقول أن التجربة غيّرت الكثير من مفاهيمه، وعرّفته على الايقاعات الشرقية، خصوصاً أنه شكل ثنائياً متناغماً مع عازف الطبلة التونسي لطفي سوا. ويرى أندرو مكورماك الحائز لقب النجم الصاعد للسنة الماضية في جوائز"بي بي سي"لموسيقى الجاز أن الموسيقى العربية تتميز بتعدد أنواعها وإيقاعاتها ونغماتها، خصوصاً أن الآلات الشرقية أقرب الى الأذن من تلك الغربية. وعلى رغم هذا التناغم الموسيقي بين الشرق والغرب، الا أن المديرة الاقليمية للتبادل الإبداعي في المجلس الثقافي البريطاني في سورية ليلى حوراني، تعتقد ان نشاط"مطبخ الموسيقى"سيتوقف تدريجاً بعد حفلات تونس، لأن جمع 14 موسيقياً إضافة الى تكاليف الاقامة ومعدات الصوت والتقنيين والاقامة، أمر مكلف جداً بحسب قولها والمجلس غير قادر على تحمل الأعباء. وتضيف"يجب أن تدعم الحكومات العربية هذا المشروع الموسيقي، وأن تلتفت الى تلك الابداعات الشابة". وما اذا كان هناك توجه لإصدار اسطوانة ، يجيب مدير الفرقة أن الفكرة واردة، والتحضيرات قائمة، الا أن هذه الأمور في حاجة الى تنظيم واتفاق مع شركة انتاج عالمية. طباخو الفرقة ضم" مطبخ الموسيقى"المغنين،"آر جي بي"وأسما لبنان وهشام باجو المغرب وربا أبو صقر الاردن، ومن العازفين أوسو غيثار ومحمد مدحت كمنجة من مصر، اسكندر بسبس موسيقى الكترونية ولطفي سوا طبلة من تونس، يعقوب سعيد ابو غوش باز من الاردن، ومسلم رحال ناي وعصام رافع عود من سورية، وليو تايلر درامز وآندرو مكورماك بيانو من بريطانيا.