ساد امس هدوء حذر مخيمي نهر البارد والبداوي للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، اذ لم يشهد الاول سوى قصف متقطع هو امتداد للمواجهات القائمة منذ 42 يوماً بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم"فتح الاسلام"، في حين نجحت الاتصالات الفلسطينية - الفلسطينية والفلسطينية - اللبنانية في المخيم الثاني في تأمين تشييع هادئ للضحيتين اللتين سقطتا جراء اطلاق النار الذي سجل اول من امس، خلال تظاهرة لنازحي نهر البارد في مخيم البداوي حاولت تجاوز نقطة امنية للجيش اللبناني. واتخذ الجيش المزيد من الاجراءات الميدانية في مناطق سيطرته في مخيم نهر البارد في سياق تشديد الحصار على المخيم، خصوصاً ان كل المبادرات الساعية الى حل سلمي لمشكلة المخيم وصلت الى حائط مسدود، ما رفع اسهم خيار الحسم العسكري واحتمال خروج من تبقى من المدنيين داخل المخيم سواء في المربع الآمن او في غيره. وكان ممثل"حركة الجهاد الإسلامي في لبنان"أبو عماد الرفاعي اعلن امس، ان"كل المبادرات من أجل حل ازمة مخيم نهر البارد وصلت إلى حائط مسدود"، مستبعداً"دخول قوة أمنية من الفصائل الفلسطينية لحسم المعركة مع تنظيم شاكر العبسي". وقال:"ما زلنا نترك الأبواب مفتوحة وربما يطرأ شيء جديد من الجيش أو الحكومة اللبنانية، وفي غياب الحل السياسي يبقى الخيار العسكري هو المرجح، وعندئذ ندعو من تبقى من سكان المخيم إلى الخروج". وأشار إلى أن"الجيش مصرّ على نقطتين في حال عدم تسليم العبسي وعناصره أنفسهم للجيش وهما الحسم العسكري أو حسم المعركة من خلال الفصائل الفلسطينية"، وأوضح أن"الساعات المقبلة ستشكل الخطوات المفصلية لهذه الأزمة". وكانت فرق من الجيش وقوى الأمن الداخلي مشطت أحراج بلدات فيع، قلحات وبترومين لاشتباهها بوجود أحد عناصر"فتح الاسلام"يتجول فيها. ونعت قيادة الجيش - مديرية التوجيه المعاون الاول علي محمد عكوش مواليد 1978 السعودية الذي"استشهد أثناء قيامه بواجبه العسكري في منطقة الشمال"، وشيع امس، العريف الشهيد جورج اسعد نعمة، في مسقط رأسه بلدة حرف ارده - زغرتا. وشيع أهالي بلدة الخرايب الجندي الشهيد علي عكوش الذي قضى في معارك مخيم نهر البارد أيضاً. وحضر التشييع ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس المكتب السياسي في حركة"أمل"جميل حايك. مخيم البداوي وخيمت اجواء من الحذر على مخيم البداوي قبيل تشييع الضحيتين محمد الجندي وحسام محمد مزيان اللذين سقطا أمس أثناء تظاهرة سكان مخيم نهر البارد، وسارعت الفصائل الفلسطينية والفاعليات في المخيم الى تكثيف الاجتماعات مع فاعليات المخيم. واتفق على التزام المشاركين في التشييع اقصى ضبط النفس، فيما تولت القوى الامنية من الفصائل واللجان الشعبية من المخيمين ضبط الامن خلال الجنازتين ودفنت الضحيتان في المقبرة التابعة لمخيم البداوي لتعذر دفنهما في مقبرة نهر البارد. وتنفيذا لهذا الالتزام، اقيمت الصلاة ظهراً على الجندي في مسجد زمزم، وحمل جثمانه على الأكف وسط اجواء هادئة، في حضور حشد من ابناء مخيمي البارد والبداوي، فيما اقيمت الصلاة على مزيان عصراً في جنازة مماثلة. وعقدت لجنة المتابعة اللبنانية - الفلسطينية في البداوي ووادي النحلة اجتماعاً في مركز البلدية قبل الظهر وخلصت الى تاكيد"الدور الوطني والشرعي لمدينة البداوي ووادي النحلة باحتضانهم لأكثر من ستة آلاف نازح من الاخوة من مخيم نهر البارد"، وتمنت"على القوى الامنية ضبط الوضع ومنع العابثين من الاساءة إلى الشعبين الشقيقين ومحاسبتهم". واذ اكدت"حسن الجوار وأن لا مصلحة لأحد في اشعال نار الفتنة بين الشعبين"، طالبت ب"حصر المشكلات الفردية ضمن اطارها على ان تعالج من خلال الجهات الامنية المعنية". وشددت اللجنة"على دور أئمة وخطباء المساجد في بث روح الاخوة". كما عقد ناشطون وممثلون لهيئات المجتمع المدني مؤتمراً صحافياً، في مقر النجدة الشعبية في مخيم البداوي، تحدث فيه عدد من الاشخاص الذين تعرضوا لاصابات اثناء الاحداث التي شهدها المخيم امس. ولفت أمين سر"لجنة حق العودة للشعب الفلسطيني"في لبنان يوسف حمدان الى"ان الاتفاق الذي كان قائماً بين اللجان والفصائل والجهات الداعية إلى تظاهرة اول من امس كان ينص على اساس أن تبقى التظاهرة داخل حدود المخيم"، مشدداً على"ان ما حصل يجب ألا يتكرر ثانية". وذكر محمود حليمة، أحد الذين اصيبوا ان التظاهرة كانت"تعبيراً سلمياً، ولم يكن احد فيها يحمل سلاحاً او سكيناً او عصا"، مشيراً الى ان التظاهرة لم تكن لدعم"فتح الاسلام". أما سليم شما الذي اصيب في يده ورجله اليسرى فذكر ان"اشخاصاً مجهولين اطلقوا النار باتجاه الجيش والمتظاهرين لافتعال المشكلة وتوتير الاجواء"، ملقياً المسؤولية في ما حصل امس على المشرفين والمنظمين الذين دعوا الى التظاهرة، والذين"كان عليهم اغلاق مداخل المخيم والتحكم بمسار التظاهرة". زكي: عدو من يربك الجيش وفي مجدليون، اجتمعت النائب بهية الحريري مع ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي يرافقه وفد من فصائل المنظمة ضم خالد عارف عن حركة"فتح"، وعلي فيصل وأبو النايف عن"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"ومروان عبد العال عن"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"وصلاح اليوسف عن"جبهة التحرير الفلسطينية"وسمير سنونو عن"الجبهة العربية"وغسان ايوب عن"حزب الشعب"ومنيب حزوري عن"جبهة النضال الفلسطيني"وأبو علي طانيوس عن"الكفاح المسلح"الفلسطيني. وصرح زكي بالقول:"ان ما حدث خلال المسيرة التي انحرفت عن مسارها في البداوي، وما جرى من اطلاق نار وفوضى، نقول صحيح هناك عواطف واندفاعات شباب، ولكن على الجميع أن يعرف أنه مهما كانت القوى التي تقف وراء التحريض أو التوغل في الاساءة إلى العلاقة بيننا وبين الشعب اللبناني، فنحن نؤكد مرة أخرى أننا مع الجيش، وكل من يربك هذا الجيش الذي هو في مهمة يجب أن ينتصر فيها، ندرجه في خانة العداء وأنه عدو للفلسطينيين وعدو أيضاً للبنانيين وبالتالي نناشد شعبنا من هذا المكان وكل أخواننا في لبنان، لبنانيينوفلسطينيين، أن يفوتوا الفرصة على الذين بعد أن فشلوا في تطيير الشظايا لاشعال الفتنة في لبنان، عادوا مرة أخرى لخلق شرخ بيننا وبين رفاق الخندق المشترك وهو جيش لبنان الذي يمثل وحدة لبنان وسياجه وشعب لبنان الذي نتمنى له كل تقدم وكل تنمية وكل ازدهار وتجاوز محنته الراهنة". اما النائب الحريري فأكدت"ان اللقاء هو ضمن التواصل للتشديد على قدسية القضية الفلسطينية وإزالة كل الشوائب التي يمكن أن تشوه هذه القضية المقدسة بالنسبة الينا، لبنانيينوفلسطينيين، وتدارك كل أنواع الانجرار الى أي نمط يؤدي الى الدم الذي نعتبره خطاً أحمر سواء كان فلسطينياً أو لبنانياً، ونتمنى أن ننتقل من هذه المحنة بالدعم الكامل للجيش والقوى الأمنية اللبنانية المسؤولة الوحيدة عن أمن اللبنانيينوالفلسطينيين، الى مرحلة انماء المناطق التي عزلت واستوطن فيها كل أنواع البؤس والفقر والبطالة". وزار الوفد الفلسطيني المكتب السياسي لحركة"امل"في بيروت والتقى رئيس المكتب السياسي جميل حايك والنائب علي حسن خليل وعدداً من اعضاء المكتب السياسي. وأعلن زكي انه"في بيته الثاني في مكتب حركة"امل"، مثنياً على"دور الرئيس نبيه بري الوطني والعربي، وهو الحريص على كل ما يجمع ويوحد الصف والكلمة لمواجهة ما يحاك للمنطقة". وأعرب"عن امله في ايجاد نهاية سريعة لفتح الاسلام"، مثنياً على"دور الجيش اللبناني". وشدد حايك على ان"قوة لبنان عنصر اضافي لقوة فلسطين، التي هي قوة للعرب في مواجهة المشروع الاسرائيلي". وكان الرئيس بري اجرى سلسلة اتصالات اول من امس، مع الفصائل الفلسطينية وقيادة الجيش وقيادات شمالية واصفاً الوضع بأنه خطير للغاية ومحذراً من انتقال التوتر الى اماكن اخرى. ودعا الى احتضان الجيش اللبناني سياسياً. وتابعت الحملة الشعبية السعودية توزيع مساعداتها على النازحين والمتضررين من احداث نهر البارد، وتعاونت مع"تجمع ابناء عكار"على توزيع الخبز في مختلف مناطق طرابلس.