تشهد مدن شمال بابل 120 كلم جنوببغداد التي يطلق عليها "مثلث الموت" أعمال عنف مستمرة، فيما تعجز الاجراءات الأمنية عن السيطرة على تلك الرقعة الجغرافية التي تتبادل التسلط عليها عشائر وميليشيات وجماعات مسلحة مختلفة بالاضافة الى تنظيم"القاعدة"والقوات الاميركية. وقال النقيب مثنى المعموري، من مديرية الشرطة في بابل ل"الحياة"ان مسلحين اطلقوا ليل الثلثاء قذائف على الأحياء السكنية في بلدة الاسكندرية التي تضم خليطاً من السنة والشيعة أدت الى مقتل أربعة اشخاص وجرح 15 آخرين جميعهم من المدنيين. وأضاف ان القذائف مصدرها بلدة جرف الصخر التي تنشط فيها تنظيمات"القاعدة". وأكد"ان الاحداث الدامية التي تواجهها المنطقة تدل بما لا يقبل الشك على ان كل الجهود الحكومية غير قادرة على تهدئة الأوضاع". وأوضح ان"القيادات الأمنية شبه عاجزة عن السيطرة على تلك المدن، والاغتيالات المذهبية أصبحت يومية". وكانت أحزاب شيعية نظمت تظاهرات في أحيائها، ومنها مدينة الاسكندرية تطالب بملاحقة النائب السابق عبد الناصر الجنابي، من مدينة اللطيفية، ويعتقد المعموري ان هذه التظاهرة زادت الاحتقان الطائفي ودفعت جماعات مسلحة الى تنفيذ هجمات الثلثاء انتقاماً. وتحاول القوات الاميركية كسب ود العشائر ومدها بالسلاح لمحاربة تنظيم"القاعدة"وتشكيل مجالس انقاذ، على غرار"مجلس انقاذ الانبار". لكن صراعات محلية واستقطابات سياسية تحول دون انجاح تجربة العشائر هناك. والتقى عمار الحكيم، نجل زعيم كتلة"الائتلاف"الشيعية و"المجلس العراقي الاسلامي"امس عشائر من بلدة المحمودية. ومثلث الموت الذي يربط مناطق جنوببغداد بمحافظة الانبار غرباً وديالى شرقاً يشمل بلدات المحمودية واللطيفية واليوسفية والاسكندرية والمسيب، ومعظمها تقطنها عشائر من السنة والشيعة وشهدت معارك دموية بين الميليشيات والعشائر والجماعات المسلحة، بالاضافة الى"القاعدة"التي نقلت نشاطها الى المنطقة عبر جرف الصخر المحاذية لنواحي اقضية بابل. ويؤكد الشيخ ابراهيم الجنابي، أحد شيوخ العشائر في المنطقة ان"الوضع معقد بشكل كبير، فتعدد الانتماءات وعدم وجود خطاب واضح للعشائر في المنطقة ساعدا تنظيم"القاعدة" والميليشيات على التغلغل وممارسة اعمال القتل والتهجير الطائفي. وشدد على ان تشكيل مجلس انقاذ في المنطقة على غرار مجلسي انقاذ الأنبار وديالى مهمة صعبة بسبب خلافات العشائر المستمرة، على رغم ان هذه الخطوة من شأنها تأمين المنطقة التي تشهد بين الحين والآخر تصعيداً امنياً، مشيراً الى ان المجلس"يجب ان يضم العشائر كلها في مؤتمر مصغر للمصالحة بعد ان عملت"القاعدة"على اتباع استراتيجية فرق تسد". ويصعب التكهن في امكان تشكيل مثل هذا المجلس بسبب الصراع الحاد بين عشائر بلدات"مثلث الموت"، على ما يقول الشيخ ابو حميد الحسناوي، أحد شيوخ عشائر شمال محافظة بابل الذي يؤكد ل"الحياة"ان"طبيعة التكوين العشائري وتعدد انتماءاتها الطائفية حال أكثر من مرة دون إنشاء مجلس الانقاذ"، لافتاً الى ان"بعضها يوالي"القاعدة"وبعضها يوالي الجماعات المسلحة فيما تساند عشائر أخرى الميليشيات". وكثيراً ما يتم اغلاق الطرق المؤدية الى"مثلث الموت"الذي يمثل حلقة الوصل الرئيسية بين العاصمة ومحافظات الجنوب لساعات طويلة، بسبب انفجار سيارة مفخخة او اندلاع اشتباكات، أو لتأمين قافلات الامداد الاميركية القادمة من الكويت، فتشل الحركة بين المدن. الى ذلك يشير مدير مركز القيادة في وزارة الدفاع اللواء عبدالعزيز محمد جاسم الى ان"مثلث الموت"من المناطق الجغرافية المفتوحة، مضيفاً في تصريح الى"الحياة"ان"مواجهة الاضطرابات تتم من خلال فرض حزام أمني حولها وتأمين طريق واحد للخروج والدخول ما يتطلب زيادة عديد القوات الأمنية ووضع نقاط تفتيش ثابتة على الطريق الرئيسي". وفيما يعترف عبدالعزيز بصعوبة تطهير"مثلث الموت"، يرى ان تحقيق ذلك يكون من خلال التعاون مع العشائر لمواجهة العناصر المسلحة وإنشاء"مجلس انقاذ"يمثل حلاً معقولاً .