عرض خمسة فنانين عراقيين أعمالهم التشكيلية تحت عنوان"بين الرماد"في شارع المتنبي السبت الماضي، في محاولة لتوثيق جريمة تدميره وإعادة النبض الى أحد أبرز معالم بغداد الفكرية والثقافية. وأقيم المعرض على جانبي الشارع الذي دمرته في الخامس من آذار مارس الماضي، سيارة مفخخة قضت على أبرز وأقدم مكتباته مخلفة وراءها اكثر من 80 قتيلاً وعشرات الجرحى، إضافة الى الآلاف من الكتب المحترقة. وقال الفنان موفق مكي ان"اقامة هذا المعرض تندرج ضمن رسالة فنية يبعثها الفنانون للتذكير بهذه الحادثة المؤلمة وتؤكد في الوقت ذاته رفض اشكال العنف. فهي محاولة للحض على اعادة الحياة لهذا الشارع". وأضاف مكي وهو يتحدر من اسرة عرفت اثنين من ابرز الفنانين هما طالب وأديب مكي:"نهدف من خلال اقامة المعرض الى بعث الامل مجدداً لاستعادة هذا الشارع حياته وتاريخه"، موضحاً أن أعماله"تجسد سر ارتباط المثقفين والادباء بهذا المعلم الفكري والثقافي". ويضم شارع المتنبي الذي يعود تاريخه الى اواخر العصر العباسي واطلقت عليه هذه التسمية ابان الحقبة العثمانية، أبرز المكتبات واكثرها شهرة نظراً الى ما تحتويه من نوادر الكتب والمؤلفات. وقضى حادث التفجير على اهم مكتباته بينها"القانونية"التي تحوي نفائس الكتب والمخطوطات و"القيروان"المتخصصة ببيع كتب التراث والتاريخ و"الموسوعة"و"النهضة". ومر العديد من الاسماء الادبية التاريخية بمكتبات الشارع بينهم الشاعر الهندي طاغور في ثلاثينات القرن الماضي والمستشرقان لوي ماسينيون 1883-1962 وجاك بيرك 1910-1995 والاديب المصري زكي مبارك 1891-1953 الذي عاش قرب المكان. ومن رواده ايضاً الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري وكذلك الشاعران بدر شاكر السياب وعبدالوهاب البياتي. ويؤكد مكي أنهم تعمّدوا"اضافة بقايا الكتب المحترقة الى تفاصيل اللوحات لتكون رسالتها أبلغ في تجسيد معاني العنف الذي بدا يغتال الثقافة ايضاً". وعرضت صور فوتوغرافية يرصد فيها الفنان فؤاد شاكر ما لحق بالشارع ومكتباته المحترقة بمبادرة رعتها صحيفة"الصباح"الحكومية وشارك فيها ايضاً الفنانون نزار فوزي وفلاح الخطاط ولؤي أمين ومهدي صالح. يشار الى ان بعض مكتبات الشارع بدأت بفتح أبوابها مجدداً، على أمل ان تقوم الجهات الحكومية باستكمال تأهيل جميع المكتبات ومقهى"الشابندر"اشهر مقاهي الشارع وملتقى المثقفين والادباء.