أعلنت قيادة سلاح الفضاء الروسية نيتها وضع منظومات صاروخية فضائية متطورة في الخدمة العسكرية مع حلول نهاية العام الحالي، وذلك في إطار"الرد القوي والمتكافئ"الذي وعدت به، على نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا. تزامن ذلك مع خطوات متسارعة على الجانب الآخر من المحيط، بعدما اقتربت واشنطنووارسو من الاتفاق نهائياً على نشر الدرع الصاروخية في بولندا. وأعلن مسؤول عسكري بولندي رفيع ان تنفيذ الخطة قد يبدأ في ربيع العام المقبل. وبعد مرور اقل من يومين على إعلان روسيا تجميد العمل بمعاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا، ما اعتبره مراقبون جزءاً من"الرد الفاعل"الذي توعدت به موسكو في حال أصرت واشنطن على نشر درعها الصاروخية، جاءت الخطوة الروسية الثانية أمس، عندما أعلن قائد القوات الفضائية الروسية الجنرال فلاديمير بوبوفكين أن منظومة صاروخية فضائية تعرف باسم"روكوت"ستدخل الخدمة العسكرية في نهاية العام 2007. وأشار بوبوفكين إلى أن القوات الروسية ستبدأ تسلم صواريخ"روكوت"المتطورة بعدما يحمل صاروخ تابع للمنظومة قمراً اصطناعياً عسكرياً إلى الفضاء في الأسابيع الأخيرة من هذا العام. وأوضح ان هذه المنظومة الصاروخية سترابط في الخدمة فترة لم يحددها إلى أن تبدأ القوات الفضائية الروسية بتسلم صواريخ جديدة متطورة من طراز"انغارا". وبحسب المصادر العسكرية يستطيع صاروخ"روكوت"حمل شحنة وزنها 1.9 طن إلى مدار على ارتفاع 200 كيلومتر في الفضاء. ويبلغ وزن الصاروخ عندما ينطلق 107.5 طن. أما صاروخ"انغارا"فإنه يستطيع حمل ما يصل وزنه إلى 24.5 طن إلى مدار على ارتفاع 200 كيلومتر في الفضاء. ورجحت مصادر روسية ان يزيد الإعلان الروسي من تعقيد العلاقة مع الولاياتالمتحدة على رغم ان البعض توقع ان تشهد المرحلة المقبلة"تنشيطاً في جهود الحوار بين موسكو والغرب من اجل التوصل الى مخرج للمأزق الحالي". وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقع السبت الماضي، مرسوماً بتجميد معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا بسبب ما وصف بأنه"ظروف استثنائية شكلت تهديداً على الأمن القومي الروسي". وبحسب عسكريين روس فان انسحاب موسكو الموقت من المعاهدة سيعني الشروع في حال لم تبدأ مفاوضات روسية - أميركية لتسوية القضية في تطبيق سلسلة خطوات أخرى كانت موسكو هددت بها في السابق، ومن بينها تطوير أجيال جديدة من الصواريخ المتوسطة المدة التي كانت روسيا تخلصت منها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وفقاً للمعاهدة، وهو أمر أكدت قيادة سلاح الصواريخ في وقت سابق استعداد موسكو للبدء في تنفيذه، وكذلك نشر قوات روسية ومعدات حربية في مناطق غرب روسيا بعدما كانت المعاهدة الدولية تحظر ذلك. وبحسب مركز للدراسات الاستراتيجية فان موسكو قد تنشر دبابات ومدرعات ومنظومات صاروخية في إقليم كاليننغراد الروسي ومنطقة بسكوف الواقعة على البحر الأسود، بالإضافة الى منطقة فلاديقوقاز في الجنوب الروسي. اتفاق أميركي - بولندي في المقابل، واصلت واشنطن تأكيد عزمها المضي في خطة الدرع الصاروخية، وذلك خلال زيارة الرئيس البولندي ليخ كواجينسكي للولايات المتحدة، اذ لم تخف جهات رسمية في وارسو ان المفاوضات بين الجانبين ستتركز على الدرع الصاروخية بعدما أعطت وارسو موافقة مبدئية على المشروع، ولم تستبعد أطراف في روسيا وبولندا ان تعلن واشنطنووارسو قريباً عن التوصل الى اتفاق نهائي في هذا الشأن. وأكد أمس، وزير الدفاع البولندي الكسندر تشيغلو الذي يرافق كواجينسكي في زيارته ان بلاده"يجب ان تضمن أمنها بالتعاون مع الحلفاء الأطلسيين بسبب ظهور تهديدات جدية". واعتبر ان إعلان موسكو تجميد العمل بمعاهدة الأسلحة التقليدية يعد دليلاً إضافياً على ان روسيا"تتحول اكثر الى دولة لا يمكن التنبؤ بسياساتها"ما يشكل خطراً على جيرانها. كذلك أعلن نائب وزير الدفاع البولندي فوتولد فاشيكوفسكي في حديث نشرته أمس صحيفة"نوفاي ازفيستيا"الروسية، ان موسكو باتت تعترف الآن بوجود خطر صاروخي يهدد أوروبا وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه اتهم الروس بأنهم ما زالوا يطبقون"مبادئ لينينية"في علاقاتهم مع جيرانهم وخصوصاً بولندا. وفي مؤشر الى ان وارسو حسمت خياراتها لجهة نشر الدرع الأميركية على أراضيها والى ان الطرفين الأميركي والبولندي توصلا الى اتفاق نهائي في هذا الشأن، قال المسؤول البولندي ان البدء بإنشاء مكونات الدرع التي ستنشر في بولندا سيكون في شباط فبراير المقبل. وأشار الى الالتزام بالتوقيت"بحسب الخطة الأميركية"يتطلب التوصل قبل ذلك الى توقيع اتفاق خاص بين بولندا والولاياتالمتحدة"يجري العمل عليه الآن"وإقرار المشروع الأميركي في الكونغرس والمصادقة على موازنته التي ستدفع من الخزينة الأميركية بالكامل. وأضاف رداً على سؤال حول تحديد مكان نشر الدرع على الأراضي البولندية، بالقول ان المكان"تم تحديده لكن لن نعلن عنه".