يترجح السعي في تكامل دول أميركا الجنوبية بين قطبين: مبادرات الرئيس الفينزويلي المحمومة، وهي مزيج من براغماتية غير مقيدة ومن مناهضة امبريالية عميقة الجذور التاريخية - وديبلوماسية الرئيس البرازيلي، لويس اينياسيو لولا داسيلفا، المجبولة من عالمية ثالثة براغماتية، ومن مهادنة مناضلة ومجابهة هادئة، وعلى مثال نهجه في أثناء جولة الرئيس بوش بأميركا اللاتينية، يرى لولا أن خير وسيلة الى ضبط سياسة كاراكاس تشافيز المتهورة هي تأطير فينزويلا برفق، وحوطها بشبكة من الالتزامات المتبادلة، والهيئات والمصالح المشتركة. والحق أن فينزويلا بمنأى من الثورة والديكتاتورية معاً، على خلاف ظن شائع. فالتسلط، أو السلطة العسكرية الفوقية، ومركزه السلطات بيد واحدة، وإلحاق العدالة والقضاء بالسياسة، لا تنكر. ولكن هذه تخلف تسلطاً فوضوياً وعشوائياً يؤدي، بدوره، الى اضعاف الهيئات والمؤسسات، وتجويفها، فوق ما يؤدي الى الغاء الحريات الديموقراطية الغاءً عنيفاً. وأما"الديموقراطية البوليفارية"فلا تتعدى محاكاة متعثرة ومتخبطة للديموقراطية المباشرة، ولا تعدو برامجَ اجتماعية تتولى تمويلها سياسة صفيقة ومتعسفة، من غير توزيع حقيقي ومنصف للمداخيل. وتبدو حظوظ الوحدة"البوليفارية"حقيقية، على رغم الخلافات الوطنية السيادية والمنازعات الاقتصادية. ولم يحل التناغم الإيديولوجي بين الأوروغواي والأرجنتين دون نشوب النزاع على مصنع سكر كان يفترض بالبلدين الاشتراك في انشائه ثم في إدارته. والى هذا، يتنازع اليسار الأميركي اللاتيني قطبان متباعدان هما تشيلي، من وجه، وكوبا، من وجه آخر، وبينهما ما صنع الدهر، وما ليس في مستطاع العطار إصلاحه. عن بولو بارانلغوا ، موقع "إف ستراتيجي ، أورغ"، 4 / 2007