كان مارتن سكورسيزي يقول دائماً عن أستاذه في معهد السينما في نيويورك هايغ مانوكيان، إنه أفضل معلّم لفنون السينما وعلومها في زمنه. اليوم، ومن دون انكار مكانة هايغ هذه، يرى كثر أن سكورسيزي هو الذي يحق له أن يوصف بأستاذ فن السينما الأكبر. ذلك أن صاحب"الطيار"وپ"المرحلون"ليس منتجاً فقط، وليس فقط أكبر مخرج أميركي حي، كما يقول عنه النقاد عادة، بل هو أيضاً هاوي سينما وخبير في تاريخها اضافة الى كونه مدافعاً عن ذلك التاريخ. وكل هذه الأبعاد، غير الظاهرة لغير الهواة وأصل المهنة، ستظهر خلال هذه الدورة الستينية لمهرجان"كان". ذلك أن المهرجان قرر أن يكون"درس السينما"، الذي يقدمه مخرج عالمي كبير خلال الدورة في كل عام،"سوبر درس"كي يليق بالمناسبة. ومن هنا كان اختيار مارتن سكورسيزي"عين الصواب"بحسب المعلقين، حيث يتولى القاء الدرس السنوي. ومن المتوقع أن تزدحم الصالة في الموعد المحدد، حتى بكثر من متفرجين مستمعين قد لا يتمكن بعضهم من متابعة"رشاش كلام"سكورسيزي الذي يعرف عنه أنه يقول مئات الكلمات في الدقيقة الواحدة... ومع هذا يستمتعون دون شك بمشاهدته يتكلم ويعطي الدرس الثمين. اضافة الى هذا سيستغل سكورسيزي الفرصة للإعلان عن انشاء مؤسسة جديدة تعنى، رسمياً هذه المرة، بإعادة تأهيل الأفلام القديمة وعرضها، وهو مشروع يعمل عليه سكورسيزي بنجاح منذ سنوات، وكانت آخر انجازاته فيه فيلم"كابيريا"الصامت الذي أعاده الى الحياة. وأخيراً، اذا وفق أهل المهرجان في مسعى أخير يتعلق بسكورسيزي، قد يتيحون لرواد المهرجان، او على الأقل نخبة منهم فرصة مشاهدة آخر ما حقق سكورسيزي في مجال السينما الوثائقية الموسيقية، أي فيلمه عن فريق الرولنغ ستونز.