لم تعد "موضة" شراء الأندية الانكليزية تستند على "نبالة" المليونير المشتري، بقدر ما هي محسوبة بالأرقام التي يتألف منها حسابه المصرفي، وهذا ما راهن عليه رئيس الوزراء التايلاندي ثاكسين شيناواترا، عندما دفع اكثر من 21 مليون جنيه من ثروته لشراء حصة بلغت نحو 55 في المئة من نادي مانشستر سيتي، في اليوم الذي أصدرت فيه محكمة تايلاندية قراراً بمحاكمته بتهمة الفساد خلال فترة حكمه. شيناواترا يدرك ان الانكليز ومشجعي مانشستر سيتي خصوصاً لا يكترثون بما يدور في حياته الخاصة، وما ان كانت الطريقة التي جنى بها ثروته شرعية أو قانونية، أو بماضيه الأسود في سجل حقوق الانسان خلال فترة رئاسته للوزراء من 2001 حتى الصيف الماضي، عندما أقصي بانقلاب عسكري، لكنهم يتوقون لقدوم رجل ثري، أي رجل ثري، يضخ ملايينه في الفريق، على غرار ما حصل مع جماهير تشلسي ومالكهم الروسي رومان ابراموفيتش. الحديث دائماً ينصب على رجل يعشق النادي وتاريخه الكروي، عندما يتعلق الأمر بمالك جديد، لكن في الواقع تتغير الحال بمرور الوقت، فمانشستر سيتي الذي أمضى العقود الماضية في ظل الجار العملاق مانشستر يونايتد، عانى قبل اكثر من عشر سنوات، وواجه صعوبات مادية متأزمة، حتى جاءهم المنقذ، ابن النادي البار ونجمه في السبعينات فرانسيس لي، الذي وعد بإنفاق الملايين لرفع مستوى الفريق وجعله من المنافسين على الالقاب المحلية، لكن بمرور الوقت اتضح ان لي تحول من نجم كروي سابق الى رجل اعمال ماهر، نجح في"حلب"النادي بمشاريع تجارية مربحة اكثر منها كروية ناجحة. اليوم يدرس الاتحاد الانكليزي لكرة القدم وسائل لوضع حد لاستغلال ملاك الاندية تجارياً، وإفادة الفرق بما يمنع الاستغلال الفاضح، لكن هذا لن يردع الملاك الجدد، والقانون لن يوقفهم، ومن السذاجة ان يعتقد عشاق اللعبة ان الاثرياء الاميركان والاوروبيين والشرق آسيويين يستثمرون ثرواتهم لسواد عيونهم، حتى وان كانوا من خامة الروسي ابراموفيتش، الذي ضخ مئات الملايين على تشلسي، لكنه في النهاية حصل على مبتغاه في غسل اموال مشكوك في شرعيتها. الاندية بدأت تتقبل ان الرئيس الجديد هدفه المكاسب المادية، ففي الاعلان الذي نشره مانشستر سيتي على موقعه مؤكداً اتمام صفقة شراء رئيس الوزراء التايلاندي السابق النادي، خلا من كلمات الفخر والكبرياء والامل في مقارعة الجار مانشستر يونايتد على زعامة الكرة الانكليزية، وكذلك من ماضي شيناواترا الفاضح، لكن اداريي النادي اكتفوا بالقول في اعلانهم:"يمثل عرض شيناواترا فرصة ذهبية لحاملي الاسهم في النادي، لتحويل استثماراتهم الى ارباح كبيرة"، ما يلخص بوضوح ما وصلت اليه اللعبة في انكلترا، حتى ان غالبية جماهير النادي اعلنت عن فرحتها العارمة، وكأنما جاءهم المنقذ المنتظر، متناسين او مهملين سؤاله عن الوسيلة التي جمع بها ثروته، وعن سبب اطاحته من منصبه بالقوة العسكرية.