استهجنت وارسو التصريحات الروسية حول احتمال اعتراض صواريخ أميركية تنطلق من بولندا، معتبرة انها تذكّر ب"حقبة تعيسة"في تاريخها، في إشارة الى الستار الحديد إبان الحرب الباردة. في المقابل، كررت موسكو موقفها المعارض لنشر الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا وتشيخيا، وأعلنت عن خطة لتطوير صواريخ عابرة للقارات تدخل الخدمة الميدانية بحلول العام 2012. وفي أول رد على تصريحات"نارية"لرئيس الأركان الروسي يوري بالويفسكي السبت، اعتبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن تلويح موسكو بقدراتها الصاروخية"غير مقبول". وقال إن"هذا النوع من التصريحات لجنرال روسي، لا يؤثر في المفاوضات الأميركية - البولندية حول نشر الدرع الصاروخية"في بولندا. وأضاف توسك:"عندما سمعت عبارات الجنرال الروسي في شأن رد تلقائي على أي صاروخ ينطلق من بولندا تذكرت أتعس حقبة". وكان بالويفسكي اتهم واشنطن بالسعي الى جر العالم إلى مواجهة مباشرة، وقال إن إطلاق أي صاروخ من منظومة الدفاع المزمع نصبها في بولندا، قد يفسر في روسيا بوصفه هجوماً على أراضيها،"ما يؤدي الى تشغيل نظام الدفاع الجوي الروسي آلياً، وإطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات على أهداف ومنشآت أميركية". وعلى رغم الاعتراضات البولندية على تصريحات الجنرال الروسي، أكد توسك أن بلاده ترغب في التفاوض حول الدرع مع كل الأطراف المعنية، بما فيها روسيا. وأوضح أن وارسو"ترغب في معلومات كاملة حول الدرع والتعامل بشفافية مع جيرانها والحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي وكذلك روسيا". وتزامن السجال مع إعلان وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أن موسكوووارسو ستجريان قريباً محادثات في شأن"الدرع"، يشارك فيها من الجانب الروسي نائب وزير الخارجية سيرغي كيسلياك. وأعلن بالويفسكي ليل السبت - الأحد، أن بلاده بدأت العمل في تصنيع طرازات جديدة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، موضحاً أنه لا يرى ضرورة لامتلاك الجيش الروسي صاروخاً جديداً في الحال، لأن"لديه صواريخ متطورة من طرازي توبول إم وبولافا". ويوصف طراز"توبول ام"في الأوساط العسكرية الروسية بأنه"العمود الفقري"لمنظومة التصدي للدرع الصاروخية الأميركية. وكشف رئيس الأركان الروسي أن أسطول بلاده سيزود غواصات مسلحة بصواريخ"بولافا"الحديثة، الباليستية والعابرة للقارات، قبل عام 2012، موعد الانتهاء من نشر الدرع الصاروخية الأميركية، مشيراً إلى أن هذه الصواريخ لا تزال قيد الاختبار، فيما بدأ العمل في تصنيع غواصات معدة لحملها. وجدد بالويفسكي رفض بلاده اقتراحا أميركياً في شأن الدرع الصاروخية، علماً أن موسكو قدمت اقتراحاً للأميركيين بالاستعاضة عن الأراضي البولندية والتشيخية، بالاستخدام المشترك لمحطات رادار روسية في أذربيجان، أو بتعاون عسكري أميركي - روسي في إدارة منظومة الدفاع المزمع نشرها في شرق أوروبا. لكن الرد الأميركي جاء"مخيّباً"كما رآه الروس، لأنه اعتبر استخدام الرادارات الروسية مكملاً لخطط واشنطن وليس بديلاً عنها، فيما تجاهل الرغبة الروسية في مراقبة مشتركة لعمل المنظومة. معلوم أن واشنطن تؤكد أن هدف نشر الدرع الصاروخية هو مواجهة خطر صواريخ إيرانية أو كورية شمالية يمكن أن تستهدف الولاياتالمتحدة وأوروبا، فيما ترى روسيا أن الهدف الحقيقي للخطة الأميركية هو تطويقها بمنظومات صاروخية وقدرات عسكرية.