تعمد فيديل كاسترو، الرئيس الكوبي المريض، الظهور مع الرئيس الفينزويلي، هوغو تشافيز، في الصورة المتلفزة التي شاء ان يبلّغ الأميركيين الجنوبيين بواسطتها خبر تحسن صحته، ودوامه على قيد الحياة. واختيار كاسترو تشافيز، وليس احداً من رفاقه الكوبيين أو شقيقه، وهو نائبه وخليفته على الحكم، دعوة الى إنزال الفينزويلي منزلة الوارث السياسي والإيديولوجي، والمؤتمن على التراث الثوري الكاستروي. وينهض محور الزعيمين الثوريين على إخفاق الدول الإقليمية الأخرى، وأولها البرازيلوالمكسيك، والقوى الدولية"الإسبانية"، مثل إسبانيا والولاياتالمتحدة، في تمكين قيادة إقليمية ثابتة وقوية تنافس نفوذ محور كاسترو - تشافيز، وامتداده الى الأرجنتينوبوليفيا والإكوادور ونيكاراغوا. ويسرت المساندة الفينزويلية الاقتصادية ما استحال على فيديل كاسترو إنجازه منذ 40 سنة. فمن طريق هذه المساندة، قدرت كوبا الكاستروية على نشر آلاف من الأطباء ورجال الأمن والأخصائيين الاجتماعيين في أرجاء اميركا الجنوبية. ومعظم البعثات الكوبية اقام على وفائه للحكم الكوبي، ولم ينشق غير قلة. وتضطلع كاراكاس، العاصمة الفينزويلية، بدور حاسم في إقامة البعثات على ولائها. فهي تتولى تمويلها، وتشرف على تخطيط سياسات اجتماعية فاعلة ومجزية بالتنسيق مع هافانا. ويتعهد تشافيز تخفيف أعباء مشتريات النفط عن بوليفيا ونيكاراغوا، فيبيع النفط منهما بأسعار مخفضة، ويساعد الأرجنتين على تسديد جزء من ديونها الكثيرة وتكلفة هذه الديون. ويلقى الإسهام في تمويل بعض الخطط والمشروعات في مرافق الصحة والتعليم والغذاء والنسيج، الترحيب الحار. فيفضي المستفيدون عن مصاحبة المساعدات هذه سياسة تؤدي الى خنق الديموقراطية. ففي البلدان"الصديقة"يعمد الرؤساء، على منوال كاسترو ووارثه المزمع تشافيز، الى جميع السلطات في أيديهم، وتجييش الدولة ومرافقها وأجهزتها في خدمتهم، والتنديد بالأنظمة والإجراءات الانتخابية والرقابية وتهمتها الانحياز الى طبقات دون طبقات. وتسند السياسات الاجتماعية الى سياسة اقتصادية متهورة. ويتستر سعر النفط المرتفع، الى الآن، على تهور الإنفاق وطيشه. وعلى رغم هذا، لم يتصدّ رئيس اميركي جنوبي مرموق لمحور هافانا - كاراكاس. فالإسباني ثاباتيرو يقود سياسة منكفئة، وطنية أو أوروبية في أحسن الأحوال، على خلاف سياسة سلفه غونزاليس. وتعتزل البرازيل المنافسة، إما جرياً على تقليد انعزالي، او امتثالاً لجناح متطرف في حزب الرئيس لولا. وتصرف الرئيسة التشيلية ميشال باشليه همها الى شؤونها"البيتية"، على مثال الرئيس المكسيكي، كالديرون. فهذا يترجح بين مماشاة الخصمين الثوريين، على خلاف نهج يقدم ركني حقوق الإنسان والديموقراطية على التضامن الثوري، وبين استئناف سياسة إصلاحية تقارع"النموذج"الكوبي - الفينزويلي. وتصرف الأزمات الدولية الحادة الولاياتالمتحدة عن معالجة ازمات جوارها القاري. فهي ترجئ المصادقة على المعاهدات التجارية، واتفاقات الهجرة، وبرامج مكافحة المخدرات والفقر، والمعاهدات والاتفاقات والبرامج هذه لا غنى لدول أميركا الجنوبية عنها. وإذا لم تتولّ الولاياتالمتحدة النهوض بحصتها من المسؤولية، تسلل الزعيم المريض وتلميذه الطائش الى مواقع الريادة في غفلة عن فرق اللاعبين. عن جورج كاستانيدا استاذ في جامعة نيويورك ووزير خارجية المكسيك سابقاً، "نيوزويك" الأميركية ، 14 - 20 / 2 / 2007