اختتمت أعمال مهرجان "المتنبي العالمي الشعري" الذي يقيمه كل عام في مدينة زيوريخ السويسرية، "المركز الثقافي العربي السويسري" وپ"غاليري الأرض" بإدارة الشاعر العراقي علي الشلاه والتشكيلية السويسرية أورسولا باخمان، أستاذة الفنون الشرقية في مدرسة الفنون العليا لوتسيرن. يتبنى المهرجان الشعري كل عام إحدى التيمات لتكون عنواناً له. وحمل في دورته السابعة هذا العام، التي شارك فيها اثنان وعشرون شاعراً عربياً وعالمياً، شعار"الشعر والرواية"كانعكاس للحوار الدائر هذه الآونة بين الشعر والرواية وانطلاقاً من أن زمننا زمن للرواية. ويجوب المهرجان بشعرائه، مدناً سويسرية عدة: زيوريخ، بيرن، بازل، جينيف ولوكانو. ويتوزعون على أمسيات في كل مدينة، ويقرأون قصائدهم بلغاتهم الأم ويقوم بعض الممثلين السويسريين والألمان والعرب بقراءة ترجماتها بالألمانية والفرنسية والإيطالية. شاعران كبيران كانا ضيفي الشرف في المهرجان هذا العام، أحدهما عربي هو الفلسطيني سميح القاسم، وهو غني عن التعريف، والآخر أميركي هو سام هاميل صاحب كتاب"شعراء ضد الحرب"الصادر عام 2003 الذي أهداه الى"لورا بوش"حاشداً فيه ما يقارب ثلاثمئة قصيدة لشعراء أميركيين مناهضين لسياسات البيت الأبيض في منطقة الشرق الأوسط ومستنكرين فكرة غزو العراق. وإثر جلسة ودية، في قاعة فندق تيفولي في زيوريخ، بين القاسم وهاميل تبادلا فيها الكلام عن أحوال العروبة ومحنة فلسطينوالعراق، وتحاورا فيها كصديقين تحول السياسة دون لقاء بلديهما، كتب سام هاميل قصيدة أهداها الى سميح القاسم موجزاً فيها المحنة الإنسانية الكبرى التي تخلّفها الأنظمة والنزاعات والحروب والاحتلال. القصيدة عنوانها"الطريق الى الرامة"وهي البلدة التي ولد فيها سميح القاسم في فلسطينالمحتلة. قرأها سام هاميل في أمسية تكريم سميح القاسم وترجمتُها الى العربية وقرأتُها وكانت مفاجأة كبرى للقاسم والجمهور العربي والسويسري. بعد انتهاء المهرجان، أقيمت على هامشه ندوة للشاعر سام هاميل أجاب فيها على أسئلة الجمهور متحدثاً عن تجربته الشعرية ومشروعه السياسي المعارض لسياسة حكومته وألقى شهادة عن تجربته، ومما قال فيها:"غالباً ما آمنت بأن الحب والحرب موجودان في النفس البشرية، وفي البيت. وبصفتي بوذياً على مذهب الزِّن، حاولت دائماً أن أؤسس ممارساتي مواطناً وشاعراً وفق مبدأ الرحمة والتعاطف والمحبة. جذبني هذا الى التعامل على نطاق واسع مع نساء وأطفال تعرضوا للتعذيب أو الضرب، وكذلك مع نزلاء السجون. وكشاعر، لم أصدق أبداً أن الفن الذي أمارسه يعدُّ وسيطاً جيداً للدعاية أو الشهرة. وخلال كل هذه السنوات والعقود الماضية، كنت أراقب أعمالي وقد بدأت تتطور سياسياً واجتماعياً". الطريق الى الرامة الى سميح القاسم كيف الطريقُ الى الرامةِ والى أي مدىً بوسعي المضيُّ وحيداً؟ هنا الطريقُ الى الرامة يا صاحبي ها هنا، حيث غبارُ عظامِنا. وهنا بيتُ عربيٍّ بحديقته الصيفية الغافية، بزيتونته، بظلالها. بوسعك أن تحصي ثقوب الرصاصة، يا صاحبي بوسعك أن تملأ حفرها الخاوية، لكنك لن تستطيع أن تحدد رقماً للميت. وهنا بيتُ يهوديٍّ والعجيبُ أنه تماماً يشبهه: الحديقة ذاتها، الزيتونة ذاتها الحُفر ذاتها في الحديقة، وبقعُ الدم ذاتها في الرمال. هنا في الطريق الى الرامة آمل أن أجد شقيقي سميح القاسم، الشاعر، قبل أن يفوت الوقت، ذاك انني أوغلتُ عميقاً في الصحراء ظمئاً الى كلماته. هل استمعتم الى شقيقي، الشاعر؟ سوف يحطّم قلوبكم ثم يداويها بالشجن الطافر من أغانيه. هل رأيتم شقيقي الشاعر؟ فأنا منهكٌ من الدخان والغبار والطريق طويلة وأنا رحت أطعن في العمر. سوف أموت في الطريق الى الرامة لكن قلبي سينام وادعاً بين ذراعيه. سام هاميل ترجمة فاطمة ناعوت