كشفت كبرى الصحف الإسرائيلية "يديعوت أحرونوت" أمس أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت بعث، بعد أن تلقى إذناً رسمياً من الرئيس جورج بوش، برسائل سرية الى الرئيس بشار الأسد أبلغه فيها أنه "يعرف ما هو ثمن السلام مع سورية ومستعد لدفعه". وتابعت أن معنى هذه الرسالة أن إسرائيل مستعدة للانسحاب الكامل من الجولان المحتل، لكن في مقابل شروط سياسية، فضلاً عن الشروط الأمنية المتشددة التي سبق أن عرضتها، وتقضي أساساً بقطع التحالف السوري مع إيران ومع"التنظيمات الإرهابية". وأضافت أن الرئيس السوري لم يرد بعد على الرسالة الإسرائيلية"لكن أولمرت يرى أن الكرة الآن في الملعب السوري". ووفقاً لمصادر في مكتب رئيس الحكومة، فإن أولمرت أوضح لناقلي الرسائل الى الأسد أن إسرائيل تشترط لاستئناف المفاوضات أن تكون"مباشرة بلا وسطاء وبلا شروط مسبقة". وتابعت الصحيفة أن أولمرت استغل اتصالاً هاتفياً أجراه معه بوش قبل شهرين لتهنئته لمناسبة"استقلال إسرائيل"وولادة حفيدة جديدة، ليبلغه قراره فحص ما إذا كان ممكناً استئناف الاتصالات السياسية مع دمشق،"بعد أن انعدمت فرص تحقيق تقدم على المسار الفلسطيني". وأضافت أن بوش أعطى الضوء الأخضر لرئيس الحكومة الإسرائيلية، موضحاً أن اسرائيل دولة ذات سيادة، وأن الولاياتالمتحدة لن تقف حجر عثرة في حال تبين أن الظروف نضجت لاستئناف المفاوضات مع سورية. وجاء في التفاصيل أيضاً ان أولمرت، وعبر زعيمي المانيا وتركيا ومستشاريهما لشؤون الاستخبارات والأمن، نقل سراً بعض الرسائل الى الرئيس السوري مفادها"انني شريكك في صنع السلام بين بلدينا، وأعرف أن اتفاق السلام مع سورية يستدعي إعادة هضبة الجولان الى السيادة السورية، وأنا مستعد أن أقدم الجزء المطلوب منا في هذه الصفقة من أجل السلام بيننا، واريد في المقابل أن أسمع منك هل ستكون سورية مستعدة في مقابل انسحاب إسرائيلي من هضبة الجولان لتقديم حصتها: ان تفكك على مراحل تحالفها مع إيران وحزب الله ومنظمات الإرهاب الفلسطينية، وتوقف تمويل الإرهاب وتشجيعه". وزادت الصحيفة أن مستشاري أولمرت يقدرون أن لديه القوة السياسية اللازمة لتنفيذ ما حاول تنفيذه من غير نجاح، ثلاثة رؤساء حكومة سابقون اسحق رابين وشمعون بيريز وبنيامين نتانياهو: التوصل الى اتفاق سلام مع سورية. ويضيف المستشارون أنه في حال أبدت سورية استعداداً لفك تحالفها مع إيران، فإن معظم الإسرائيليين سيؤيد الانسحاب. غالبية الإسرائيليين ضد الانسحاب لكن استطلاعاً جديداً للرأي نشرت نتائجه صحيفة"معاريف"أمس أفاد أن 84 في المئة من الإسرائيليين يعارضون انسحاباً كاملاً من الجولان في مقابل السلام مع سورية 44 في المئة يعارضون الانسحاب من أي جزء من الجولان، وأن 74 في المئة لا يصدقون تصريحات الرئيس السوري أنه معني بالسلام. وتوقع 37 في المئة حرباً قريبة بين إسرائيل وسورية، واستبعدها 50 في المئة. وقال 76 في المئة إن إسرائيل ستنتصر في هذه الحرب في مقابل 4 في المئة توقعوا انتصاراً سورياً. مجرد مناورة؟ وتباينت ردود الفعل الاسرائيلية على الخبر الذي انفردت به"يديعوت احرونوت"، ورأت أوساط حزبية وإعلامية واسعة ان اولمرت يروج لخطوة سياسية يعرف جيداً انه ليس قادراً على اتخاذها حيال وضعه الداخلي المأزوم، لكنه يفعل ذلك ليبرر لمعارضيه بقاءه على كرسي رئيس الحكومة. وقال القطب في حزب"كديما"الحاكم الوزير مئير شيتريت للاذاعة العبرية أمس انه يستغرب الحديث عن الثمن الذي ستدفعه اسرائيل في مقابل السلام مع سورية قبل انطلاق المفاوضات. وأضاف انه شخصياً يؤيد إعادة الجولان كله شرط تأجيره لاسرائيل لمدة 25 سنة"يتم خلالها التأكد من النيات السلمية لسورية"، وفي حال تبين انها صادقة تتم إعادة الجولان مع انتهاء فترة الاستئجار. وقال نائب رئيس الحكومة زعيم حزب"شاس"الديني الشرقي ايلي يشاي ان الزعيم الروحي للحركة الحاخام عوفاديا يوسف ما زال يؤمن بمبدأ"الأرض في مقابل السلام"من أجل عدم هدر دم يهودي واحد، وأنه من هذا المنطلق سيؤيد الانسحاب من الجولان"لكن فقط بعد أن تتأكد اسرائيل من النيات السورية". وأضاف انه طالما تصر سورية على التحالف مع ايران ومحور الشر، فلن يكون ممكناً التوصل الى أي اتفاق سلام. وقال وزير الخارجية السابق النائب سلفان شالوم ليكود ان"الملف السوري ملف استراتيجي"، لكن ليس من الحكمة الخوض فيه الآن"فيما سورية تدعم الارهاب وتؤوي تنظيمات ارهابية". وأضاف ان الحديث عن"استئجار"الجولان بعد الانسحاب منه ليس واقعياً. واستهجن شالوم تصريح زعيم حزبه، رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو بأن الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد وافق على وجود اسرائيلي في جبل الشيخ بعد الانسحاب الاسرائيلي من الجولان. واضاف انه لم يسمع من قبل عن موافقة كهذه"بل السؤال هو هل وافق نتانياهو على الانسحاب الكامل من الجولان في مقابل وجود اسرائيلي في جبل الشيخ؟". نتانياهو وجبل الشيخ وكان نتانياهو قال في مقابلة اذاعية انه عندما كان رئيساً للوزراء 1996 - 1999، وافق الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد خلال مفاوضات سرية معه على التنازل عن جبل الشيخ. وأضاف انه اشترط مسبقاً إبقاء جبل الشيخ بيد اسرائيل لمواجهة تهديد ايراني محتمل على اسرائيل. وزاد ان الرئيس السوري الراحل"اعطاني اشارة بالموافقة. وأنا لم أصدق الأمر وسررت كثيراً بنجاحي في إقناع الاسد بالتنازل عن جبل الشيخ لاسرائيل". وهاجم نواب اليمين المتشدد رئيس الحكومة على ما نسب إليه في"يديعوت احرونوت"، وقال الوزير أفيغدور ليبرمان ان معادلة"الأرض في مقابل السلام"ليست مقبولة لديه في الملف السوري، في حين قال النائب من حزب"مفدال"الديني المتطرف زفولون اورليف ان"اولمرت مستعد لبيع الجولان في مقابل البقاء على كرسيه". من جهته، اعتبر المدير العام السابق لوزارة الخارجية، رئيس"الحركة من أجل السلام مع سورية"ألون رائيل رسائل اولمرت السرية"موقفاً مثيراً للاهتمام بل دراماتيكي"، مضيفا ان الكرة الآن في ملعب الرئيس الأميركي"الذي ترى فيه سورية العنوان الأهم لانطلاق مفاوضات مع اسرائيل لادراكها ان موافقة اميركية ستعني فك الحصار الدولي عنها". وزاد انه في حال تحقق الأمر"سيكون ممكناً الحديث عن إمكان فك التحالف بين دمشق وطهران". الى ذلك، وعلى رغم الحديث عن حشود عسكرية اسرائيلية وسورية مكثفة على الحدود بين الجانبين، أفادت صحيفة"هآرتس"ان اسرائيل لن تطالب الأممالمتحدة بادخال تغييرات في القوات الدولية في هضبة الجولان المتوقع تمديد التفويض لها نهاية الشهر الجاري. ونقلت الصحيفة عن محافل سياسية ان اسرائيل لا تنوي طلب تعزيزات عسكرية للقوات الدولية في هضبة الجولان، مضيفة ان اسرائيل لا تبذل في المقابل أي جهود ديبلوماسية، خصوصا من أجل منع وقوع مواجهات محتملة مع السوريين.