تجتمع اليوم لجنة الحكم الموكّلة البحث في أعمال المرشحين لجائزة"بي بي سي"للموسيقى العالمية لعام 2007، لتعلن الفائزين الذين اختارتهم. أما الجمهور الذي يصوّت عبر البريد الالكتروني، فستُعلن نتائج تصويته في 27 أيار مايو المقبل في حفلة كبيرة في لندن، يغني فيها الفائزون. ومن بين المرشحين عن لقب"أفضل فنان في مجموعة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"المغنية والباحثة اللبنانية غادة شبير، عن أسطوانتها الأولى"الموشحات"التي أنتجتها شركة"فوروارد ميوزك"بمشاركة عازفين بارزين في بيروت. وينافسها كل من لي بوكاكس الجزائر، ناتاشا أطلس بريطانيا- مصر، وياسمين ليفي إسرائيل. شبير التي التقتها"الحياة"تعتبر أن ترشبحها للجائزة"يسلط الضوء على الموشحات وعلى التراث الغنائي العربي". وتضيف ان أسطوانة"الموشحات"الأولى الخاصة بها، هي ثروة راكمتها على مدى سنوات طويلة في مجال الموسيقى. فقد تخرّجت من جامعة"الروح القدس - الكسليك"في لبنان، بشهادة الماجستير في العلوم الموسيقية والغناء الشرقي. وتخصصت في غناء الموشحات والتراتيل السريانية. في عام 1977، نالت جائزة الأغنية العربية في المهرجان السنوي الذي يقام في دار الأوبرا في القاهرة. وسرعان ما توجت جهودها في مجال البحث في تاريخ الموشح وقواعده وميزاته في كتابين. الأول"الموشح بعد مؤتمر القاهرة 1932"الذي اقتبست منه فكرة أسطوانة"الموشحات". وهذا الكتاب الذي أجمع النقاد على أهميته، هو مرشّح أيضاً لجائزة المجمع العربي للموسيقى في القاهرة، ويبحث في عالم 120 موشّحاً. أما الكتاب الثاني فهو"سيد درويش: الموشح والدور"وفيه توثّق بأمانة ابداعات المؤلف المصري من خلال تنويط الموشحات والادوار التي كتبها خلال مسيرته الغنية والقصيرة. وتحضّر شبير لكتاب جديد في مجال الموسيقى، كما تستعد لاصدار أسطوانة جديدة لم تكشف عن هويتها بعد. عُرفت شبير في البداية بأدائها الألحان السريانية القديمة. وكانت لها مشاركة غنائية في اسطوانتي المؤلف الموسيقي اللبناني نديم محسن"شبه"و"رقصة النار"، إضافة الى مشاركة في اسطوانة"1# Communiquژ"للموسيقي اللبناني غازي عبد الباقي. أسطوانة الموشحات تضمّ اسطوانة "الموشحات" 16 موشحاً مجهولة المصدر، من حيث الملحن وصاحب الكلمات، باستثناء موشح"بدر تم"المنسوب الى كامل الخلعي، وموشح"هل على الأستار"الذي نسب إلى سيد درويش". وشارك في تقديم الاسطوانة نخبة من الموسيقيين اللبنانيين: شربل روحانا عود، مشاركة في التنويط، قيادة الفرقة الموسيقية، علي الخطيب رق، سمير سبليني ناي، ايمان حمصي قانون، طوني خليفة كمان، عبّود السعدي باص. رحلة البحث عن الطرب الأصيل محفوفة بالمخاطر، فهي غالباً ما تفضي إلى نوع من المتحفية المجرّدة من حيوية الفن ومعناه الداخلي. لكن غادة شبير كانت حذرة جداً، مؤكدة أنها كانت"أمينة في إعادة اكتشاف مدارس وقوالب فنية وإحيائها ونشرها، من دون أن أتدخّل في جوهرها". وتشرح أنها استثمرت وقتاً طويلاً في التحضير لهذا العمل، فهي سافرت إلى باريس لتجلب الموشح من متحفها. وبعد البحث المكثّف قرّرت اختيار 16 موشحاً من بين 120 موشّحاً عملت على توثيقها. وتوضح أنها لم تغيّر أو تطوّر في أي موشح، بل غيّرت في أداء هذه الموشحات فقط. وهناك موشّحات مثل"أهوى قمراً"وهو من الشعر القديم الذي لا يُعرف كاتبه ولا ملحّنه، اضطرّت شبير لتقديمه بطريقة موسيقية لأنه موثّق من دون بدايات. فعملت على أن يتمّ الدخول في الغناء فيه، من الزمن الثالث لإيقاع السماعي الثقيل، أي من التك الثاني للإيقاع. اللافت في الأسطوانة أداء غناء غادة شبير الانسيابي الحرّ، الذي يولّي التفاصيل والتنميقات عناية خاصة، ويحترم بصرامة القوالب الأصيلة. ما يهمّ شبير هنا بحسب ما تقول، بلوغ الحالة الطربية الصرفة. لذلك"اختارت العودة الى الصيغة الأساسيّة القديمة لكلّ موشّح، وأهملت كل محاولات"الإعداد"التي راج على أساسها عدد كبير من الموشحات. فالتجديد برأيها يقوم على الاجتهاد في الاداء، هنا يبرز كلّ مغن فنّه وقوّته وتمايزه، من دون المساس بهيكليّة اللحن الأساسي". وتوضّح أن الموشّح يترك للمؤدّي حريّة كبيرة في التعبير عن احساسه، شرط البقاء داخل الايقاع والحفاظ على هيكليّة اللحن. وترى أن الغناء الجماعي مهما علا شأن المؤدين فيه، لا يستطيع مناهزة التعبير الفردي في الإحساس وفي أداء الزخرفات والقفلات. من هنا اعلانها حرباً صريحة على"اعتماد الأوركسترا السمفونيّة مع الموشّح"، وعلى كلّ محاولات تجميد هذا القالب الغنائي الفريد، عبر"توزيع يكبّل المطرب، ويحدّ من عطائه، ويجعله أسير جملة كثرت فيها العلامات الموسيقيّة المتتالية أو الهارمونيّة، حتّى إذا أراد المطرب التصرّف والارتجال والخروج عن المكتوب، أصبح نشازاً على الفرقة". لكن شبير المتمسّكة بخطها الفني، ترفض توصيفها على أنها مغامِرة لإصدارها هذه الأسطوانة، معتبرة أنها أنتجت هذا العمل لأنها تريده أن يكون مادة مسجلة في صورة جيّدة وراقية وفي متناول الجميع، معلنة أنها لا تبغي الربح من وراء هذه الأعمال. وعلى عكس ما يعتقد الناس بأن جمهور الموشّح اضمحل، أكدت غادة أن بيع الأسطوانة فاق توقعات شركة الانتاج.