بدأ الرئيس الباكستاني برويز مشرف بالتراجع أمام ضغوط واشنطن وعواصم الغرب التي انتقدت بشدة فرضه حال الطوارئ، وتلويحه بتأجيل الانتخابات الاشتراعية المقررة مطلع العام المقبل. إذ أعلنت الحكومة الباكستانية أن الانتخابات ستجرى في موعدها في كانون الثاني يناير 2008. وفي وقت فضّت قوى الأمن الباكستانية بعنف تظاهرات المحامين والناشطين المعارضين في لاهور ومدن أخرى، طمأن رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز الغرب الى أن"الانتخابات ستجرى وفقاً للجدول المقرر". جاء ذلك رداً على دعوة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مشرف الى إلغاء حال الطوارئ وتنظيم انتخابات برلمانية، فيما لوّح الناطق باسمها توم كايسي بأن العلاقات الأميركية - الباكستانية"قد لا تبقى على حالها"إلا إذا ألغى مشرف قراره فرض الطوارئ. راجع ص 9 وأفادت مصادر في"حزب الشعب"بزعامة بينظير بوتو أنها انتقلت إلى إسلام آباد ليل أمس، لعقد اجتماع مغلق مع مشرف، يناقشان خلاله مستقبل العملية السياسية والانتخابات العامة في البلاد. وقالت مصادر في الحزب ل"الحياة"ان مشرف عرض على بوتو تولي رئاسة حكومة انتقالية، قبل إجراء الانتخابات، لكنها اشترطت ألا يقل عمر هذه الحكومة عن سنتين، وأن ترأسها، الأمر الذي قوبل بمعارضة شديدة من الحزب الحاكم وقيادات في الجيش، الداعم الرئيسي لمشرف. وأكد نائب وزير الإعلام الباكستاني طارق عظيم أمس، ان وعد مشرف بالتخلي عن منصبه كقائد للجيش ليصبح رئيساً مدنياً،"لم يعد قائماً"في ظل"الطوارئ"، مضيفاً أن"تنظيم انتخابات اشتراعية خلال فترة الطوارئ سيكون صعباً". ونفى رشيد قريشي الناطق باسم مشرف إشاعات مفادها انه وضع قيد الإقامة الجبرية من قبل نائب رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال إشفاق كياني، فيما قمعت تظاهرات لمحامين في مدن، شهدت مواجهات دموية معهم ومع ناشطين من المعارضة. واعتقلت قوات الأمن مئات من المحامين الذين تظاهروا أمام المحاكم الباكستانية، احتجاجاً على إقالة رئيس المحكمة العليا افتخار تشودري وعشرات من القضاة بعد رفضهم قانون الطوارئ. ومنعت قوات الأمن كبير قضاة محكمة إقليم السند العليا صبيح الدين من الوصول إلى مبنى المحكمة، ووضعته قيد الإقامة الجبرية، فيما اعتقل أحد أبنائه. وشهدت مدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان إضراباً تجارياً شاملاً شل الحركة في المدينة، في وقت احتلت شرطة كراتشي لوقت قصير، مطبعة تابعة لأكبر مجموعة صحافية خاصة في باكستان. وأكدت مصادر في الشرطة ان عدد الذين اعتقلوا او وضعوا قيد الإقامة الجبرية منذ فرض حال الطوارئ ناهز ال 1500 شخص، بينهم محامون وقضاة ومسؤولون وناشطون في أحزاب سياسية. في غضون ذلك، قالت وزيرة الخارجية الأميركية خلال زيارتها رام الله أمس:"نعتقد بأن من الأفضل لباكستان العودة الى الطرق الدستورية، وبعدها تنظيم انتخابات". وأضافت قبل إعلان إسلام آباد نية مشرف الاحتفاظ بقيادة الجيش:"أعلن الرئيس مشرف استعداده للتخلي عن منصبه العسكري، وهذا يشكل خطوة مهمة، ونظراً إلى الأحداث الكثيرة في السنوات الماضية، سيكون من الأفضل لباكستان الدخول في عملية ديموقراطية، وسنصاب بخيبة أمل إذا لم يحصل ذلك". وفي سياق تشديد الضغوط على إسلام آباد، أعلنت واشنطن أنها تفكر في وقف التعاون العسكري مع الجيش الباكستاني، مع إبقاء التعاون الاستخباراتي في مجال مكافحة الإرهاب، فيما علقت هولندا مساعدتها المالية لباكستان. وقال وزير التنمية الهولندي برت كوندرس إن فرض حال الطوارئ"انقلاب مأسوي، نرفضه بشدة، ويهدد الديموقراطية والتنمية والشعب الباكستاني".