انتفض الوطن ينادي أبناءه: أنا أبوكم جميعاً. ذراعاي مفتوحتان لكل منكم. سيان عندي صغيركم والكبير، فقيركم والثري، مواليكم والمعارض... ولو تمادى بعضكم، ولو ضلّ آخرون! الأرزة الخضراء أمٌّ لكم، ولدتكم أحراراً، مرفوعي الجبين. جبل اللبان والثلج والبخور مسقط رأسكم! زنروه اخضراراً وفسحات أمل، روحوا به سمواً ورفعة وبصيرة وبُعد رؤى. إنه المحجة ومصدر إشعاع الأنوار والرسالات. محافظتكم؟ المحافظة على الحرية والسيادة والاستقلال. قضاؤكم؟ القضاء على كل الدناءات والصغائر والرشى والفساد والمتاجرة بمقدسات وثوابت. فئة دمكم؟ نقية، طاهرة، لبنانية مئة بالمئة. تربتكم؟ نظيفة خصبة. تتشابك أغصان أشجارها والجذور وتتعانق جذلى، أرضاً وأعماقاً، فضاء وسماء. اشتدت سواعدكم وغدوتم بدوركم آباء روحيين ومدنيين، مربين وأدباء، صناعيين ومزارعين، سياسيين وممسكين بزمام الأمور. احتفت"الجمعية اللبنانية لتكريم الأب"منذ عشرين عاماً وما زالت، بإخلاص كل منكم لمهنته ودعوته والرسالة. وهاكها تناديكم، أن تشاركوها في تحية وفاء وتقدير ملؤها عرفان الجميل لأعز البلدان، لبنان، ولحراسه الأمينين، عسكريين وأمنيين، وقد استبسلوا - ومنهم من استشهد - وهم يذودون عن الحياض والعزة والكرامة والشرف. إنهم حجارة الزاوية لكل بنيان وكيان! لقد أتوا من كل مدينة، من كل بلدة ومن كل قرية ودسكرة. بتلاحمهم وتراصهم، حاكوا نسيج الوطن المتناسق، وغدوا لوحة فسيفسائه المتناغمة، صارخة البهاء والجمال. حبذا لو نهلنا من كتاب تنشئتهم، وعلى غرار كل منهم صقلنا شخصيتنا على المحبة والتعاون والتفاني والعصامية والفداء! حبذا لو وضعنا حداً لتخاذلنا والميوعة، إهمالاتنا وأنانياتنا والجحود، وتصريحاتنا المنمقة، الكاذبة الجوفاء. ألا وعداً، وطني، سنلبّي نداءك في كل حين. سنترك التشنجات الى غير رجعة. سنُحسن التخاطب الوطني، متخلّين عن العاطفة، محكّمين العقل والمنطق، والمصلحة العامة والمصير الواحد. لن نسخّر المؤسسات لمآربنا، ولا، للمحسوبية، ولا، للطائفية. سنطلقها صرخة نعم كبيرة، نعم، للبنان، لبنان التآخي، لبنان التسامح، لبنان الرسالة وستسود روح المواطنة الحق في قلوبنا والضمائر. سنعيد بسمتك موطني، ورضاك، والبركة. سنعيد المداميك، حجراً وبشراً. د. بديع أبو جودة - لبنان