"هل تُصلِح الحلاوة الطحينية ما أفسدته الطاسة الضائعة"؟ قبل محاولة الإجابة على السؤال أشير إلى أن نفسي الأمَّارة تحدثني بدعوة أعضاء مجلس الشورى السعودي هذا الصباح إلى وجبة إفطار بسيطة، تتكون من أصناف الحلاوة الطحينية، سادة وبالفستق وبعض من نوع "أبونارة"، مع توفير "طحينة سائلة" لمن يصعب عليه المضغ والبلع، ربما إذا شاهدوا إفطاراً من الحلاوة الطحينية فقط، يفكرون في استدعاء ثلاثة مسؤولين أو أربعة - ربما خمسة - واستجوابهم، فيردون عليهم بكلام عام لا يقدم بل يؤخر، أو يستنفدون معظم الوقت المخصص في خطاب جامع مدافع مترع بالوعود وأحلام خُضر، يرن بعده جرس"الفسحة الكبيرة"، فيخرج الجميع وعلى محياهم الابتسامات، يدعو الواحد منهم الآخر إلى وليمة،"عندنا الليلة يا معالي الوزير"،"محفوفة الله يحفظك"،"محفوفة"أي مختصرة، عدد المدعوين إليها قليل، ربما لا يزيد على 50 فرداً! وهي دعوة شائعة في السعودية. سبب الدعوة هو عشم كثير من المواطنين في أعضاء مجلس الشورى، فهم من يمكن له استدعاء أو طلب حضور مسؤول رفيع المستوى لتطرح عليه الأسئلة، أما سبب اقتصار وجبة الإفطار على حلاوة طحينية، وطحينة فقط لا غير، فهو أن بلديات أو أمانات ثلاث مدن رئيسية في السعودية قررت سحب المعروض في الأسواق من هذه السلعة، لاحتوائها على مادة"ثاني اكسيد التيتانيوم"الضارة بالصحة كما قال خبر السحب. لكن هل تريد أن"يغشى"عليك من الضحك؟ ليس من أكل الحلاوة ولكن من كثرة"أكل"أخبار السحب الحريصة على صحة المستهلك، اضحك معي! قالت هيئة المواصفات والمقاييس إنها حذرت ونبهت من استخدام هذه المادة قبل 19 شهراً! ونشرت ذلك في موقعها وفي الجريدة الرسمية، وأبلغت الجهات المعنية بالأمر في حينه، ويبدو لي أن أحداً لا يقرأ الجريدة الرسمية. أقترح إنشاء إدارات في المصالح الحكومية نسميها"إدارة قراءة الجريدة الرسمية"! بالنسبة لي لم أستغرب هذا الأمر، أعلم أن معظم الجهات الحكومية يعمل بعصامية وانفرادية أمام المرمى، فلا تنسيق حقيقياً وفاعلاً بينها، انها جزر بيروقراطية منفصلة بعضها عن بعض، لذلك تبقى"الطاسة"ضائعة، ولا يُعرف أين نجدها! ربما كل جهة تعتقد بأن"الطاسة"موجودة لدى الآخر، ولا"طاسة"أصلاً، وربما تكون مملوءة بالحلاوة الطحينية. منذ زمن بعيد تعمل الجمارك وحدها، والمواصفات وحدها، والتجارة وحدها، والبلديات وحدها. فهل تصلح الحلاوة الطحينية ما أفسدته الإدارة؟! إلا أن كل هذه"الحلاوة"لا قيمة لها، لأن الأمانات لم تذكر أسماء المصانع، يظهر أن لديها حصانة، واستنتج من ذلك أنه لم يتم سحب المعروض من هذه السلع بقدر ما تم ويتم"تسحيب"المستهلك الضعيف على وجهه. [email protected]