أبدت الخرطوم استعدادها لمحاكمة الوزير أحمد هارون والقيادي في "قوات الدفاع الشعبي" على كوشيب اللذين تطلبهما المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم دارفور، أمام القضاء السوداني برقابة إقليمية ودولية. وفي وقت تحفظت قوى المعارضة على اقتراحات"هيئة جمع الصف الوطني"التي يقودها الرئيس السابق عبدالرحمن سوار الذهب لتحقيق مصالحة وطنية في البلاد، يجهز رئيس الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني مبادرة جديدة"أكثر استيعاباً لأزمات السودان، وتراعي ثوابت اتفاق السلام والدستور الانتقالي". وقال مستشار الرئيس السوداني الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل للصحافيين أمس إن"السودان على استعداد لتسلم الاتهامات الموجهة إلى هارون وكوشيب من المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهما أمام القضاء السوداني في محاكمة مفتوحة لمن أراد أن يراقب إقليمياً ودولياً، تأكيداً لتمتع السودان بقضاء فاعل ونزيه ذي مقدرة على محاكمة أي سوداني في صورة عادلة". وتعتبر هذه الخطوة تراجعاً عن إعلان الرئيس عمر البشير أنه لن يسمح باعتقال هارون وكوشيب أو التحقيق معهما أو محاكمتهما. في غضون ذلك، قال نائب رئيس تحالف قوى المعارضة السودانية الدكتور بشير آدم رحمة إن أحزاب التحالف أبدت تحفظاً على بعض اقتراحات سوار الذهب، على رأسها تقديم أجندة الحوار على هيئة قرارات، بدل طرحها للنقاش. وانتقد"إصرار هيئة جمع الصف الوطني على استمرار الحكومة الحالية، وقصور المبادرة في الحصول على التوضيحات المطلوبة حول القوانين الخاصة بالأمن والحصانات والقانون الجنائي". واستنكر تعليق المبادرة"القضايا المتصلة بالحريات علي دستور 2005 المحتكم إلى قوانين أجازتها غالبية نيابية معروفة"، في إشارة إلى حزب"المؤتمر الوطني"الحاكم. وقال إن"المعارضة ترى ضرورة إجراء انتخابات بإشراف حكومة محايدة". واعتبر القيادي في"الحزب الاتحادي الديموقراطي"علي أحمد السيد أن هيئة سوار الذهب"طرحت وثيقة يصعب التجاوب معها، تحدثت عن إعادة اقتسام السلطة والثروة، بما يعني المساس باتفاق السلام، وهو ما لن ترضى به الحركة الشعبية لتحرير السودان أو المؤتمر الوطني"، معتبراً أن المبادرة التي سيطرحها الميرغني خلال يومين هي"الأشمل والأكثر قبولاً لتضمنها قضايا أساسية أغفلتها مبادرة سوار الذهب". وفي المقابل، قال سوار الذهب أمس إن هيئته استمعت إلى رؤى مختلف الأطراف في شأن التوافق الداخلي، وصاغت منها أجندة للتفاوض سلمتها للحكومة والمعارضة. وأضاف أن"هدف الهيئة التي تشكلت بمبادرة من عدد من الأشخاص يمثلون تيارات مختلفة هو إخراج السودان من أزماته والتصدي للاستهداف الخارجي". وأضاف أن"أقوى دليل على الاستجابة للمبادرة هو اللقاء الذي جمع زعماء المعارضة السودانية بينهم زعيم حزب الأمة الصادق المهدي والامين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي وزعيم الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد، مع الرئيس البشير في الخرطوم قبل أيام"، لافتاً إلى أنه"ليس من مهمات الهيئة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنما جمع الأطراف في لقاء جامع هو وحده سيقرر ما يتعين القيام به". إلى ذلك، يتوجه مصطفى عثمان إسماعيل اليوم إلى اسمرا لنقل رسالة من البشير إلى نظيره الاريتري أسياس افورقي تتعلق بالعملية السلمية في دارفور، وتنفيذ اتفاق الشرق الذي ترعاه اريتريا. وقال إسماعيل إن الرسالة تتطرق إلى تحريك العملية السلمية في دارفور وإلحاق الرافضين باتفاق ابوجا، إلى جانب تنفيذ ملفي اقتسام السلطة والترتيبات الأمنية في اتفاق أسمرا مع"جبهة الشرق". من جهة أخرى، عقد ممثلو الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن اجتماعاً خاصاً لمناقشة تسريع عملية السلام في دارفور ونشر مزيد من القوات في الاقليم في إطار حزمة الدعم الأممي الثقيل لقوات الاتحاد الأفريقي. وقال نائب السفير الصيني لدى مجلس الأمن ليو زنمين إن ممثلي الصين وروسيا والولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا ناقشوا في اجتماع مطول الوضع في دارفور وكيفيه تسريع العملية السياسية لإحلال السلام في الإقليم. وأضاف أن المسؤولين عن قوات حفظ السلام في المنظمة الدولية شرعوا في الاتصال بالدول التي ستسهم بقوات في دارفور، وانه يتوقع أن تنتشر هذه القوات خلال الصيف. وقال السفير البريطاني أمير جونز بيري إنه وسفيري الولاياتالمتحدة وفرنسا طلبوا مقابلة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون لمعرفة إلى أين تتجه الأمور في ما يتعلق بنشر قوات دولية إلى جانب الافريقية في دارفور. ونفت الادارة الأميركية عزمها اللجوء إلى خيار العقوبات أو المقاطعة للضغط على الحكومة السودانية بسبب الأوضاع في دارفور. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك إن واشنطن"لا تسعى الآن إلى تطبيق أي عقوبات على الحكومة السودانية بسبب أزمة دارفور في انتظار المساعي التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة مع الخرطوم".