يحمل انضمام المهاجم الدولي لكرة القدم تييري هنري إلى برشلونة الإسباني "تبديلات" في الحياة والأسلوب، على رغم أن النجم الفرنسي ينتقل من نادٍ كبير آرسنال الإنكليزي إلى نادٍ كبير آخر. غير أن دوره سيكون"محورياً"بين كوكبة من النجوم بعدما إتقن العزف المنفرد في صفوف تشكيلة مواطنه أرسين فينغر. وباختصار ستكون المرحلة المقبلة إعادة خلط أوراق لتوزيع مهام اللعب من جديد. ولن يشكّل دخول هنري"حقبة برشلونة"تغييراً عادياً، باعتبار أن اللاعب الأسمر"صاحب قامة"دولية بارزة، وسيبدأ مسيرته في 20 تموز يوليو الجاري مع النادي الكاتالوني في أتم نضوجه، بعدما بلغ الحادية والثلاثين. إنتقل هنري إلى برشلونة، بعدما أمضى ثمانية مواسم"غنية"مع"المدفعجية"، فخاض 370 مباراة في صفوفهم وسجل 226 هدفاً. وبات بفضل خياره الجديد من الذين لعبوا في أربع بطولات رئيسة فرنسا، إيطاليا، إنكلترا ثم إسبانيا. غيران المرحلة المقبلة تحفّز على المقارنة، بين أحوال هنري المنتظر، في"برسا"وتلك التي عاشها في آرسنال. سيتوجه هنري إلى المران الصباحي في ستاد"نيوكمب"مستقبلاً السماء الصافية عموماً والشمس المشرقة، بعيداً من أجواء لندن المكفهرة، لكنه سيتفقده جانباً من الهدوء والسكينة. ففي برشلونة يتدخّل المناصرون في كل شيء ويتطفّلون على حياة نجومهم الشخصية. وسيسأم هناك من الأسئلة المتكررة والإلحاح الخانق، و"معزوفة"كيف تسير الأمور ميدانياً إلى جانب رونالدينيور وصامويل إيتو؟! وإذا كان هنري نجح في تفادي الصحافة الإنكليزية الصفراء، فقد وقع من دون شك في"كمّاشة"أضواء الإعلام الإسباني. في المقابل، لن تختلف عليه وتيرة الاستعداد وخوض مباراة كل ثلاثة أيام، ونشدان إحراز لقب الدوري ودوري أبطال أوروبا. انها الأهداف ذاتها، لكن أهل برشلونة لا يتقبّلون تقلّب المستوى والنتائج. وعليه ان يتحضّر نفسياً وذهنياً لصخب"نيوكمب"العملاق باعتبار أن البرودة لا تزال تسري في مفاصل ستاد الإمارات المعقل الجديد لآرسنال، ولم تدخله روح الحماسة كما يجب التي لا تزال ذكرياتها معشعشة في أروقة ملعب"هايبري"حيث صال النجم الفرنسي وجال. ويحتفظ هنري بذكريات عزيزة إلى قلبه، وبعلاقة وطيدة مع فينغر إذ يعتبره مرشده ورفيقه أكثر منه مدربه، على رغم رفض الأخير أحياناً انخراطه مع المنتخب الفرنسي في مناسبات هامشية. صفات لن تترجم سريعاً إلى تناغم صار مع الهولندي فرانك رييكارد. لكنه يكنّ له احتراماً وتقديراً ومعجب بعطائه وإنجازاته لاعباً، ما قد يسهّل التفاهم بينهما وترجمة الخطط بفعالية، علماً أن هنري سيبتعد عن"مركز المغرّد"أو رأس الحربة الذي كان يشغله أحياناً في صفوف آرسنال أو مع"الديوك الزرق". لذا، فإن تحركه سيكون مدروساً دائماً ومحسوباً عليه ويوظّف في مصلحة"برسا"إلى جانب رونالدينيو وإيتو. والمطلوب طبعاً عطاء فاعل من ضمن التحدي والرهان، خصوصاً انه على مشارف مرحلة الضمور، بعدما تخطّى سن الثلاثين، والمهاجمون"يشيخون"قبل لاعبي خط الوسط بقليل لعوامل عدة ومنها نسبة تعرضهم للإصابات، والتقدم في العمر يفقد المرء السرعة. لذا يُطرح سؤال"خبيث"، هل تخلّص آرسنال من مهاجم عجوز؟ ويزيد من التساؤل أن سعر الصفقة ويعادل ما أُنفق لانتقال مواطنه فرانك ريبيري من مرسيليا إلى بايرن ميونيخ. غير أن النادي الكاتالوني يُدرك جيداً انه لا يستثمر في التعاقد مع هنري، فقد لا يستطيع إعادة بيعه بعد موسمين أو ثلاثة. الدور والأهداف وفي إطار الدور الذي سيُرسم له لن يكون هنري قائد برشلونة، بل تنتظره"فقط"مهمة كبيرة ومسؤولية ثقيلة، وفرت له مزايا الحوافز والراتب ذاتها 161 ألف يورو أسبوعياً، لكن نسبة الضرائب أقل ومعدل المعيشة أرخص في إسبانيا. في سياق متصل، ينظر مراقبون للصفقة بأنها ترجمة للمشروع الرياضي الجديد في النادي الكاتالوني، فهنري هو اللاعب ال 29 الذي تعاقدت معه إدارة الرئيس خوان لابورتا، الذي أنفق 161 مليون يورو على شراء لاعبين في غضون أربع سنوات، ويأمل أن تؤثر أناقة الفرنسي ولياقته في زملائه والمناصرين، وتجعل مزاياه رييكارد مطمئناً إلى هدوء وسكينة في التشكيلة. فلن يكون مُجبراً بعد الآن على تقديم تبريرات لأي نجم يُركنه على مقاعد الاحتياط. واللاعب الفرنسي متقبّل لهذه الخطوة"لأن المهم هو حصد برشلونة الألقاب". والمدرب الهولندي يفضل طريقة 4-3-3 وزجّ نجومه رونالدينيو، هنري، إيتو والأرجنتين ليونيل ميسي دفعة واحدة، يتطلّب تحرير مركز في خط الوسط للاعب البرازيلي. في 22 حزيران يونيو الماضي، دخل ال"روك ستار"هنري رسمياً ستاد نيوكمب، كتاسع فرنسي ينضم إلى"برسا"في العصر الحديث، وحيّا 32 ألف مشجع وأحيط ب250 صحافياً ومندوباً من 103 وسائل إعلامية، استقبال حار لم يلق مثله رونالدينيو. إرتدى هنري الغائب على الملاعب منذ آذار مارس الماضي بداعي الإصابة، وهي أطول فترة تعافي ونقاهة منذ احترافه، قميصه الاعتيادي الرقم 14. رقم يذكّر"الكاتالونيين"بحامله في المنتخب الهولندي"الطائر"يوهان كرويف، المنتمي بالقلب والروح لناديهم العريق، ويأملون أن يكون"الفرنسي هنري"على صورته ومثاله.