دخل السناتور الجمهوري جون ماكين رسمياً حلبة السباق الرئاسي الأميركي أمس، محاصراً بين نقمة اليمين المتدين الذي لم يغفر له "ماضيه الليبرالي" وانتقاداته للانجيليين، وبين كابوس حرب العراق وتماهيه مع الرئيس جورج بوش ووقوفه وحيداً بين المرشحين بتأييده"استراتيجيته للنصر"وزيادة عدد القوات في بغداد. وبعد ساعات من اعلان خوضه السباق عبر برنامج"لايت شو"الكوميدي، شنت مجموعات محافظة حملة إعلانية ضد ماكين أمس، تحت شعار"ليس رونالد ريغان"، في اشارة الى الرئيس الجمهوري الراحل الذي يعتبر أسطورة في تاريخ الحزب. وذكّرت مجموعة"المواطنين للنصر السياسي"بانتقادات ماكين للقاعدة اليمينية المتدينة في الحزب خلال حملة عام 2000، والتي خسر فيها ترشيح الحزب أمام الرئيس الحالي جورج بوش. وبثت لقطات من هجومه على القسَين الانجيليين بات روبرتسون وجيري فالويل ونعتهما ب"عملاء رفض التعددية"، وأكدت لماكين أن"ذاكرة المحافظين ليست قصيرة". وليست اعتراضات المحافظين سوى واحدة من المطبات التي تواجهها حملة ماكين الرئاسية، بعدما هبط في استطلاعات الرأي من المرشح الأبرز والأقوى في السنوات الأخيرة، ليتراجع اليوم 14 نقطة أمام عمدة نيويورك السابق رودي جولياني، بحسب استطلاع مجلة"تايم"أمس. وتعتبر الحرب في العراق و"شهر العسل"الأخير بين ماكين 70 عاماً والبيت الأبيض وتحول السناتور عن ولاية أريزونا الى الشخصية النيابية الأقرب لبوش والمدافع الأول عن استراتيجيته في زيادة عدد القوات، العائق الأبرز أمام حملته اليوم. اذ أفقد تدهور الوضع الأمني في بغداد، والتعثر المتتالي للادارة الأميركية صدقية ماكين في الأمن القومي، والتي كان حصدها برصيده المتميز في حرب فيتنام ونجاته من الأسر وتعذيبه على أيدي الجيش الفيتنامي عام 1967. ويشير الخبير في الحملات الانتخابية تشارلي كوك الى أن"من المبكر الحكم من هو المرشح الأقوى"في انتخابات عام 2008، اذ أن أي تحول في سيناريو الحرب في العراق قد يعيد ماكين الى صدارة السباق. ويستفيد ماكين، برأي كوك، من تاريخه الطويل في العمل السياسي وصراحة مواقفه من دون التقيد برأي الحزب، اذ يعتبر من أقوى الأصوات المعترضة على مذكرات التعامل مع المعتقلين في غوانتانامو والسجون السرية للاستخبارات. كما كان من أول المعترضين على أداء وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد والمطالبين بإقالته. وتجمع ماكين مع مرشحين آخرين حرب الشائعات التي قد تكون عاملاً أساسياً في اللحظات الأخيرة، وفي وسط الناخبين المتدينين، وبينها هي أبوته المزعومة لشاب أسود اللون، وهي تشبه تسريبات تطال ماضي جولياني وزواجه ثلاث مرات، أو فضائح تلاحق المرشحة الأبرز عن الديموقراطيين هيلاري كلينتون، وخصوصاً العودة المحتملة لأخبار مونيكا لوينسكي. وستعتمد الحملات الرئاسية في شكل كبير على نجاح المرشحين في جمع التبرعات والتي يتنافس فيها ماكين اليوم مع جولياني، فيما تبدو حملة كلينتون الأثرى والأكثر استقطاباً للمتبرعين.