يحسب المحافظون الأميركيون من أمثال نيوت غينغريتش، رئيس مجلس النواب (الجمهوري) السابق، أن الأميركيين اللاتينيين خدعوا، في قمة الأميركتين، باراك أوباما، وهو الضعيف الخبرة، والساعي في ارضاء محاوريه بأي ثمن. ويذهبون الى أن سكوته عن الرؤساء اليساريين، هوغو تشافيز الفينزويلي وإيفو موراليس البوليفي ورافاييل كوريا الإكوادوري ودانيال أورتيغا النيكاراغواني، شجع توجيه النقد اللاذع والمسترسل الى الولاياتالمتحدة ورؤسائها. ولم يثمر الصمت والابتسام رجوع تشافيز عن مساندة القوات المسلحة الثورية الكولومبية («فارك») وتسليحها، ولا عن زج معارضيه في السجون، وتأييده «جبهة فارابوندومارتي» بالسلفادور، وإغضائه عن شحن أحمال المخدرات من كاراكاس الى جهات العالم. ولم تحسم القمة رعاية موراليس زراعة الكوكا، ولا ثنته عن طرد موظفي دائرة مكافحة المخدرات الأميركية ببوليفيا من البلد. ومضى رافاييل كوريا على قراره غلق قاعدة مكافحة المخدرات في مانتا بالأكوادور. ولم يكف أورتيغا عن انتقاده الحاد الامبريالية «اليانكي»، فاضطر الرئيس الشاب والبريء، على ما يقول المحافظون، الى الإصغاء الى محاضرة ثقيلة في عيوب البلد الذي يرئس. والأرجح أن الحقيقة هي خلاف ما يظنه المحافظون. فمن خدع الرؤساء اليساريين هو أوباما. فهو استدرجهم الى التصفيق له، ونال استحسانهم وابتساماتهم لقاء تربيته على الأكتاف، والتلفظ بكلمات مثل: أحترمكم وأصغي لكم، ونحن متساوون، ونتشاطر المسؤولية عن مشكلات الحاضر وأخطاء الماضي. وما عدا هذا، رد الرئيس الأميركي زملاءه الجنوبيين خائبين. فلم يلتزم للرئيس المكسيكي الحظر على الأسلحة الهجومية، ولا زيادة تمويل مكافحة المخدرات أو تعديل اجراءات الهجرة. ولم يحظ الرئيس الكولومبي بوعد تزكية اتفاق للتجارة الحرة بين البلدين أمام الكونغرس. ولم يجب طلب الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا تخفيض التعرفة على الإيثانول المستورد، ولا تقليص دعم المنتجات الزراعية الوطنية، ولا دعم سعي البرازيل في مقعد دائم بمجلس الأمن. ورد أوباما اجماع الرؤساء الجنوبيين على طلب رفع الحظر عن التجارة الأميركية مع كوبا. وعلق فيديل كاسترو على سياسة أوباما مغضباً وساخطاً، والسبب في سخطه أن أوباما اشترط على هافانا الإفراج عن المعتقلين السياسيين، والغاء ضريبة ال 20 في المئة التي تتقاضاها على الحوالات النقدية، وإباحة سفر الكوبييين، لقاء الغاء واشنطن القيود على سفر الأميركيين الكوبيين الى كوبا وتحويلاتهم المالية. وكان راوول كاسترو، الرئيس الرسمي وخليفة أخيه فيديل، أعلن موافقته على مناقشة «المسائل كلها» مع واشنطن. فكتب الرئيس الحقيقي في مدونته، في 22 نيسان (ابريل)، ان موقف «الرئيس راوول» لم يفهم على حقيقته: ليس في كوبا معتقلون سياسيون، والضريبة على الحوالات باقية، ولن يشغل أوباما الرئاسة أكثر من 8 سنوات بينما كوبا صامدة الى الأبد. وعلى هذا، لم ينزل أوباما «البريء» عن شيء. وهذا ما فهمه فيديل كاسترو، على خلاف غينغريتش. * وزير خارجية المكسيك سابقاً وأستاذ شرف في جامة نيويورك، عن «نيوزويك» الأميركية، 5/5/2009، إعداد و. ش.