أجمع المراقبون على توقع عام عسير، في 2007، للرئيس الجنرال برويز مشرف. والتوقعات بنيت على الحوادث السابقة. فلم ينتبه أحد على أن مشرف قد يصطدم بالقضاء المسالم، ويخوض معه أي ضده صراعاً مريراً. وعلى رغم إبطال كبير قضاة المحكمة العليا خصخصة شركة الحديد والصلب، إلا أن لجوء الرئيس الجنرال مشرف الى عزل القاضي كان مفاجئاً. فبدا العزل ارتداداً الى تصرفات قائد للقوات الخاصة. وحسب المراقبون أن سلطته تعاني الانتكاس بعد فشله على أكثر من جبهة سياسية. فهو يعاني من ضعفه على جهة مواجهة التطرف المتعاظم في منع طالبان من التسلل عبر الحدود مع أفغانستان. وفي الوقت نفسه أخفقت تعهدات قبائل وزيرستان، ولم تثمر النتائج المرجوة. فكثرت عمليات طالبان عبر الحدود. وحين حاول القيام باجراء ضد المدارس الدينية، ومعالجة دورها في العمليات الانتحارية، قاومه الحزب الحاكم مقاومة شديدة. فالمسألة عسيرة وعصية على المعالجة. ولا تيسرها علاقة مشرّف بمجلس العمل المتحد. والمدارس الدينية هي النموذج السياسي الإسلامي الغالب. وينهض نهجها على اعتزال المجتمع الباكستاني، ورفض حال هذا المجتمع، ثم مهاجمته وشن حرب عليه باسم الجهاد بذريعة تقويمه واصلاحه. وعندما أراد الرئيس مشرف علاج المدارس بالصدمة، لوّحت هذه باللجوء الى عمليات استشهادية. وعوض حل مشكلة المدارس الدينية في إسلام آباد، هاجم الرئيس القضاء الباكستاني. وحين احتج المحامون، في أنحاء باكستان، غضب وصمم على كسر شوكتهم. وتحول غضب المحامين حركة فاعلة. وعودة كبير القضاة الى منصبه مشروعة من الناحية الديموقراطية. وتذرعت أحزاب المعارضة بالمسألة، وحولتها قضية سياسية. وفي لاهور امتص الرئيس فورة الشارع الباكستاني. ولكنه حمّل في كراتشي كبير القضاة المسؤولية عن العنف والقتل العشوائي. وهذا أسوأ من اقالة كبير القضاة. وماذا بعد؟ في ظل الأوضاع والحوادث الجارية يبدو صعباً على الرئيس تحقيق هدفيه: البقاء في منصبيه، وتنظيم انتخابات عامة حرة ونزيهة. وإذا أجريت الانتخابات الرئاسية في غضون شهرين، على ما قال مشرف في خطابه في 12 أيار مايو بإسلام آباد، فمعنى هذا أن البرلمان الحالي هو السلطة الاشتراعية. ولن يكون للحال هذه تأثير مهدئ. ستبقى الحياة العامة مضطربة، ولن يكون استقرار. فالرئيس مشرف بات يمشي على غير هدى. وفي مستطاعه أن يتصرف مثل المارشال أيوب خان الى حين أفول حظه، أو تتحول المشاعر الشعبية حركة قوية تجبر نائبه في قيادة الجيش على تنحيته. وبدل معالجة الرئيس الجروح السابقة، يفتح جروحاً جديدة. والقوى التي وعد الرئيس مشرف بحربها، نيابة عن الشعب الباكستاني، تتعاظم قوتها وتتعزز مواقعها. عن "دايلي تايمز" الباكستانية، 14 / 5 / 2007