حتى اسماك العراق لم تسلم من اعمال العنف ومن الانتهاكات التي تتعرض لها نتيجة الاستخدامات اللامسؤولة من قبل الصيادين مثل اللجوء الى المتفجرات والسموم والصعق الكهربائي للصيد من دون رادع في هذا البلد الذي تمزقه الحروب. واصبح الناس يتجنبون اكل السمك بسبب انتشال الجثث يومياً من الانهار ولأن"بعضها يأكل الجثث المتعفنة"! وبات الصيادون، الذين احترفوا المهنة لكسب رزقهم منذ آلاف السنين على ضفاف نهري دجلة والفرات، يعانون من سلوك اشخاص غير محترفين لا علاقة لهم بالمهنة يستخدمون السموم والمتفجرات والصعق الكهربائي للصيد بعد تراجع دور الاجهزة الرقابية والحكومية بسبب اعمال العنف المتواصلة. ويقول فائق سالم، احد اقدم صيادي الاسماك في الكوت 170 كلم جنوب شرقي بغداد، ان"السمك العراقي يتعرض لانتهاكات خطيرة ومروعة بفعل الاساليب التي يتبعها الصيادون والمتمثلة باستعمال السموم والمبيدات والصعق الكهربائي اضافة الى اسلوب التفجيرات بالقنابل اليدوية لصيد اكبر عدد من الاسماك على اختلاف انواعها واحجامها". ويضيف ان"هذه العملية تؤدي الى هلاك معظم السمك"مشيراً الى ان"هذه الاساليب تستخدم من قبل الطارئين على المهنة والخارجين عن القانون وفاقدي الضمير في ظل غياب دور الاجهزة الرقابية". ويتابع هذا الصياد، الذي احترف مهنة الصيد اباً عن جد، ان"الصيد بات اليوم لا يسد رمق عائلة واحدة بفعل هذه الانتهاكات من قبل هؤلاء"مؤكداً ان"حصيلتي من صيدي اليوم هي ثلاث سمكات واحيانا لا شيء بعدما كانت الكمية التي اصيدها بين 30 و40 من اسماك الكطان والبني والشبوط التي تشتهر بها الكوت". وتؤكد احصاءات من دائرة الزراعة في الكوت ان اكثر من 450 طناً من اسماك البني والكطان الحر كانت حصيلة الصيادين من مناطق الصيد المختلفة اسبوعياً الا انها انخفضت الى اقل من 20 طناً. وبدوره يقول فاضل الجعيفري 40 عاما ان"مثل هذه الممارسات هي مخالفة لقوانين صيد الاسماك"مؤكدا ان"الكثير من الصيادين الجدد يعمدون الى الصيد في موسم التكاثر المحصور بين منتصف شباط فبراير واوائل نيسان ابريل اي بحدود 60 يوما". ويضيف:"ان الصيادين المحترفين يحترمون هذا الموسم لأنه يعني ان رزقاً سيأتي في الايام المقبلة لذا نوقف الصيد فيه ولا نتجاوز على القانون". ويتابع الجعيفري"نستخدم في الصيد الشباك التي نحصل عليها من الدولة وفق اجازة رسمية في زمن النظام السابق". ويرى هاني محمد، احد باعة الاسماك،"ما يجري حالياً امام عيون المسؤولين في الدولة امر مؤسف وخطير وتخريب لاقتصاد البلد من دون ردعهم"مشيراً الى ان هذه"الاساليب الوحشية قد تعرض كميات كبيرة من الاسماك المعروفة في الاسواق مثل الكطان والبني والشبوط، التي لها روادها من مدن مختلفة، الى الانقراض". ويشدد الصياد علي سيد على ضرورة محاسبة المخالفين قائلاً اذا"لم تردع الدولة الخارجين عن القانون من الصيادين الذين يستخدمون السموم والمتفجرات في الصيد سيعرضون حياة آلاف من الناس الى مخاطر صحية كذلك". ويضيف ان"افضل الوسائل في الصيد هي الشباك التي كنا نحصل عليها من الدولة في السابق وكانت تتميز بمواصفات جيدة وحسب حجم السمكة التي نريد صيدها". ويشير الى ان الشباك المستخدمة تعرف ب"السبيعي والثميني والعشيري والدودي وغيرها وجميعها ذات مناشئ عالمية". سمك مع الجثث ويشتكي مهند علي وغيره من بائعي الاسماك من قلة الدخل بسبب عزوف السكان اخيراً عن اكل السمك النهري بسبب الانتشال اليومي للجثث منه. ويقول ان"عدد زبائني قل بصورة كبيرة وعزف آخرون اصلا عن اكل الاسماك بسبب الاخبار التي تتناقل عن تناولها للحوم البشرية المتحللة في دجلة". وتنتشل الشرطة العراقية بصورة يومية عدداً من الجثث المتحللة من نهر دجلة خصوصا في جنوببغداد. ويضيف:"بات الكثير منهم يفضل اسماك المزارع". ويصف رجل الدين الشيخ أحمد راضي الصيد بواسطة السموم والصعق الكهربائي بالصيد"الحرام"لأنه مثلما يهدد الثروة السمكية بالاندثار يؤثر ايضا في صحة الانسان داعياً الى"ضرورة تفعيل دور القانون واتخاذ اجراءات رادعة من قبل الاجهزة الحكومية لمحاسبة مرتكبي تلك الاعمال".