أفضل مشهد "إعلامي" مضحك مبكٍ، تمت متابعته في السعودية بعد انهيار سوق الأسهم كان "يوم الطحينة الوطني". ليس في هذا التصنيف الصحافي السريع تهوين من "يوم المستهلك" الذي لم يحتفل به سوى ثلة من التجار. المشهد الأول كان طويلاً مملاً نَزَعَ الثقة، أما الثاني فكان قصيراً مركزاً. احد الأخوة قال لي أن زوجته باتت تكره الحلاوة الطحينية بسبب ما كتبت عنها. بالنسبة إلي أنا مهتم بما وراء قضية "طحينية غيت"، الاستغناء عن هذه السلعة أهون على المستهلك من جناح بعوضة، وذكرت سابقاً أن "فضيحة" الطحينية نعمة إذا ما أحسن استثمارها، إلا أن الاستثمار تم في الاتجاه المعاكس! القضية كشفت أن النقاط بعيدة جداً عن الحروف، وكلما توهم البعض وضعهم النقاط على الحروف اتضح للناس أنها نقاط بالحبر السري! لكن هل تعتقد أن مصانع الحلاوة الطحينية من القوة بحيث تنسف وعلى لسان مسؤولين بياناً صادراً من الجهة التشريعية الوحيدة المختصة بالمواصفات؟ سؤال... إجابته أعلنت في المشهد القصير. قبل أيام وصلني بريد من أحد المصانع، أرفق به تصريح لامين المنطقة الشرقية، يبرئ المصانع هناك من تهمة إضافة المادة الممنوعة. اقترح على أمانة الشرقية نصب لوحة على مدخل المنطقة تقول، "طحينيتنا نقية... أهلاً بكم في الشرقية"! ومثلها محافظة جدة... هنا يقترح... "طحينيتنا غير"! لم تبق إلا أمانة الرياض صامدة تعمل بالمواصفة السعودية! مصنع آخر كان قد نشر إعلاناً يحذّر فيه من النبأ الذي أتى به فاسق ولم يحدد من هو الفاسق؟ ذروة الإثارة جاءت من دخول مستعجل لهيئة الغذاء والدواء استعرضت فيه مواصفات أجنبية وتركت السعودية فقط لتنظيف الحلاوة، أعتقد أن الهيئة "الوليدة" أخطأت في حق نفسها أولاً وأخيراً. أشرت سابقاً، إلى أن للحلاوة الطحينية شعبية في السعودية، واتضح أن لها شعبية رسمية أكثر حلاوة، ولو اجتمع الذين بادروا بنفي التهمة على "غداء عمل" ينقل "حلواً" على الهواء لا يقدم فيه سوى الحلاوة الطحينية لما صدقت، لماذا؟ لأن "حادثة" التصادم الرسمية! لا تبشر بخير بل تنزع الثقة من القلوب، ولا أقول العقول، فهي لم تُحترم للأسف. اتهم المواطن كثيراً بالتستر والمخالفات وعدم الالتزام بالقوانين وهذه جهات رسمية تفعل أكثر مما فعل، بل تراوغ عن الالتزام بتشريع رسمي، لكنه... المواطن... المتهم الوحيد، إنه الوسط الحيوي الكبير الذي ترمى في قاعه المسؤوليات، وكل يدعي وصلاً بليلى، وليلى مصابة بالمغص وعدم الاحترام. بعد كل تصريح سيُولد مثل شعبي يقول: "مثل الحلاوة الطحينية"! وإذا كنت تظن أن الحلاوة قلبت الطاولة على المواصفات، فكر معي في منتجات وقضايا أخرى أهم ولها ظهر أقوى... لنحتفل سوياً باليوم الوطني للحلاوة الطحينية، لقد ثبت أنه اليوم الكبير في مقابل يوم مترع بأكسيد المرارة لهذا الضرير المدعو... المستهلك.. [email protected]