سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" حملت إلى الرجل "الناعم والحازم" أسئلة القراء واتهامات المعارضين . السنيورة : أتوقع انتخاب رئيس للجمهورية وأهمية دوره أن يكون حكماً قرار التمديد للهراوي اتخذته دمشق والحريري لم يكن مؤيداً لتعديل الدستور 2
توقع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للعماد اميل لحود وشدد على أن أهمية دور الرئيس تكمن في أن يلعب دور الحَكَم وأن يبتعد عن الزواريب السياسية. وتحدث السنيورة عن رحلته في السياسة والحكم مع رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وقال إن الأخير لم يكن في 1995 مؤيداً لتعديل الدستور وان قرار التمديد للرئيس الياس الهراوي اتخذته دمشق. كما تحدث عن وصول الرئيس اميل لحود وعلاقته المضطربة مع الحريري وملابسات التمديد وصدور القرار 1559 لمجلس الأمن. وهنا نص الحلقة الثانية: هل تخشى أن نكون في طريقنا الى الفراغ الرئاسي وقيام حكومتين؟ - اولاً مسألة الحكومتين مخالفة للدستور. تأليف الحكومات أصبح واضحاً ومختلفاً عما كان عليه قبل الطائف. تأليف الحكومات يتم باستشارات ومجلس النواب هو الذي يقترح اسم رئيس الحكومة والاستشارات ملزمة وعلى رئيس الجمهورية ان يحتفظ بما قاله كل نائب. إذا لم ينتخب رئيس للجمهورية هل يعني هذا انتقال السلطة الى حكومتك؟ - البت بشرعية ودستورية الحكومة من صلاحية مجلس النواب والدستور لم يعط مثل هذا الحق لرئيس المجلس. الرئيس بري هو الذي كان يشدد ان المجلس سيد نفسه. من طرح اسمك لتولي رئاسة الوزراء؟ - في البداية كتلة"تيار المستقبل". وهل علاقتك بالكتلة لا تزال طيبة؟ - جيدة جداً. وكذلك الأمر بسائر الكتل. أنا رجل حوار وانفتاح. أحاور وأقنع وأقتنع. أذكرك بأنها المرة الأولى التي يحصل فيها رئيس وزراء مرشح على 126 صوتاً من اصل 128. لم يرشحني الرئيس حسين الحسيني والنائب اسامة سعد. سعد الحريري وعلاقتك برئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري؟ - جيدة جداً. نحن على تواصل دائماً. هناك ود أم تعاون فقط؟ - في علاقتي به مزيج من أمور عدة. انه ابن أخي. وهو صديقي. ورئيس الكتلة التي رشحتني وما زالت الأساس في تأييد هذه الحكومة. هناك مشاعر متبادلة من الود والاحترام والتعاون العميق. أنا رافقت سعد مذ كان صغيراً. كيف تقوِّم صعوده السياسي؟ - اعتقد انه يسجل قفزات في ادائه وفي احاطته بالأمور وفي تصرفه بطريقة مسؤولة. أنا اكن له المحبة والاحترام والتقدير والتأييد. هل تغار منه؟ - على الاطلاق. صورته وهو يشبك يديه مع جاك شيراك ونيكولا ساركوزي ألا تثير الغيرة؟ - على العكس. مسألة تثير فرحي. افترضت ان شاغل المنصب يمكن أن يشعر بشيء من القلق؟ - أنا موجود في موقعي لأنني مؤمن بما أقوم به. أنا مستمر في دوري ما دامت الأوضاع تستوجب ذلك. هل تتوقع انتخاب رئيس للجمهورية؟ - نعم. رئيس وفاقي؟ - أهمية رئيس الجمهورية أساساً ان يكون حكماً بين السلطات وأن يسهر حقيقة على احترام الدستور. ان تكون لديه رؤية. السياسات تضعها الحكومة. الرئيس يجب ان تكون لديه رؤية لدور لبنان وان يساعد في تحقيق هذه الرؤية. وان يكون راغباً في الابتعاد عن السير في الأزقة والزواريب السياسية وان يبقى على الاوتوستراد الذي يبقيه كبيراً ومحترماً في نظر الناس. يقال ان حصة الطائفة السنية تضخمت في عهد حكومتك؟ - أين هو التضخم؟ أريد ان أفهم. دلوني عليه. هناك أناس لم يستطيعوا احتمال مدير عام بالإنابة لاحدى الوزارات. يتقاعد مدير عام فيتسلم مكانه الرجل الثاني. المسلمون السنة مرت فترة أهم مركزين لهم في الادارة يشغلهما اشخاص غير سنة. مركز محافظ جبل لبنان يشغله منذ خمس سنوات شخص غير سني. لم تحدث مشكلة. منصب الأمين العام للخارجية شغله على مدى ثلاث سنوات شخص غير سني. أين المشكلة؟ السلة موجودة ولم تتغير. الاخبار توزع لذر الرماد في العيون وتجييش الطوائف ضد بعضها. وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي؟ - الآن هناك تعاون ونجحوا في كشف جرائم عدة. الغرض من الشائعات وضع الأجهزة في مواجهة بعضها ووضع الطوائف في مواجهة بعضها. أنا حريص على التعاون بين كل الأجهزة: مخابرات الجيش وشعبة المعلومات والأمن العام وأمن الدولة. هل هناك معلومات جديدة عن اغتيال النائب بيار الجميل؟ - هذه العملية تحتاج الى متابعة الخيوط التي تظهر. واغتيال جورج حاوي؟ - الحقيقة يجب أن نبقي القضاء بعيداً عن اي ضغوط أو تدخلات. مجلس القضاء الأعلى يذكر انني طالبت باعطائهم الاستقلالية الحقيقية لدى اجراء التشكيلات. لم اطلع على اسم ولا أعرف أحداً. لديك تفويض بإيفاد رسالة الى مجلس الأمن لإقرار المحكمة بموجب الفصل السابع؟ - هناك تمن من مجلس الوزراء وسأتصرف بالطريقة المناسبة. ماذا بعد إقرار المحكمة؟ - اعتقد ان الأنظار تتجه الآن نحو انتخابات الرئاسة ويجب أن نسير في اتجاه اجراء الانتخابات. ماذا يريد اللبنانيون؟ لا يريدون التفريط بشبر من الأرض ولا يريدون بلدهم ساحة قتال ولا ان يكون في حلف ضد آخر. لبنان بلد عربي. الطائف حسم ذلك. نحن لا نريد استبدال الوجود السوري بالوجود الأميركي أو الايراني أو غيره. لبنان لا يمكن أن يكون الا منفتحاً وعدونا واحد هو اسرائيل. اللبنانيون يريدون عودة الدولة. دعك من الكلام الذي يروّج. يريدون وطناً ومدارس وفرص عمل. لا يريدون التفريط بالمقاومة وخائن من يفرط. لكننا نريد الدولة. ما قصة فحص الدم؟ - نحن عرب باختيارنا ولا تناقض بين لبنانيتنا وعروبتنا. لا نريد فحوص دم ولا شهادات حسن سلوك. حسمنا موضوع هوية لبنان واخترنا لبنان السيد المستقل المعتدل. هل أنت خائف من إطلالة"القاعدة"عبر لبنان؟ - اعتقد ان استمرار المشاكل في العالم العربي والاسلامي واستمرار غياب الحلول للقضية الأساس القضية الفلسطينية يدفعان باتجاه مشاعر اليأس والتطرف لدى العرب والمسلمين ويعمقان حالة الإذلال. وفي مثل هذه الأحوال تبرز الأفكار المتطرفة والممارسات المتطرفة. من وقف الى جانب لبنان في محنة الحرب؟ - على الصعيد الدولي كان لفرنسا وبعدها روسيا دور واضح. دور الرئيس جاك شيراك كان كبيراً. على الصعيد العربي لم يبخل علينا الأشقاء بالدعم. مصر والاردن وسورية ودول الخليج وسائر الأشقاء. موقف المملكة العربية السعودية كان واضحاً وفاعلاً وموقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان داعماً للبنان باستمرار ولم تبخل المملكة على لبنان بأي دعم ضروري لوقف العدوان وإعادة الإعمار. أنا لا أنسى في خضم الأزمة الأخيرة حصار السراي كيف اتصل الملك عبدالله بن عبدالعزيز. صداقة السعودية للبنان مثال للصداقة الحقيقية. مع الحريري متى عرض رفيق الحريري عليك عملاً؟ - بعد تركي لجنة الرقابة على المصارف. كان صار مليونيراً في 1982؟ - نعم. قبل ذلك كان الحريري في 1979 مهتماً بإنشاء المركز الطبي في كفرفالوس. تمنى علي ان أكون الى جانبه في مجلس أمناء"مركز الحريري الطبي". كان العمل تطوعياً وأنا فخور بهذا الدور. كانت بيننا علاقات صداقة وثقة عميقتان، لكن العمل كان تطوعياً. في 1982 تمنى علي ان أتولى إدارة مجموعة البحر المتوسط وهي مجموعة مصرفية كبيرة لها وجود في لبنان وفرنسا وسويسرا واميركا. وعملت في هذه المؤسسة حتى عام 1992 حين اختارني الرئيس الحريري وزيراً للمال في حكومته الأولى. متى بدأ الحريري التخطيط لتولي رئاسة الحكومة؟ - نشط الحريري في الحقول الاجتماعية والتربوية والسياسية وكأنه كان يمهد الارضية لدور وطني. اعتقد ان موضوع رئاسة الوزراء تحديداً لم يطرح قبل اتفاق الطائف 1989. بعد الاتفاق راحت تتكون لديه ملامح رغبة في العمل السياسي بمعناه اليومي والمباشر. هل تعتقد ان دوره في إعداد ملف الطائف كان كبيراً؟ - نعم. لعب دوراً كبيراً جداً في تقريب وجهات النظر بين الأطراف. أقول هذا في ضوء ما سمعته منه ومن آخرين بينهم الدكتور خالد قباني الذي كان الى جانب الرئيس حسين الحسيني ولمس الدور المهم الذي لعبه الرئيس الحريري. هناك من يتهم الرئيس الحريري بأنه وظف قوته المالية الضاربة لتمرير مشاريعه في البلد والوصول الى رئاسة الحكومة وهناك أصوات تحدثت عن رشاوى؟ - هناك مثل لبناني معناه انهم أرادوا ان يعيبوا على التفاح أمراً فقالوا له يا أحمر الخدين. اين هي المصالح التي أسسها الحريري. نحن نعرف كيف يعمل الأغنياء. الحريري وظف قدراته في خدمة البلد. لم يبدأ بمنح التعليم من أجل ان يتولى منصباً حكومياً. ولو كان هدفه الموقع السياسي وحده لكان الأمر أقل كلفة بكثير. ما انفقه الحريري في موضوع التعليم يفوق المليار دولار. أراد اعطاء آلاف اللبنانيين فرصة التعلم والعمل وليكونوا مصدر غنى لبلدهم، خصوصاً انهم من مختلف المناطق والانتماءات. ربما كانت حصة صيدا أكبر من غيرها، لكن هذا الأمر طبيعي. لقد عمل على تخفيف آلام اللبنانيين. ولكن معارضين يقولون ان ثروته تضاعفت نتيجة وجوده في الحكم؟ - اين؟ شراء اراضٍ وغيره؟ - لو استثمر هذه الأموال في مجالات اخرى وفي اي مكان في العالم، لحقق اضعاف هذه المبالغ. من الناحية الاستثمارية البحتة ارتكب الحريري اخطاء كبيرة جداً. لكن ذلك لم يكن هدفه. نعم اشترى اراضي في صيدا. هذه مدينته وهو يحبها. دعني أخبرك انه في أماكن أخرى كان يشتري لإنهاء مشكلة أو لمساعدة أناس يصرون على بيعه عقاراً ليحلوا مشكلتهم. باستثناء شراء مصرف البحر المتوسط لم يدخل الحريري في الأعمال التجارية في البلد. ذات يوم جاء طه ونجيب ميقاتي وهما أول من بدأ خدمات الهاتف عبر نيويورك. طرحا علينا تمويل المشروع وأنا كنت أدير مؤسسة استثمارية. درست المشروع ووجدته جيداً من الناحية التقنية والمصرفية. طرحا علينا ان ندخل معهما في الاستثمار في الملكية. كان موقفي انني لا اريد ان يدخل رفيق الحريري في الاعمال التجارية في لبنان، وكان رأيه مطابقاً لرأيي. هذه العملية كانت مربحة جداً لكن الحريري لم يدخلها. خذ استثمار الحريري في"سوليدير"وما كان يمكن ان يجنيه لو وظف هذه المبالغ في مكان آخر. ماذا كان يريد إذاً؟ - تحسين أوضاع البلد وأوضاع اللبنانيين. هل كان مغروراً؟ - كان يقول ان المال يوضع في مكانين: ان وضعته فوق رأسك ينزلك وإذا وضعته تحت قدميك يرفعك؟ كيف كانت علاقتك معه؟ - كانت جيدة جداً ومبنية على صداقة عميقة وثقة عمياء إذا صح التعبير. وبأمانة أنا أحببت رفيق الحريري، وكانت لدي ثقة كبيرة بدوافع تحركه. كنا نختلف في وجهات النظر لكن طبيعة العلاقة جعلته يتقبل مني أحياناً ما لا يتقبله من آخرين. كانت علاقتنا في منتهى الشفافية والصراحة. هل كانت تحدث قطيعة بينكما؟ - لا، أنا اؤمن بالمؤسسات وهو قائد المسيرة. نتناقش، أحياناً يقنع أحدنا الآخر واحياناً أخرى لا نقتنع. في الحال الثانية أنا كنت ألتزم الخيار الذي اعتمد. أوليس صعباً العمل مع رجل بمثل هذه الهالة والقدرة؟ - الحقيقة، اننا كنا نجلس منفردين ونتحدث بصراحة وأحياناً كثيرة كان يقتنع. أتذكر حادثة معينة. الذين شاركوا في حكومات الرئيس الحريري، رحمه الله، يعرفون أنني كنت أكثر الوزراء معارضة. لكنني كنت أعارض داخل مجلس الوزراء وحين يتخذ القرار التزم التضامن الوزاري. هذه هي الاصول. هناك حادثة يرويها النائب الشيخ بطرس حرب. كنا في عشاء وكان مدعواً. سألني عن مقررات جلسة مجلس الوزراء فحكيت له ووقفت الى جانب قرار معين. أحد الوزراء الحاضرين قال لي:"شو قصتك يا فؤاد، في جلسة مجلس الوزراء قبل قليل انتقدت هذا القرار". أجبته:"في مجلس الوزراء انتقدت ولكن بعد اتخاذ القرار أتصرف بمنطق التضامن الوزاري". ثمة من يسأل:"ولماذا بقيت في الحكومة إذاً؟". وجوابي:"بقيت لاعتقادي ان وجودي يتيح لي تقديم مساهمة ايجابية داخل الحكومة والى جانب الرئيس الحريري. ولو كنت اشعر ان وجودي لم يعد مفيداً لقلت. وهذا حصل في آخر حكومة حين قلت للرئيس الحريري انني لا أنوي الاستمرار وكان ذلك في 2004 بعد التمديد. لقد وصلت الى قناعة بسبب ما رافق عملية التمديد ان لا جدوى من استمراري. طبعاً بعد فترة جاء استشهاد الرئيس الحريري". الوفاء للسعودية هل صحيح ان العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز لم يكن متحمساً لتولي رفيق الحريري رئاسة الحكومة في 1992؟ - لنذهب الى النتيجة فهي أهم مما سبقها. عندما تولى رئاسة الوزراء كان يحظى بالدعم الكامل. الرئيس حافظ الاسد قال له آنذاك وقبل توليه رئاسة الحكومة:"أنا أعرف ان لديك وفاء للمملكة العربية السعودية". اريد ان اقول وبحكم التجربة والمعايشة ان الوفاء كان قيمة اساسية في حياة رفيق الحريري وممارسته. الوفاء مزية اساسية في شخصية الرئيس الحريري. قال لي الرئيس الحريري إنه التقى الرئيس حافظ الأسد أكثر من خمسين مرة؟ - هذا صحيح. وقال إنه قام لديه بجهود تتعلق بالحرب العراقية - الإيرانية وملفات اقليمية أخرى؟ - وهذا صحيح أيضاً. لعب الرئيس الحريري أدواراً مهمة في تقريب وجهات النظر بين سورية والمملكة العربية السعودية وعن اقتناع. نحن بحكم نشأتنا العروبية نشأنا على محبة سورية. كيف استقبل انتخاب الرئيس اميل لحود في 1998 وهل كان لديه شعور بأن هذا الانتخاب يرمي إلى كبح مشروعه؟ - ليس سراً أنه لم تكن لدى الحريري الرغبة في تولي لحود الرئاسة. التمديد للهراوي هل مدد للرئيس الياس الهراوي في 1995 لإبعاد كأس لحود؟ - سأقول لك بصراحة ما أعرفه. رفيق الحريري وأنا لم نكن يوماً مع التمديد لا للرئيس الهراوي ولا للرئيس لحود. أتمنى أن تقول الحقائق بلا تلطيف؟ - نعم. لم يكن مؤيداً التمديد للهراوي لكن الظروف حتمت السير فيه. ما هي الظروف؟ - الظروف في المنطقة والحديث عن مفاوضات. بدأ التمديد للهراوي بعبارة سورية هي:"الوقت الحالي ليس الوقت الملائم لتغيير الأحصنة". هل تجزم أن فكرة التمديد للهراوي جاءت من دمشق؟ - طبعاً، ومن أين ستجيء؟ هناك انطباع بأن رفيق الحريري زرعها في دمشق ليتولوا تسويقها؟ - أعوذ بالله. لو عدت الى تصريح له على باب القصر الجمهوري في أيار مايو ودعا فيه الى بت هذا الموضوع. كان موقفه معارضاً التمديد للهراوي. الظروف حتمت ومشى فيها. لكن الأخطر من ذلك ما يقوله المثل اللبناني"من جرب المجرب كان عقله مخرب". ترتبت على التمديد الأول نتائج تبدأ بمخالفة الدستور وأدخلنا قصة"لمرة واحدة"وتمتد إلى آثارها على الصعيد السياسي والنسيج اللبناني ووصولاً إلى تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية. كانت الأكلاف باهظة ودفعها اللبنانيون. يمكن رؤيتها كمياً عبر مراقبة آثارها على النمو والدين العام ومستوى معيشة اللبنانيين والوضع السياسي. لهذا كان يفترض عدم تكرار الخطأ واحترام الدستور وقاعدة تداول السلطة. أعود وأسألك ألم يكن الحريري وراء التمديد للهراوي؟ - أعوذ بالله. ان من يقولون ذلك يحملون الحريري ما كان لا يستطيعه. قرار التمديد للهراوي اتخذ في دمشق وليس في مكان آخر. هل كان انتخاب لحود صعباً على الحريري؟ - كان يتمنى أن تكون الأمور مختلفة. من كان مرشحه؟ - كانت هناك أسماء عدة. كان يعرف أنه أحد اللاعبين وليس اللاعب الوحيد، وكان يعرف أنه لا يستطيع أن يفرض وجهة نظره على الاطلاق. كان الحريري يدرك موقعه وحجمه. انتخب لحود وتلقى الحريري نصيحة من نائب الرئيس السوري آنذاك عبدالحليم خدام بترك"سيارة لحود الجديدة في الحكم تستهلك زخمها"في غياب الحريري ثم تكون العودة؟ - فور انتخاب لحود بدأ اطلاق النار على الحريري. من اليوم الأول بدأ اطلاق النار على الحريري من طريق استهدافي من خلال عملية تلفيق ملفات ضدي. لفقوا ضدي ملفاً غريباً وكنت آخر انسان في لبنان يمكن أن يسأل عنه. ملف محرقة برج حمود. ربما كنت الوحيد الذي وقف ضدها. إذا احلناك اليوم إلى القضاء ألن نعثر على ما يدينك أو على حساب بعلامة غامضة؟ - طبعاً. هذا الموضوع نظر فيه في مجلس النواب وجاءت النتيجة بالاجماع. أنا وقفت ضد المسألة لأنني لم أكن أرغب في الزام الخزينة اللبنانية بنتائج قرارات اتخذها البعض خلافاً للقانون. الحريري ولحود هل كان لدى الحريري مرارة من قرار دمشق الإتيان بلحود؟ - طبعاً لم يكن مؤيداً أو راغباً. لكن الحريري رجل براغماتي جداً. كان يتعامل مع الأمر الواقع واختار اللعبة الديموقراطية، أي الانتخابات التي أعادته رئيساً للوزراء. لم ينعقد الود يوماً بين لحود والحريري؟ - للأمانة، أقول إن الحريري كان يحاول. حتى حين كان لحود قائداً للجيش، كان الحريري يحاول. هناك خلفية معينة لدى الرئيس لحود لم تكن قريبة. فلنقل ان الكيمياء لم تعمل بين الرجلين. عاد إلى الحكم مع لحود وكنت في صلب تلك التجربة، كيف كانت؟ - لم أكن على علم بأن الحريري كان يرغب في أن أعود وزيراً معه، خصوصاً في ضوء ما كان. أقول صادقاً هنا انني كنت أتمنى أن أعود وزيراً وللأمر علاقة بكرامتي الشخصية خصوصاً انهم حاولوا تلطيخ سمعتي بما أنا منه براء بنسبة مئة في المئة. هل تريد أن تقنعني بأنك لم تستفد من مرورك بالسلطة في أيام الحريري؟ - يضحك. الحمد لله رب العالمين وربنا شهيد علي، انني لم أفعل غير ما اعتبره خدمة لبلدي وضميري مرتاح. أنا كنت دائماً أسير قيم معينة، تربيت عليها ولا اغادرها. أكرر لك أن الأهم بالنسبة لي هو احترامي لذاتي. في الأيام الأولى لتولي رئاسة الوزراء سئلت ماذا أريد أن أفعل وكان ردي: أريد أن أتصرف كرجل دولة. ليست لي مآرب شخصية. ليس لديّ موّال وجئت أغنيه. لست طامحاً للسلطة. في 2004 عندما قدمت ميزانية العام 2005 وهي ميزانية عرفت بأنها تضع حصيلة كل ما كنت اسعى لتحقيقه ولم استطع. أنا رجل اصلاحي ودائماً كانت هناك معارضات. ظهر نهجي سواء بالنسبة الى وزارة المال أو الإدارة أو الاقتصاد ككل. قالت لي إحدى الصحافيات أنت تضع هذا المشروع وقد لا تعود وزيراً للمال، فأجبت: إذا عدت وزيراً فهذا شرف ومسؤولية من بلدي وأنحني أمام هذا الشرف. أما إذا لم أصبح وزيراً لا تظني أنه سيرف جفن لي. فسروا كلامي على غير حقيقته. أنا الآن رئيس للوزراء. إذا تغيرت الظروف ولم أعد في موقعي لا يظنن أحد أنه سيرف لي جفن. اطلاقاً. أعود وأعمل في الشأن العام لخدمة بلدي ومن دون أن يؤدي ذلك إلى عودتي الى العمل السياسي اليوم. أنا مهتم بالشأن العام من صغري. أنا أعمل في الحقل الثقاقي وفي الحقل الاجتماعي. أريد دائماً أن أكون قيمة مضافة. كنت إلى جانب الرئيس الحريري في مرحلة التمديد للرئيس لحود، ماذا تذكر، وهل كانت لديه مرارة؟ - كانت تحليلاتنا تقول إن لا مصلحة للبلد في التمديد. والأيام أظهرت أنه لم تكن في التمديد مصلحة لا لبنانية ولا سورية ولا عربية. كنا نعتقد أنه يمكن تحقيق جملة من الأغراض وعبر واحد من جملة مرشحين تطمئن سورية اليهم ويكون لا غبار على اتجاههم العربي والقومي ومن دون تمديد. هل صحيح أن الحريري قال في دمشق إنه يوافق على أي رئيس تختاره باستثناء التمديد للحود؟ - هذا صحيح، لكن كان هناك اصرار على لحود. التمديد لسياسة سورية هل كان وضع الحريري سيئاً جداً بعد تبلغه قرار التمديد؟ - نعم، كان غير مرتاح على الاطلاق. استمرت المحاولات لإقناعه بحجة أن التمديد ضروري ومفيد للبلد. كان موقفه أن لا مصلحة للبنان في التمديد. طبعاً عندما اتخذ قرار التمديد اختار الخروج من الحكم. استمرت المحاولات لاقناعه. ذات يوم قيل له: ماذا تريد؟ ان لا يسبح لحود في البركة، سنمنعه من السباحة في البركة. قيل له إن ليس هناك أحد اسمه لحود هناك سورية وأنت تمدد لا للشخص بل لسياسة سورية. كان على قناعة أن لا فائدة من التمديد. طبعاً كان الحريري يتألم عندما يذكر تلك المرحلة. ذات يوم أسمع كلاماً قاسياً أمام مجموعة من الضباط. ومرة ثانية حين سمع كلاماً عن تكسير البلد. أقول هنا ما قاله لي. اتصل بي بعد عودته من دمشق وسألني من معك؟ فقلت باسل فليحان. فطلب أن نوافيه الى فقرا لتناول الغداء. كان متجهماً جداً ومتألماً. وعلى رغم ذلك، كان يحاول التفكير في طريقة ايجابية وبينها صيغة لتشكيل الحكومة على أساس الوعود التي قدمت له أي حكومة بصلاحيات، خصوصاً أننا كنا تراجعنا عن بعض مستلزمات باريس - 2. وتبين أنة الوعود كانت لتمرير التمديد ولم يتم الالتزام بها. تهديدات وإنذارات هل كان لديه شعور أنه قد يتعرض لعملية اغتيال؟ - تلقى أكثر من مرة تهديدات أو فلنقل انها انذارات. لم يكن يكشف ذلك، لكنه صارحني بوجود اشياء من هذا النوع. لنقل إنها كلام عن احتمال التعرض له. هل كان خائفاً أم أنه كان يعتبر أن لديه ضمانات؟ - كان يتحدث عن تأكيدات تلقاها من جهات عربية وغير عربية أنه من غير الوارد المس به. في الحقيقة إنه كان مؤمناً ويعتبر أنه"لا يصيبنا إلاّ ما كتب الله لنا". أين كنت لحظة الاغتيال في 14 شباط فبراير؟ - أنا كنت في البنك، لأنني كنت قررت ترك العمل السياسي اليومي. وأبلغته هذا الأمر؟ - نعم، أخذت منحى آخر وأبلغته. فجأة دوى انفجار فاعتقدت أن طائرات إسرائيلية تخرق جدار الصوت فوق بيروت. نظرت عبر النافذة فلم ألمح طائرات. نظرت في اتجاه فندق فينيسيا فرأيت الدخان. لم أتوقع لكن شعرت بغليان في قلبي. حاولت الاتصال لكن الهاتف لم يعمل. والحقيقة عرفت بالخبر من زميلكم جميل مروة الذي أبلغني فأصبت بحالة من الذهول والألم استدعت إحضار طبيب. هل يحمل القرار 1559 بصمات رفيق الحريري؟ - هناك ظلم كبير في هذا الموضوع. هناك محاولة لتحميل رفيق الحريري ما لا يجوز تحميله اياه. هذا قرار دولي وجاء ثمرة لقاء ارادات دولية. تحميل الحريري المسؤولية سلوك ظالم. هل كان على علم بأن قراراً من هذا النوع سيصدر؟ - نعم كان على علم بوجود تحضيرات لقرار من هذا النوع. لكن كونه على علم لا يعني أنه وراءه. ثمن ماذا دفع رفيق الحريري؟ - لننتظر نتائج التحقيق. أنا لم أوجه التهم ولا أفعل ذلك. أعتقد أنه دفع ثمن حجمه حين صار كبيراً على نمط العمل السياسي في لبنان. صارت الحركة السياسية تصطدم بحجمه. الحقيقة ان هذا الحجم كان رصيداً للبلد ايضاً. يحدث أن تنجب دول صغيرة قيادات كبيرة. وبدل الافادة من حجم الحريري لتكبير البلد ازيح وبالشكل المعروف. أما من أزاحه، فأنا أترك الأمر للتحقيق. التقاك القاضي سيرج براميرتز؟ - نعم وقبله ديتليف ميليس وقبلهما فيتزجيرالد. غداً حلقة ثالثة واخيرة