أصبح "شارع المتنبي" في بغداد، وفي السنوات التي اعقبت حرب الخليج الثانية العام 1991، ملمحاً بارزاً من ملامح الثقافة العراقية، ان لم يكن ملمحها المتحرك الوحيد. هو المكان الذي عرض ويعرض فيه الكتاب والأدباء والمثقفون وابناء الطبقة الوسطى في العراق مكتباتهم الشخصية للبيع رداً لغائلة العوز والحاجة، مثلما هو مكان بيع الجديد في عالم الكتب والمراجع والدوريات بعد ان تتولى مكاتب التصوير "الإستنساخ" صنع مئات النسخ عن الأصل وبيعها بسعر زهيد يقدر عليه المهتمون بمتابعة الجديد والنادر و"الممنوع" ايضاً. والى جانب هذا ف"شارع المتنبي" طقس خاص، يجد فيه المأسورون بالثقافة ضالتهم، فثمة المقاهي واللقاءات والحوارات التي تطاول كل شيء يقف العراق في مركزه. "قناة العراق الفضائية" توقفت عند هذا الملمح الذي يكونه "شارع المتنبي" فخصته ببرنامج ثقافي يسعى الى "إبراز دور المثقف العراقي وتسليط الضوء عليه، من خلال الحوار معه، او الحديث عنه وعن نتاجه لتعريف المشاهد العربي بالمنجز الابداعي العراقي الذي يتواصل مع حالات النهوض الاخرى في المجتمع "كما تشير الى ذلك صحيفة "الجمهورية" البغدادية. البرنامج يحمل عنوان "نحن في شارع المتنبي" يعده ويقدمه الشاعر والصحافي حسن عبدالحميد ويخرجه جاسم الذهبي، وهو يعطي انطباعاً عن المثقف العراقي، ويقترح الوصول اليه عبر "شارع المتنبي" الذي بات مكاناً يلتقي فيه الادباء والمبدعون العراقيون في كل يوم جمعة، للتحاور وابداء الرأي واقتناء الكتب. يعتمد البرنامج حوارات مع عدد من الكتاب والأدباء وحتى مع مرتادي السوق من محبي المعرفة والكتب. وفيما تبدو اللقاءات تلقائية، فان عدسة الكاميرا في انتقالاتها بين معالم "شارع المتنبي": من "مقهى الشابندر" الى "مقهى الزهاوي"، تصور رواد هذه الامكنة الذين هم من الكتاب والمثقفين والسياسيين المتقاعدين العراقيين. وفي واحدة من حلقات برنامج "نحن في شارع المتنبي" الذي يأمل فيه عبد الحميد ان يكون اتصالاً بين منتج الثقافة ومتلقيها، عرض كاتبان لنتاجهما الجديد فيما ظهر الشاعر والفنان مؤيد الحيدري ك"أحد المواطنين" بحسب معد البرنامج ومقدمه، في مؤشر الى ضعف معرفة بحال الثقافة العراقية وراهنها.