في وقت أكدت الحكومة البريطانية أنها تسعى إلى استصدار قرار جديد من مجلس الأمن يمكن أن يتضمن فرض حظر على الطيران في إقليم دارفور في غرب السودان، طالبت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لويز أربور الخرطوم بالموافقة على اجراء تحقيق مستقل في تقارير عن وقوع أعمال اغتصاب واعتداء جنسي خلال هجوم نفذته قوات الحكومة وميليشيات متحالفة معها في دارفور في كانون الأول ديسمبر الماضي. وقالت أربور في أحدث تقرير في سلسلة من التقارير عن العنف في دارفور إن ضحايا أعمال الاغتصاب والاعتداءات وعددهن 15 شملن فتاة عمرها 13 عاماً وامرأتين حاملتين. وقال رويترز، أ ف ب مكتب أربور في بيان في جنيف:"يساور المفوضة السامية قلق بالغ لأن الاغتصاب وغيره من مظاهر العنف الجنسي... استخدم كسلاح في الحرب لإشاعة الذل والخوف". وطالب البيان بتشكيل لجنة مستقلة ومحايدة تتمتع بثقة الأطراف كافة وتضم محققات، ونشر نتائج تحقيقاتها وتقديم المسؤولين إلى المحاكمة. وذكر مكتب أربور ان الهجمات نفّذتها"قوات الحكومة السودانية والميليشيا المتحالفة معها"في منتصف كانون الأول وأواخره في منطقة جبل مرة في وسط دارفور. وتنفي الخرطوم أي مسؤولية وتلقي باللوم على الجماعات المتمردة التي رفضت توقيع اتفاق سلام العام الماضي. وتقول الأممالمتحدة أن أكثر من 200 ألف قتلوا نتيجة للعنف في دارفور منذ نشوب الصراع العرقي في عام 2003. وألقيت على عاتق ميليشيات الجنجاويد المتحالفة مع الحكومة مسؤولية ارتكاب بعض من أسوأ الفظائع في دارفور، بما في ذلك أعمال اغتصاب وقتل. لكن مسؤولاً سودانياً رفيع المستوى اعتبر اتهامات اربور تأتي ضمن الحملة الغربية على بلاده، وقال ل"الحياة"ان حكومته لا تنتظر نصائح من الخارج لصيانة حقوق الإنسان، موضحاً أن تحقيقات تجرى في شأن أي انتهاكات في دارفور وأن محاكمات دانت عسكريين في الجيش والشرطة قبل أن يُطلب من الخرطوم ذلك. وفي تقرير منفصل، طالبت أربور بأن يكشف زعيم المتمردين سابقاً مني أركو مناوي عن مصير 19 رجلاً احتجزتهم قواته في أيلول سبتمبر الماضي في بلدة جريدة في دارفور ولم يظهروا منذ ذلك الحين. وقالت الأممالمتحدة انه عُثر على جثث ثمانية منهم مدفونة بعد شهور من الواقعة. وتابعت ان"شهادات ذات صدقية"أشارت إلى مشاهد تعذيب في حضور عسكريين من عناصر"حركة تحرير السودان". ومناوي الذي وقعت"حركة تحرير السودان"التي يقودها، اتفاق سلام مع الحكومة في أيار مايو الماضي هو مساعد كبير للرئيس عمر حسن البشير وعهدت اليه مسؤوليات خاصة في دارفور. انتقاد افريقي للخرطوم في غضون ذلك، حمل مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي في شدة على الحكومة السودانية وانتقد العقبات التى تفرضها على تحركات قواته فى دارفور. ودان المجلس خلال جلسة مفتوحة في أديس أبابا مقتل خمسة جنود سنغاليين في دارفور، وأعرب عن صدمته للهجمات التي يتعرض لها أفراد القوة الأفريقية هناك. وأكد انه سيعمل عن كثب مع مجلس الأمن الدولي لانهاء العنف في دارفور، معرباً عن قلقه للعقبات التي تضعها الحكومة السودانية أمام تحركات قوات بعثته. ويقوم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ألفا عمر كوناري بزيارة خاطفة للخرطوم اليوم السبت تستغرق يوماً يرافقه رئيس مجلس السلم والأمن الافريقى سعيد جنيت. الى ذلك، أعلنت واشنطن ان مساعد وزيرة الخارجية جون نيغروبونتي سيقوم الأسبوع المقبل بجولة تشمل السودان وتشاد وليبيا وموريتانيا للبحث في أزمة دارفور، واعتبرتها آخر جهد أميركي قبل اتخاذ تدابير اكثر قسوة ضد الخرطوم لتسوية الوضع في الاقليم. وأوضحت الخارجية الاميركية في بيان وزعته السفارة الأميركية في الخرطوم ان نيغروبونتي سيعمل على تشجيع السودان على قبول قوة لحفظ السلام من الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي لوقف العنف، كما سيسعى خلال جولته بين 11 و19 نيسان أبريل الى الحصول على دعم تشاد وليبيا المجاورتين للسودان للمساعدة على انهاء هذا النزاع. هيلاري بن وفي لندن، شدد وزير التنمية الدولية البريطاني هيلاري بن في مقابلة مع صحيفة"دايلي تلغراف"البريطانية على ضرورة اتخاذ اجراءات حازمة من أجل أن تلتزم الحكومة السودانية بالاتفاقات الدولية. وأشارت المطبوعة إلى أن الأزمة الإنسانية التي نجمت عن الحرب في دارفور، تمثّل اختباراً حرجاً للديبلوماسية الغربية، خصوصاً أن هذه الحرب امتدت عبر الحدود إلى دولتين تجاوران السودان. وكانت بريطانيا تبنت في العام الماضي قراراً في مجلس الأمن يطالب بانشاء قوة سلام دولية يكون قوامها 17300 جندي يتم نشرها في دارفور. وبعدما رفضت الحكومة السودانية هذا القرار، شارك هيلاري بن في مفاوضات حول اتفاق جديد يهدف إلى تشكيل قوة سلام دولية جديدة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور. وعلى رغم أن الرئيس البشير كان قبل هذا الاتفاق، إلا أنه يتمسك الآن بالقوة الافريقية فقط في دارفور. وينتقد الوزير البريطاني بن موقف الخرطوم هذا، ويقول إن"النظام السوداني ينبغي أن يخضع للعقاب الآن". ويشدد على أن"الرئيس البشير لا يتعاون مع هذه الحزمة التي تم الاتفاق عليها"، في إشارة إلى حُزم الدعم المفترض أن تقدمها الأممالمتحدة للقوة الأفريقية في دارفور. واضاف:"هذا الأمر واضح على نحو مطلق، وهذا هو السبب الذي يدفعنا الآن إلى أن نعمل مع الأميركيين وغيرهم في مجلس الأمن للتوصل إلى قرار جديد". وأكد"أن من المهم فعلاً على المجتمع الدولي أن يعلن بصوت واحد أن ما تم اتخاذه من اجراءات ليس كافياً". ومن المرجح أن تشمل هذه التدابير توسيع نطاق حظر تصدير السلاح بحيث يشمل السودان كله، حيث أنه لا يشمل حالياً سوى اقليم دارفور. وتحبذ بريطانيا وأميركا تجميد الودائع المالية في الخارج لكبار الشخصيات في الحكومة السودانية وكذلك حركات التمرد في دارفور. وقال وزير التنمية الدولية إنه يتم أيضاً بحث فرض حظر للطيران فوق دارفور"على رغم أن تنفيذ ذلك سيمثل تحديات لوجستية إدارية ضخمة". لكنه أضاف أن هناك حالة أو حالتين تم اكتشافهما وكانت فيهما الطائرات السودانية القاذفة للقنابل مطلية باللون الأبيض لكي يُعتقد أنها طائرات تابعة للأمم المتحدة. وحذّرت"التلغراف"من أن فرض منطقة حظر للطيران في دارفور قد يؤدي الى قيام السودان بالانتقام على الأرجح، وذلك من خلال ممارسة مزيد من الضغوط على جهود الاغاثة الدولية في دارفور. وأكد بن بالفعل أن حكومة السودان تجعل جهود الإغاثة الدولية أكثر صعوبة. وأعرب عن قلقه ازاء العقبات المستمرة التي يتم وضعها على تأشيرات السفر وتراخيص الدخول. ورأى أن"هناك احساساً بالاحباط المستمر، لأنه لا يتوفر نوع التعاون المطلوب مع جهود الاغاثة الإنسانية التي تساعد على أن يظل نحو مليوني شخص على قيد الحياة في معسكرات الاغاثة".