تصدر الصحف الإسرائيلية أمس تقريران متناقضان عن سورية، اذ فيما أفادت صحيفة "هآرتس" ان وزيرة الخارجية تسيبي ليفني كثفت متابعتها للملف السوري لاعتقادها ان دمشق لا تتجه لمواجهة عسكرية مع إسرائيل بل هي جادة في نياتها استئناف المفاوضات، وبالتالي ضرورة الاستعداد لهذا الاحتمال، نشرت صحيفة"يديعوت أحرونوت"تقريراً تحت عنوان:"سورية تسرّع استعدادتها للحرب"جاء فيه ان دمشق انتهت من سلسلة تدريبات عسكرية كبرى وأبرمت صفقات لشراء أسلحة متطورة. لكن مراقبين أشاروا إلى احتمال تليين إسرائيل موقفها الرسمي الرافض استئناف المفاوضات مع دمشق"إزاء حقيقة ان واشنطن لم تعد تعارض بشدة مفاوضات كهذه". ونقلت"هآرتس"عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية ان ليفني كثفت في الشهرين الأخيرين مداولاتها مع كبار الموظفين في وزارتها في شأن الملف السوري بعد أن كلفت طاقماً خاصاً وضع تصور أولي عن إمكانات استئناف المفاوضات السياسية مع دمشق. وأضافت أن أعضاء الطاقم يجرون سلسلة مداولات داخلية بهدف تحديد المصالح الحيوية الإسرائيلية في ما يتعلق بالمفاوضات مع سورية. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان ان ليفني عينت العام الماضي بعد انتهاء الحرب على لبنان، طاقماً خاصاً لمتابعة المواقف السورية كثّف في الشهرين الأخيرين مداولاته في أعقاب رسائل السلام السورية وحيال معلومات استخبارية إسرائيلية عن احتمال اندلاع مواجهات عسكرية بين إسرائيل وسورية. وأضافت ان ليفني قررت"درس الملف السوري بعمق". وزادت الصحيفة ان ليفني تلقت من مركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية استعراضاً استخبارياً تفصيلياً للمواقف والمطالب المتوقع أن تتقدم بها سورية مع استئناف المفاوضات. كما طلبت من أعضاء الطاقم تقويم الفرص والمخاطر الكامنة في استئناف المفاوضات. ووفقاً لأحد التقويمات التي استمعت إليها ليفني، فإن سورية ليست جاهزة إلى الآن من الناحية العسكرية لشن حرب على إسرائيل، وأن رغبتها في السلام حقيقية. وأشارت الصحيفة إلى أن عمل الطاقم الخاص لم ينته بعد، مضيفة ان رئيس الحكومة ايهود اولمرت لم يطلع بعد على ما تمت بلورته حتى الآن، حيال موقفه الرافض استئناف الحوار مع سورية. وربطت الصحيفة بين الجهود التي تبذلها ليفني في الملف السوري وعلاقتها القريبة من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي تبدي اخيرا تغييراً ما في السياسة الأميركية حيال سورية، وليس لقاؤها نظيرها السوري على هامش مؤتمر شرم الشيخ سوى دليل على تغيير طفيف في هذه السياسة. وجاء من مكتب وزيرة الخارجية أنها لا تحبذ الحديث علناً عن الموضوع"لأن الضرر في ذلك أكبر من النفع". وجاء أيضاً ان هذا الملف يطرح بين المرة والأخرى في لقاءات ليفني واولمرت، وأن هناك تنسيقا بينهما في القضايا السياسية"لكن ليست هناك حاجة إلى إذن من رئيس الحكومة في كل ما يتعلق بعمل وزارة الخارجية". في المقابل، أفادت"يديعوت أحرونوت"ان الجيش السوري يسرع الاستعدادات لمواجهة محتملة مع إسرائيل في الصيف، وان هيئة الأركان العامة في دمشق قررت تقصير مدة خطة التدريبات السنوية للجيش"كي يتصدى لما تعتبره سورية تهديداً يتمثل بجهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة عسكرية في الصيف". وأضاف التقرير الذي كتبه المعلق العسكري في الصحيفة أليكس فيشمان ان سورية، وخلافاً لأعوام مضت، قررت هذا العام تغيير الجداول الزمنية للتدريبات العسكرية وتكييفها مع جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة في الصيف أو لمواجهة احتمال هجوم أميركي على إيران في أشهر الصيف المقبل، ما قد يجر الشرق الأوسط إلى مواجهة شاملة". ونقل فيشمان عن مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إنه في التدريبات التي نفذها السوريون العام الحالي، تم التشديد على الإفادة من عبر الحرب الإسرائيلية على لبنان ومن إداء الجيش الإسرائيلي فيها، إلى جانب التشديد على التصدي لأي هجوم،"اي ان التوجه هو دفاعي"، وذلك إزاء الحديث في إسرائيل عن الجهود التي يبذلها جيشها لاستكمال جهوزيته للمواجهة في الشمال في الصيف". وتابع فيشمان لتأكيد روايته عن"تسريع الجيش السوري استعداداته للحرب"، ان المؤسسة الأمنية في سورية أتمت أخيراً إبرام صفقة مع الصناعات العسكرية الروسية لشراء عشرات بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات من طراز"اس.ايه 17"بمبلغ بليون ونصف بليون دولار. وتابع ان هذه المضادات المتحركة المتطورة المعروفة في حلف شمال الأطلسي ب"غريزلي"مخصصة أساساً لحماية أطر كبرى من القوات البرية ويصل مداها حتى 50 كيلومترا، وهي مزودة أجهزة متابعة وإصاباتها فتاكة. وتابع انه عندما يقر الرئيس فلاديمير بوتين الصفقة"ستحظى سورية بتحسين حماية أجوائها التي تعد اليوم من أكثر المجالات الجوية كثافة في العالم".