تلتقي الدول الكبرى وأبرزها الصينوالولاياتالمتحدةوفرنسا ودول افريقية ومنظمات دولية للمرة الأولى الإثنين في باريس لتدفع قدماً الجهود الهادفة إلى وقف النزاع الدموي في دارفور. وتشارك وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي تدين بلادها "الابادة" الجارية في هذا الاقليم غرب السودان، في هذا الاجتماع الذي اعتبر السودان انه ينعقد "في وقت غير مناسب". وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة ان"هذا الاجتماع ينعقد عند مفترق طرق، فيجب تطبيق ما هو متوافق عليه""واعطاء دفع الى الأمام"لجهود السلام. وبعد شهور من الضغوط الديبلوماسية، وافق السودان في 12 حزيران يونيو بلا شروط على نشر قوة مختلطة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور قوامها 20 ألف جندي وشرطي لتحل مكان القوة الافريقية الحالية في دارفور المؤلفة من سبعة آلاف جندي لا يتمتعون بالامكانات اللازمة. ومنذ بداية النزاع في دارفور في شباط فبراير 2003، قتل نحو 200 ألف شخص بسبب الحرب وعواقبها ونزح اكثر من مليونين آخرين بحسب تقديرات لمنظمات دولية ترفضها الخرطوم التي تتحدث عن تسعة آلاف قتيل فقط. وتسعى هذه المجموعة الجديدة حول دارفور التي تشمل هذه المرة نحو 20 دولة ومنظمة دولية، إلى التوصل إلى نتائج ملموسة على عكس المبادرات الفردية وغير المنسقة العديدة التي لم تثمر. وقال أحد الديبلوماسيين ان"الهدف هو ليس أن نحل مكان الجهود التي بذلت سابقاً، لكن ضم جهود جديدة اليها". وسيتطرق المشاركون وبينهم الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى أربعة محاور هي اعادة اطلاق العملية السياسية والوضع الانساني والامني واعادة بناء المناطق التي تأثرت بهذه الأزمة وبتبعاتها الاقليمية. ولم يشأ الاتحاد الأفريقي أو جنوب افريقيا المشاركة. وقال ديبلوماسيون في الاتحاد الأفريقي ان المنظمة استاءت لعدم استشارتها مسبقاً قبل الاعلان عن هذا الاجتماع. وتشكل مشاركة الصين إلى جانب الولاياتالمتحدة تطوراً بحد ذاته باعتبار أن البلدين تواجها حول هذا الملف. وكانت واشنطن المستاءة من بطء التحرك السوداني إزاء المسألة هددت، تحت ضغط الرأي العام الاميركي، بفرض عقوبات جديدة على الخرطوم قبل أن تقرر الخرطوم القبول بقوة حفظ سلام مشتركة. أما الصين التي تستورد 60 في المئة من النفط السوداني وتدافع عن الخرطوم في مجلس الأمن الدولي، فاعتبرت أن هذه العقوبات المفروضة من جانب واحد من شأنها أن"تجعل عملية البحث عن حل اكثر تعقيداً". ومنذ وصول الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي ووزير خارجيته برنار كوشنير إلى السلطة، أصبح إقليم دارفور إحدى"اولويات"باريس. وسيستقبل ساركوزي المشاركين الاثنين في باريس. وفضلا عن وصف الوضع في دارفور بأنه"حالة طارئة"، تخشى باريس من انتقال النزاع الى شرق تشاد وشمال شرقي افريقيا الوسطى وهما مستعمرتان سابقتان تدعمهما عسكرياً. ويقول تحالف المنظمات الأميركية"انقذوا دارفور"إن الصينوالولاياتالمتحدةوفرنسا هي الدول الأكثر قدرة على الضغط على السودان، ودعاها الى العمل معاً"لوضع حد لهذه المأساة". وتزامناً مع هذا الاجتماع، تتفاوض فرنسا مع نجامينا حول نشر قوة أوروبية في شرق تشاد لمساعدة نحو 230 الف لاجئ سوداني واكثر من 150 الف نازح بسبب اعمال العنف في اقليم دارفور المجاور. وأقامت باريس لتوها جسراً جوياً إنسانياً شرق تشاد. وطرح كوشنير فكرة"ممر انساني"الى دارفور انطلاقاً من تشاد، لكنه تخلى عن المشروع لأنه لم يحظ بتأييد كاف. وفي القاهرة "الحياة"، أفيد أن مصر والجامعة العربية ستشاركان في الاجتماع الذي تستضيفه فرنسا غداً حول دارفور. وأعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن تطلع مصر إلى خروج الاجتماع الذي تشارك فيه بوفد من كبار المسؤولين، برؤية موحدة يتفق عليها المجتمع الدولي حول كيفية دعم وتنشيط العملية السياسية في دارفور بما يؤدي إلى سرعة انضمام الأطراف غير الموقعة على اتفاق ابوجا إلى اتفاق السلام، وأكد أن"الموافقة السودانية غير المشروطة على نشر البعثة الهجين لحفظ السلام في دارفور فتحت المجال أمام كل الاطراف للتوصل الى توافق حول أولوية التركيز على العملية السياسية"، مشيراً إلى أن"مصر ستطرح خلال الاجتماع رؤيتها لكيفية تنشيط العملية السياسية في دارفور". في غضون ذلك، يتوجه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى اليوم إلى باريس للمشاركة في الاجتماع. وقال الناطق باسم الأمين العام علاء رشدي إن"الجامعة ستعمل خلال الاجتماع على دفع الجهود المبذولة للتقدم في المسار السياسي لاتفاق أبوجا بعد موافقة حكومة السودان على نشر قوات الهجين في اقليم دارفور". وفي أديس أبابا رويترز مدد الاتحاد الأفريقي الجمعة تفويض قوات حفظ السلام الأفريقية في دارفور غرب السودان حتى نهاية العام الجاري وقال إنه يأمل في أن تتسارع جهود تشكيل قوة مختلطة من الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة. ودعا مجلس الامن والسلم الأفريقي أيضاً إلى تقديم دعم مالي ودعم في مجال الامداد والتموين لبعثته في دارفور.