التفاحة الفاسدة ربما تفسد محصولاً كاملاً، وعدوى الفساد لا تنحصر في المنتجات النباتية و "الطحينية"، بل هي أسرع في الانتشار بين البشر. لاحظت خلال الفترة الماضية نمواً هادئاً في نشر أخبار فساد بعض رجال الأمن، ولا يستغرب وجوده، هم مثل أي وسط آخر يصيبه الفساد، فمن قال بعصمتهم؟ المهم العزم على التطهير والتنظيف، بمثل هذا العزم لا يمكن أن يساء لشخصية رجل الأمن وهيبته والجهاز الذي يمثله والدولة التي يحمي مصالحها. استمرار النشر عنه في الصحف دليل على النضج وعدم المحاباة. أيضاً هو، إذا كان مقصوداً، دليل على تجاوزنا لعرف بيروقراطي تعودنا منه التستر خوفاً من الضرر على الصورة العامة، وقلت"إذا كان مقصوداً"، لأن بعض الصحف التي نشرت مثل هذه الأخبار، تكتب"رجل أمن"، مثل"الحياة"و"الوطن"، في حين تكتب أخرى"يرتدي ملابس أمنية"، الأخيرة تعطي انطباعاً غامضاً يوحي بانتحال الصفة الأمنية، والصواب أن ينشر الصحيح، وهي أمانة في عنق الصحافي والصحيفة قبل كل شيء. الفاسد فساده عليه شخصياً وليس بالضرورة على الجهاز والرؤساء. من تلك الأخبار المثيرة ما نشرته"الحياة"، عن القبض على عمالة بنغالية تقوم بسرقة الأسلاك والكابلات وتحرقها في صحراء خارج العاصمة. الجديد في الخبر وجود أربعة مواطنين يساعدون العمالة في السرقة، احدهم رجل أمن! ومن ذلك ما نشرته"الوطن"عن ضلوع رجل أمن بلباسه العسكري في تهريب عمالة مخالفة إلى الرياض، وقبض عليهم رجال الأمن في"أم سدرة"في القصيم، وقضية التزوير في إمارة نجران التي نشرتها صحيفة"الحياة"طازجة. لكل رجال الأمن الشرفاء. وهم الغالبية ولله الحمد، الشكر والتقدير والدعاء، وهم مطالبون بجهود أكبر. لقد أصبحت السرقات ظاهرة، وما زال من يقوم بشراء المسروقات مجهول الهوية! ولم يكن لها أن تصل إلى هذا المستوى وبكل هذه الجرأة والكميات الضخمة والاستمرار على رغم الحملات الأمنية، من دون تواطؤ أفراد مواطنين مدنيين كانوا أم عسكريين. والحكايات عن تمكن مخالفين من الهروب وتجاوز تطبيق النظام بحقهم من خلال الرشوة شائع وعام. هنا لا بد أن نضع النقاط على الحروف بمثل هذه الأخبار الشفافة، التي ينتظر أن يتبعها تنفيذ أحكام قضائية بحق من خان الأمانة. المواطن وغير المواطن شريك ومساند لرجل الأمن ولا بد من أن يعي ما حوله، وينبغي فتح ملف سهولة الحصول على الملابس العسكرية"الأمنية"وإنتاجها، في خبر ل"الحياة"اكتشفت الشرطة مئات منها مع عمال، وهو أمر خطر يحتاج إلى حل جذري يتجاوز التعهدات على الخياطين. [email protected]