شكل الاستفتاء على ولاية ثانية للرئيس بشار الأسد مدتها سبع سنوات، مناسبة لإعلان كبار المسؤولين رفضهم الضغوط الخارجية. وفيما قال نائب الرئيس فاروق الشرع إن الاستفتاء لولاية ثانية للاسد"ضمانة"في المرحلة المقبلة"الصعبة والمليئة بالتحديات وربما تكون مليئة بالمواجهات"، جدد وزير الخارجية وليد المعلم موقف بلاده من المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، قائلاً:"إذا قرر لبنان التنازل عن سيادته لصالح هذه المحكمة، فسورية قرارها ان تتمسك بسيادتها الوطنية وألا تتنازل عن هذه السيادة لأي جهة". وقال وزير الاعلام محسن بلال ان الاستفتاء بمثابة"رسالة الى العالم أجمع بأن الرئيس بشار يمثل السيادة والصمود والروح القومية والشجاعة". وبدأت في الساعة السابعة أمس عملية الاقتراع على ولاية ثانية للدكتور الأسد مدتها سبع سنوات تبدأ في 17 تموز يوليو المقبل، على ان يعلن وزير الداخلية اللواء بسام عبدالمجيد نتائج الاستفتاء قبل تسليمها الى مجلس الشعب البرلمان، وذلك بمجرد وصول النتائج من مراكز الاقتراع في سورية وخارجها. وكان الأسد وعقيلته أسماء، بين الذين شاركوا في الاستفتاء، اذ أدليا بصوتيهما في كلية الطب في جامعة دمشق، وسط عدد من المسؤولين بينهم وزير التعليم العالي غياث بركات وآلاف الطلاب في الجامعة الذين تدافعوا لتحية الأسد. ولوحظ تركيز الحملة الانتخابية على مفردات معينة، اذ ان"الوكالة السورية للانباء"سانا استخدمت مصطلحات محددة مثل"مع الأسد نواجه تحديات العصر"، و"مع الاسد نطمئن الى مستقبل أبنائنا"، و"حامي القرار الوطني المستقل"، و"التفاف غير مسبوق حول الخيارات الوطنية لسورية". وكانت وزعت بطاقات استفتاء كتب عليها:"هل توافق على مرشح مجلس الشعب السيد الدكتور بشار الأسد لمنصب رئاسة الجمهورية؟". ثم رسمت دائرتان كتب على الأولى بالأخضر"موافق"، وكتب على الثانية باللون الرمادي"غير موافق". ويبلغ عدد الذين يحق لهم المشاركة نحو 12 مليونا من اصل 19 مليون سوري. وعلى عكس انتخابات البرلمان، يمكن الادلاء بالصوت بأي بطاقة من دون حاجة ل"بطاقة انتخابية"، اضافة الى حق العسكريين وقوات الامن والموقوفين المشاركة في الاستفتاء. ولوحظ مدى اقبال الناس على مراكز الاقتراع في الساعات الأولى للاستفتاء. وقال مسؤول كبير ل"الحياة"أمس ان نحو 15 ألف مركز وزعت على أنحاء البلاد وفي البعثات الديبلوماسية، مشيراً الى ان النسبة بلغت أكثر من خمسين في المئة في عدد من الدوائر، متوقعاً ارتفاعها قبل اغلاق الصناديق. وأدلى الشرع بصوته في مركز وزارة الإعلام بحضور الوزير بلال ومديري المؤسسات الاعلامية. وقبل وصول الشرع في الساعة الحادية عشرة، أدلى نحو 400 شخص بأصواتهم ب"موافق"وكان أحدهم بصم بالدم على كلمة"موافق". وبعد ادلاء نائب الرئيس بصوته، رفع حاضرون أصواتهم"بالروح بالدم نفديك يا بشار"، و"الله، سورية، وبشار وبس"، وسط توزيع حلويات شامية على الحضور. وقال الشرع:"لهذا الشعب على الرئيس بشار رهان كبير، جميعاً يأمل بنجاح هذا الرهان. ونتوقع نجاح هذا الرهان. الشعب لا يراهن على شيء خاسر، ورهانه على الأسد رهان رابح". وأضاف:"المرحلة المقبلة صعبة مليئة بالتحديات، وربما تكون مليئة بالمواجهات، لكن سيادة الرئيس ضمانة بعدما خبرته الناس والجماهير في مرحلة سابقة وصعبة. ومهما كانت الصعوبات المقبلة صعبة، فهو أهل لها، وهو قادر بحكمته ورؤيته وشجاعته التي برهن عليها في سنوات طويلة ماضية ان يشق طريق سورية الى أمام لتكون نموذج وحدة وطنية يحتذى بها". وقال نائب الرئيس رداً على سؤال ان"المرحلة المقبلة سيواجهها الاسد بشجاعة وحكمة ومزيد من التطوير والاصلاح والوحدة الوطنية لأن سورية هي النموذج الذي يحتذى به كي نعطي المثال الصالح في منطقة مليئة بالتحديات". من جهته، قال المعلم في مكتبه بعد ادلائه بصوته في مقر وزارة الخارجية ان السياسة الخارجية السورية ارتبطت بمصالح المواطنين وثوابتهم وهي"تتعلق بتحرير الأرض. هل يمكن أن نتخلى عن مبدأ تحرير الأرض؟ هي تتعلق بمساندة المقاومة لتحرير هذه الأرض وتتعلق باستقلال القرار السياسي. هل يمكن أن نتخلى عن استقلالية القرار؟ هي تتعلق بأن يقرر الاخوة العراقيون مستقبلهم بأنفسهم في اطار وحدة العراق وعروبته. هل يعقل ان نتخلى عن هذه الثوابت؟". وأكد تمسك بلاده بهذه الأمور"مهما كانت الضغوط، وقد تعودت سورية على هذه الضغوط التي وصلت أحياناً الى التهديد بالعمل العسكري ثم بالحصار الاقتصادي". وبعدما أعرب المعلم عن عدم استغرابه انتقادات واشنطن الاستفتاء السوري، قال ان"ما يجري في سورية يقرره السوريون بأنفسهم". وقال رداً على سؤال يتعلق بالمحكمة ان بلاده"ليست معنية بها ولم تكن طرفاً بنظامها الأساسي ولا في الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والامم المتحدة". وكرر نفيه أي علاقة مع"فتح الاسلام"، قائلاً:"أصحاب هذا التنظيم جزء من تنظيم القاعدة، وهو تنظيم ارهابي مطلوب في سورية". كما شارك في الاستفتاء رئيس الوزراء محمد ناجي عطري ورئيس البرلمان محمود الأبرش والامين القطري المساعد ل"البعث"محمد سعيد بخيتان ورئيس مكتب الأمن القومي هشام اختيار وعضو القيادة القطرية هيثم سطايحي. وقال:"ان الشعب عبر عن وفائه الصادق النابع من القلوب والعقول وتأييده للرئيس الاسد لمواقفه الشجاعة ولأنه يمثل مصالح الشعب وأمانيه وتطلعات أمته".