تلقى المسرحية الاستعراضية "بياف، حياة بالوردي والأسود" التي تروي سيرة النجمة الفرنسية الراحلة إيديت بياف، إقبالاً كبيراً منذ بداية عرضها على خشبة أحد المسارح الصغيرة في باريس عام 2005. والمسرحية أخرجتها روبيا ماتينيون الجزائرية الجذور، وتؤدي شخصية إيديت بياف فيها الممثلة والمغنية ناتالي ليرميت ذات الصوت الفذ والحنجرة القوية. ولولا موهبة الأخيرة وقدرتها على ترديد أغنيات بياف في أسلوب مقنع وواقعي، لما لقي العرض نجاحه الحالي. وصدف أن قرر النجم آلان ديلون ذات سهرة في خريف 2006 مشاهدة العرض، ووقع فوراً في غرام الحبكة والإخراج والممثلة والمخرجة، خصوصاً أنه عرف بياف شخصياً في بدايات مشواره الفني مطلع الستينات من القرن المنصرم. وخرج ديلون من المسرح مبهوراً، فراح يهنئ الفرقة في الكواليس، واعداً أعضاءها بأنهم سيسمعون أخباره قريباً. ولم تتأخر هذه الأخبار في الحقيقة، إذ أن ديلون الذي كان يتدرب آنذاك على دوره في مسرحية"جسر ماديسون"على خشبة أحد أكبر مسارح باريس،"ماريني"الذي يديره صديقه النجم روبير هوسين، قرر دعم العرض. واشترط ديلون انتقال استعراض"بياف، حياة بالوردي والأسود"من الصالة الصغيرة التي كان يقدم فيها إلى قاعة مسرح"ماريني"الضخمة، ليقدم عند السابعة مساء يومياً، أي قبل أن يقدم هو مسرحيته في التاسعة. و"تمادى"في شرطه إلى درجة تدخله بطريقة مباشرة في العرض من طريق مشاركته في إنتاجه. وهكذا نجح في إقناع صديقه روبير بقبول الفكرة، ليبدأ العرض في حلته الجديدة في مطلع آذار مارس الفائت، بالتزامن مع عرض فيلم"الصبية"في صالات السينما، علماً أن هذا العمل يروي أيضاً سيرة إيديت بياف. وبما أن الفيلم حاز على إعجاب النقاد وتقديرهم، ولاقى فور عرضه نجاحاً ملموساً، صارت بياف موضوع مقالات أكبر المجلات والجرائد، وظهرت سيرتها في كتاب جديد. الى ذلك، حضّر مسرح"الأولمبيا"الباريسي الكبير مسرحية استعراضية ضخمة عن سيرة الفنانة الراحلة وأغنياتها، مع وجود فرقة مكونة من 40 فرداً. وسيرى هذا الاستعراض النور خلال أيار مايو المقبل. ولكن ديلون سبق الحدث، ربما بفضل خبرته الطويلة في دنيا الفن، ودعم الاستعراض الصغير الذي أخرجته ماتينيون الجزائرية الأصل، مانحاً فرقتها الموهوبة فرصة إثبات قدراتها فوق أحد مسارح عاصمة النور الأوروبية، خصوصاً أنه شخصياً يقدم مسرحيته في المكان ذاته كل ليلة. وحدث في أكثر من مرة أن ظهر ديلون في صحبة أفراد فرقة"بياف"فوق المسرح في ختام العرض، ليحيي الجمهور بصفته منتجاً مساهماً في المغامرة، ما يجلب إلى المسرحية دعاية قوية ويحض الإعلام على التكلم عنها أكثر فأكثر. ولم يتوقف ديلون عند هذا الحد، بل بدأ يولي اهتمامه بكل ما تفعله المخرجة ماتينيون، فاكتشف أنها أنجزت أخيراً استعراضاً عن سيرة المغنية والراقصة النجمة الراحلة جوزفين بيكر، وأنها قدمته أمام الأمير ألبير في موناكو على مسرح"الأميرة غريس"، وبنجاح كبير. فطلب مشاهدة هذا الاستعراض الذي تؤدي بطولته المغنية والراقصة الموهوبة بوكي، وأبدى إعجابه بالفكرة وبمضمون العرض، واعداً بمساهمته في مهمة تقديم العرض في باريس قبل نهاية العام 2007، سواء في مسرح"ماريني"أو غيره، إلا أن ديلون عثر في هذه المرة على منافس هو المبتكر ورجل الأعمال بيار كاردان الذي سبقه وأبدى رغبته في تقديم استعراض"جوزفين بيكر"على خشبة مسرحه الشخصي في باريس. ولا شك في أن الاتفاق ممكن بين الرجلين في ما يخص دخولهما في عملية إنتاج مشترك للمسرحية، علماً أن المستفيدة الأولى في كل هذه الحكاية هي ماتينيون.