هل سيتمكن الفيلم التلفزيوني المنتج بالمغرب من الوصول الى القنوات العربية، بخاصة في ظل احتكار الدراما المتسلسلة، العاطفية والاجتماعية والتاريخية، من طرف مصر وسورية بفضل وجود سابق ومكرس لبنيات تصويرية واستقبالية بمختلف مكوناتها وبخاصة نظام النجوم في التشخيص والأداء العريق؟ إنه السؤال الذي بدأ يتردد عند بعض المهتمين وتلمح إليه بعض ألسنة المسؤولين. وهو سؤال مشروع يأتي في أعقاب تنامي ظاهرة إنتاج الأفلام التلفزيونية في تصاعد كمي لافت. والحق أن الظاهرة شأن مدروس بجدية ووارد في دفتر شروط القناتين التلفزيونيتين المغربيتين. فالقناتان ملزمتان بإنتاج ثمانية عشر فيلماً بالنسبة الى الثانية، وعشرة بالنسبة الى الأولى، الشيء الذي يعطي في المحصلة عدداً لا بأس به من الأعمال الفيلمية الدرامية. وللدلالة على هذا نذكر أن القناة الثانية برمجت وحدها منذ 2001 ولغاية 2006، ستين فيلماً مغربياً خصيصاً للشاشة الصغيرة. يجدر القول هنا إن هذا النوع من الإنتاج كان شبه مغيب من مشاريع القناتين، باستثناء محاولات خجولة وفردية، قبل سنة 2002، سنة تحرير القطاع السمعي البصري وتأسيس هيئة عليا مستقلة لمراقبة الأداء التلفزي والإعلامي. وكان ذلك بمثابة انطلاقة للمبادرات الإنتاجية في هذا المجال مع وجود آلية مراقبة وتتبع للالتزامات. ومن هذه المبادرات خلق هيئات أو لجان تضم إعلاميين ومثقفين وصحافيين مؤهلين، وتقوم باستقبال وقراءة السيناريوات ومشاريع الأفلام الوافدة إليها وتقويمها. هنا علينا أن نلاحظ أن ما أطلق طفرة الفيلم التلفزيوني المغربي هو وجود طفرة سابقة في المجال السينمائي. فمنذ أكثر من عقد من الزمان عرفت السينما المغربية تطوراً وحيوية مهمين في جميع المستويات، مكناها من إيجاد بنية إنتاج وتصوير وتمويل قابلة للتوظيف، وإن لم ترقَ الى مستوى صناعة قائمة بالذات. هذا إضافة الى وجود إرادة من لدن إدارة القناتين لعدم الاقتصار على المنتوج الأجنبي فقط. وبالتالي فليس غريباً أن يكون جل مخرجي الأفلام التلفزيونية من المخرجين السينمائيين المغاربة المعروفين كسعد الشرايبي وكمال كمال صاحب أول فيلم سينمائي مغربي ناطق بالعربية الفصيحة على سبيل المثال. وهو الأمر الذي مكنهم من العمل باستمرار وتشغيل كتاب السيناريو والتقنيين والممثلين. وبذلك صارت الاستفادة جماعية. وجدير بالذكر هنا أن المخصصات المالية الداعمة كانت أيضاً مساعدة بشكل كبير. كل هذا منح التلفزيون المغربي أعمالاً محترمة تتسم بالجدية ولا تخلو من الإبداع مثل شريط"سعيدة"وپ"القضية"وپ"القسم 8"وپ"ولد الحمرية". والحق أن مجرد وجود مخرج سينمائي على رأس إدارة فيلم تلفزيوني يشكل ضمانة لهذا الفيلم، بخاصة إذا عرفنا أن عدداً مهماً من مخرجي السينما سبق أن شارك في مهرجانات سينمائية خارجية كالقاهرة ودمشق وقرطاج. والحق أنها أشرطة لا تعتمد في أهدافها الأصلية المتعة فقط وتزجية الوقت على غرار أفلام الإضحاك والمتعة المجانية، وبالتالي فهي تقدم بعض النفس الفني في محيط إنتاج تلفزيوني سهل وبسيط. إلا أن المشكل الذي قد يطرح في حال تمكن الفيلم التلفزيوني من اختراق حاجز القبول في القنوات العربية هو، وكما حدث بالنسبة الى الفيلم السينمائي المغربي، عائق اللغة الدارجة الناطقة في هذه الأشرطة. وقد يتذرع به العديد من الرافضين لتبرير الرفض. لكن الملاحظ أن معظم الأفلام تتطرق لمشاكل المدينة والقليل فقط هو الذي يضع أجواء أحداثه في المجال الريفي حيث اللغة قد تشكل حاجزاً حقيقياً للتواصل معها. وهنا يمكن القيام بالاختيار بحسب الطلب.