ندد خطباء وأئمة الجمعة في المساجد العراقية أمس بتفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء ودعو المواطنين الى التحلي بالصبر واليقظة وتفويت الفرصة على المتربصين الذين يدفعون باتجاه حرب أهلية في البلد. وذكر وكيل المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة أمس أنه اطلع على وثيقة سرية موجهة من أجهزة امنية الى جهة مسؤولة"قبل حصول الفاجعة الجديدة تبين أن في نية بعض المجموعات الإرهابية مهاجمة مرقد العسكريين في سامراء"، مضيفاً ان الوثيقة اشارت إلى أن"الهدف من الهجوم تفجير منارتي المرقد". وتساءل عن"سبب عدم انتباه الجهات المسؤولة لمثل هذه المعلومات المهمة وعدم اتخاذ أي إجراء عملي ازائها". وقال:"إذا كانت هناك معوقات أمام الحكومة لبسط الأمن في سامراء لحماية مرقد العسكريين فلماذا لا تكاشف المواطنين بذلك؟"مضيفاً:"إذا كانت هناك قوى أجنبية أو إقليمية أو جهات داخل الحكومة تمثل المعوق أمام الحكومة فلتبين ذلك للشعب ولتقل بأن هذه الجهات تمنع الحكومة من حماية المراقد المقدسة التي تتعرض بين فترة وأخرى للعدوان"، لافتاً الى ان"المواطنين يريدون وعودا صادقة، وتنفيذاً سريعا لها". وطالب الكربلائي الحكومة ب"توفير طريق آمنة الى سامراء وتحديد سقف زمني لبناء المرقد الطاهر". وقال ان"تكليف المؤمنين في هذه المرحلة الحرجة هو توفير قدر كاف من الوعي لحقيقة الأهداف التي يريد الأعداء الوصول اليها من جراء هذه الجرائم، وعلى رأس هذه الأهداف إيقاع البلاد في حرب اهلية لا تبقي ولا تذر"، موضحاً أن"المرجعية الدينية العليا هي أكثر جهة في العالم حرصاً على مصالح المسلمين ومقدساتهم ومصلحة الشعب العراقي ومستقبله، وتبعاً لذلك يجب على المؤمنين الالتزام بتعليماتها التي تطالبنا بالتعقل والمزيد من الصبر". ولفت الكربلائي الى أن"هناك جهات أخرى تقف خلف هذه الجرائم مع التكفيريين والصداميين، وهذه الجهات تريد إظهار الحكومة بمظهر العاجز عن حماية المراقد المقدسة فضلا عن المواطنين، لذا تقوم بدعم مثل هذه الهجمات". من جهة أخرى، دعا الكربلائي مواطني المناطق الساخنة الى"البقاء في ديارهم وأعمالهم ومقاومة تهجيرهم من جانب الجماعات الإرهابية"، كما طالب الجهات المسؤولة في محافظة كربلاء ب"اتخاذ ما يلزم ازاء المعلومات التي تواترت حول احتمال وجود هجمات تستهدف هذه المحافظة يمكن أن تقوم بها جماعات إرهابية"، وحذرها من"عدم التغاضي عن هذه المعلومات". من جهته قال سلمان الفريجي امام وخطيب جامع قمر بني هاشم في مدينة الصدر شمال بغداد ان"لقوات الاحتلال اليد الطولى في التدهور الامني الذي يضرب البلاد، لتتهيأ لها فرصة البقاء في العراق فترة اطول"، موضحا:"كلما اتسعت هوة العنف في البلاد تتلاشى المطالبات بجدولة انسحابها من كل انحاء العراق". وحمل الفريجي"القوات الاميركية مسؤولية العنف الطائفي الذي يعاني منه سكان العاصمة ويكاد يمزق وصال البلاد". وطالب المراجع في النجف الاشرف بأن"تتولى هي عملية اعادة اعمار مرقد العسكريين في سامراء". كما دعا الحكومة العراقية الى"العمل بشكل جدي لاعماره ... للقضاء على الفتنة التي قد تندلع في اية لحظة". وخرج المصلون عقب انتهاء صلاة الجمعة في تظاهرات كبيرة منددين بالجماعات التي فجّرت المرقد ومطالبين حكومة نوري المالكي بالسماح لهم للذهاب الى سامراء لاعماره. الى ذلك انتقد حسن علي، امام وخطيب جامع سعاد النقيب في الغزالية ببغداد، المشرفين على تنفيذ خطة فرض القانون في العاصمة، وقال ان"الفرق الامنية المشاركة في تنفيذ الخطة تترك الميليشيات تسرح وتمرح من دون اي تدخل منها". وزاد ان"القوات الاميركية هي التي تؤمن لنا الحماية لمساجدنا خلال تأديتنا صلاة الجمعة في حين تشهر القوات الامنية السلاح بوجه المواطنين الابرياء". من جهته دعا الشيخ محمود الصميدعي، خطيب وامام جامع ام القرى ببغداد،"ائمة المساجد والجوامع والحسينيات من السنة والشيعة الى تفعيل ظاهرة الصلح المناطقي بين الاحياء المختلطة مذهبياً والاحياء المتجاورة التي يسكنها نسيج مختلف مذهبياً"، وقال ان"الازمة التي تمر بها البلاد بعد تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء توجب على رجال الدين وائمة المساجد من السنة والشيعة القيام بدورهم في تفعيل الصلح بين المناطق وامتصاص نوبة الاحتقان الطائفي التي انطلقت مجدداً بعد التفجير". ولفت الى ضرورة"تحرك ائمة الجوامع والمساجد لعقد مواثيق صلح مناطقي بين الاحياء المتجاورة". ودعا علماء مناطق الصدرية والفضل والاعظمية والكاظمية والشعلة والغزالية والمنصور والوشاش الى التحرك السريع لامتصاص ظاهرة الاحتقان الطائفي للحؤول دون وقوع اعمال انتقامية بين المواطنين، وشدد على"ضرورة تحرك كل العلماء لاحتواء الموقف واستثمار نقاط التقارب بينهم للحفاظ على التعايش السلمي داخل الاحياء السكنية في بغداد وتوفير حماية متبادلة لمناطقهم بعيداً عن تدخل الاطراف غير الرسمية من الميليشيات والمجموعات المسلحة".