تحول الفرنسي تيري هنري الى ايقونة في عيون جماهير نادي أرسنال يوم قاده الى لقب «البريمييرليغ» وكأس انكلترا في مناسبات عدة. لكن مع لمستين للكرة بيده أمام ايرلندا قبل أن تسجل فرنسا هدف التعادل في شباك الحارس شاي غيفين اختلفت نظرة الجماهير. السؤال الآن هو هل تيري هنري بطل أم مخادع؟ يجدر بالجميع أن يذكر أن المهاجم الفرنسي ليس رجلاً مثالياً، فهو وبّخ الحكم غراهم بول بعد هزيمة أرسنال أمام نيوكاسل (1-3) عام 2001، كما انتقد بشدة البرازيلي رونالدينيو والكاميروني صامويل ايتو بعد نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2006، ثم في المباراة نفسها تعرّض لقلب دفاع الفريق الكاتالوني كارلس بويول من دون كرة. في الحقيقة بدأت تصرفات هنري تختلف منذ أن فقد أرسنال هيمنته على قمة الدوري الإنكليزي، وهو تحدث رداً على ذلك بالقول عام 2005 «الناس تتحدث عن تصرفاتي ولغة الجسد، أنا أعلم أنه في بعض الأحيان تكون التصرفات مؤلمة، لكن ذلك فقط لأنني أريد الفوز». ولد تيري هنري في ضاحية صعبة في باريس عام 1977، وظهر بعدها نجماً في فرنسا وإنكلترا والعالم، إذ بدأ مسيرته محترفاً تحت قيادة المدير الفني ارسين فينغر في فريق موناكو، وحاز جائزة أفضل لاعب شاب في فرنسا عام 1996، ثم ساعد الفريق في الفوز باللقب الفرنسي موسم 1996-1997، وشارك في دوري أبطال أوروبا الموسم الذي بعده مباشرة، ثم سجل 3 أهداف ليلعب دوراً في فوز فرنسا بكأس العالم 1998. في كانون الثاني (يناير) عام 1999 انتقل إلى يوفنتوس الإيطالي، إذ أشركه الإيطالي كارلو انشيلوتي جناحاً فلم يترك أي بصمة مع «السيدة العجوز» ليتحول إلى العاصمة الإنكليزية لندن في آب (أغسطس) عام 1999 في مقابل 10.5 مليون جنيه، ويلتحق بمدربه الذي أحب ارسين فينغر من جديد. فشل تيري هنري في التسجيل خلال أول 8 مباريات في إنكلترا، يومها قيل إن «الثعلب» فينغر دفع مبلغاً كبيراً للاعب عادي، لكن هنري سجل هدف الفوز في شباك ساوثهمبتون (1-0) في أيلول (سبتمبر)، ثم سجل الهدف الثاني في شباك ايك السويدي في دوري أبطال أوروبا، ثم صام عن التهديف في 7 مباريات متتالية. لكن ماكينة التهديف عند هنري عملت بشكل ممتاز، إذ سجل 19 هدفاً في النصف الأول لعام 2000، قبل أن يلعب دوراً كبيراً في فوز فرنسا بلقب كأس أمم أوروبا عام 2000. وفي الموسم الثاني 2000-2001 سجل الكثير من الأهداف، لكن في نهاية الموسم خرج الأرسنال خالي الوفاض، وعام 2001-2002 كان العام المنشود، إذ سجل 32 هدفاً في جميع المناسبات، وقاد أرسنال للفوز باللقب، ثم تمكّن من قيادة الفريق للفوز على تشلسي في نهائي كأس إنكلترا (2-صفر). وفي العام التالي حافظ أرسنال على لقبه بكأس إنكلترا بعد الفوز على ساوثهمبتون (1-0) في النهائي، كما حلّ خلف زين الدين زيدان في المركز الثاني على لقب أفضل لاعب في العالم. لا يمكن القول عن موسم 2003-2004 إلا موسم تيري هنري، إذ انتزع لفريقه لقب الدوري من دون أن يتلقى أي هزيمة، وسجل 39 هدفاً في الموسم، إضافة إلى تميز هائل إلى جانب الهولندي دينيس بيرغكامب ومواطنيه روبير بيريس وباتريك فييرا. لكن مع نهاية الموسم حلّ هنري ثانياً خلف البرازيلي رونالدينيو على جائزة أفضل لاعب في العالم للمرة الثانية. وفي عام 2004-2005 سجل هنري 31 هدفاً، لكنه خسر الدوري لمصلحة تشلسي وغاب عن نهائي الكأس الذي فاز فيه «المدفعجية» على حساب مانشستر يونايتد بركلات الترجيح. الموسم التالي أيضاً خسر أرسنال أمام تشلسي صراع الدوري، وحاول أن ينهي انتظار مدربه فينغر للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، لكن أرسنال خسر أمام برشلونة (2-1) في النهائي، لكنه مدد عقده مع الفريق 4 سنوات إضافية مع الفريق.لكن نهاية عام 2006-2007 كانت حاسمة، لأن هنري حزم حقائبه وانتقل إلى برشلونة لينهي مسيرة حافلة مع الفريق اللندني العريق. خلال عامه الأول في إسبانيا لم يصب النجاح الكبير مع المدير الفني الهولندي فرنك راييكارد، لكنه صار عنصراً أساسياً في تشكيلة المدير الفني اليافع بيب غوارديولا إلى جانب صامويل ايتو وليونيل ميسي وعرفوا بالهجوم الناري، فانتزعوا ثلاثية نادرة (الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا) فعرف الفريق الكاتالوني بأنه الأعظم على مر العصور. الآن هنري بعمر (32 عاماً) لا يضمن مكاناً أساسياً في تشكيلة برشلونة لموسم 2009-2010، كما أن علاقته ليست مثالية مع المدير الفني الفرنسي ريمون دومينيك. عدد من النجوم أفلوا بعدما قلت موهبتهم فتحولوا من الأضواء إلى الظلمات، ولكن دعونا نترك عاصفة يده التي غشت ايرلندا ونتذكر أيام تيري هنري الجميلة وأنه في يوم من الأيام كان بطلاً.