قرر الرئيس محمود عباس تعيين رجل حركة "فتح" القوي النائب محمد دحلان مستشارا للامن القومي الفلسطيني، في اطار إعادة تشكيل مجلس الامن القومي المتوقع خلال الأيام المقبلة، وذلك في خطوة وصفت بأنها "غير دستورية" ويتوقع ان تواجه بالكثير من الانتقادات والاعتراضات. وتزامن تعيين دحلان مع الاجتماع الاول الذي عقدته امس حكومة الوحدة برئاسة اسماعيل هنية غداة نيلها ثقة المجلس التشريعي وادائها اليمين الدستورية. واعلن قرار التعيين الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة الذي قال للصحافيين امام مقر الرئاسة على شاطئ بحر غزة ان عباس"اصدر قرارا بتعيين دحلان مستشارا للامن القومي"، مضيفا ان"مرسوما رئاسيا سيصدر لاحقا سيحدد أسماء اعضاء المجلس الامن القومي الذي سنعرض عليه القضايا كافة، وسيبت في كل المشاكل القائمة والعالقة". ودحلان 45 سنة نائب في المجلس التشريعي عن حركة"فتح"، وشغل مناصب وزارية عدة في السابق، من بينها وزير الشؤون الامنية عام 2003، وكان الرئيس الراحل ياسر عرفات عينه اول مستشار للامن القومي لفترة قصيرة من دون ان يشكل هذا المجلس الذي شغله لاحقا عضو المجلس الثوري في حركة"فتح"اللواء جبريل الرجوب وظل يشغله حتى الآن. وتنص"وثيقة الوفاق الوطني"و"اتفاق مكة"على اعادة هيكلة مجلس الامن القومي الذي يرأسه عباس ويضم في عضويته كلا من رئيس الوزراء ووزير الداخلية وعضو من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وآخر من المجلس التشريعي. يذكر ان عباس رفض ابان حكومة"حماس"المنصرفة اعادة تشكيل مجلس الامن القومي، وهو مطلب نادت به فصائل اخرى غير"حماس". وتردد قبل نحو شهرين انه كلّف دحلان الاشراف على الاجهزة الامنية، الامر الذي نفاه دحلان في حينه. وقال مستشار أمني فلسطيني طلب عدم الافصاح عن اسمه ان دحلان سيدرس سبل دمح أجهزة الامن، ومن بين الخيارات المطروحة الطلب من المستشارين الاعضاء في المجلس التخلي عن عضوياتهم في"فتح"و"حماس". ويقول مسؤولون فلسطينيون محللون ان مصير القوة التنفيذية التابعة ل"حماس"سيكون القضية الاصعب في اعادة تشكيل مجلس الامن القومي، اذ قالت"حماس"انها ستمضي قدما في خطط زيادة عدد القوة ليصل الى 12 ألفا، بينما تريد"فتح"حل هذه القوة. على ان تعيين دحلان في هذا المنصب يثير بعض الاعتراضات، خصوصا ان القانون يحظر الجمع بين عضوية السلطتين التشريعية والتنفيذية الا للوزراء فقط، فضلا عن اعتراضات وانتقادات داخل"فتح"التي تشهد حاليا هجوما لاذعاً على عباس واتهامه بأنه خاضع في قراراته لهيمنة دحلان الذي يزداد قوة داخل الحركة يوماً بعد يوم. كما لن يلقى قرار تعيين دحلان رضا داخل"حماس"التي فيها تيار يرفض التعامل معه، بل وحتى مصافحته او معانقته، ويرى فيه رأس حربة للمشروع الاميركي - الاسرائيلي في المنطقة. واكد رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي النائب المحامي محمد فرج الغول حماس ان هذا الاجراء مخالف للقانون الاساسي الدستور الموقت، والنظام الداخلي للمجلس التشريعي، وقانون حقوق وواجبات النواب. وقال ل"الحياة"ان المادة 98 من النظام الداخلي للمجلس التشريعي تنص على انه"فيما عدا منصب الوزير، لا يجوز لعضو في المجلس التشريعي ان يجمع بين عضويته في المجلس واي وظيفة في السلطة التنفيذية". ولفت الى ان مجلس الامن القومي نفسه غير قانوني، اذ لا ينظم عمله أي قانون، بل ان انشاءه جاء بمرسوم اصدره الرئيس الراحل عرفات، مشيرا الى انه تم عرض مسودة مشروع قانون ينظم عمل مجلس الامن القومي على المجلس التشريعي السابق، وسيتم تفعيلها لتتحول الى قانون في المستقبل. وقال الناطق باسم"حماس"فوزي برهوم تعليقا على تعيين دحلان:"نحن على استعداد أن ننسى الماضي، وسنتطلع الى المستقبل والجميع سيكون خاضعا للامتحان". وأضاف ان المجلس سيشرف على أداء أجهزة الامن لضمان أن تكون محايدة وتخدم برنامجا وطنيا لا برنامجا سياسيا حزبيا. وقال خبير الامن الفلسطيني في جامعة القدس زكريا الحق ان"حماس"و"فتح"تتمتعان الآن"بفترة شهر عسل"، لكنه حذر من ان حال الارتياب المتبادلة بين الجانبين ضاربة بجذورها في العمق. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن وزير الاعلام مصطفى البرغوثي قوله:"النقطة الاولى هي كيف يتم وقف الفلتان الامني بأسرع وقت ممكن... نحن نعرف أن هذه مهمة صعبة وليست سهلة، لكنها ستكون المهمة الاساسية أمام حكومة الوحدة". وأضاف ان"الامور تتغير وتسير نحو الاتجاه الصحيح".