تلاشى الحذر والتخوف نهائياً لدى الأوساط الاقتصادية الألمانية من تراجع النمو الاقتصادي في البلاد خلال العام الجاري، بسبب زيادة ضريبة القيمة المضافة وتباطؤ النمو في الولاياتالمتحدة وارتفاع سعر صرف اليورو إزاء العملات الدولية الأخرى. وفوجئ الخبراء والاقتصاديون بزخم الانتعاش الحاصل، ما دفعهم إلى رفع معدل النمو المتوقع للعام الجاري، استناداً الى البيانات الصادرة أخيراً، من 1.7 إلى ما بين 2 و2.8 في المئة. يضاف إلى ذلك تصحيح المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن إلى الأعلى معدل النمو الاقتصادي المعلن عن عام 2006 من 2.5 إلى 2.7 في المئة، وهي نسبة النمو الأعلى الثانية التي تسجل في البلاد منذ الوحدة الألمانية عام 1990 ، إذ لم يشهد الاقتصاد الألماني نمواً أعلى إلا في عام 2001 . ورأى البنك المركزي في ألمانيا أن"لا نهاية في الأفق للازدهار الحاصل في ألمانيا"، لافتاً في تقريره الشهري الأخير إلى أن النمو"يقف على أرض صلبة ولن تؤثر فيه زيادة الضريبة المضافة". وذكّر بأن مراحل الازدهار الاقتصادي الثلاثة التي شهدتها ألمانيا حتى الآن"استمرت سبع سنوات متتالية في كل مرة". وأفادت النشرة الاقتصادية الشهرية لغرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية أن اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية في برلين"رفع توقعه السابق لمعدل النمو العام الجاري، بعد استطلاع أجراه الشهر الماضي مع 25 ألف شركة، من 1.5 إلى 2.3 في المئة دفعة واحدة". وأشار الى أن الشركات الألمانية"متفائلة جداً"بوضعها الحالي والمستقبلي، لافتاً الى أن غالبية ممثليها تتوقع"ازدهار الاقتصاد هذا العام وانعكاساً إيجابياً على سوق العمل". وتوقع الأمين العام للاتحاد مارتين فانسليبن"تراجع البطالة بمقدار نصف مليون شخص"، لافتاً إلى أن الشركات"تخطط لزيادة استثماراتها الداخلية وتوسيع قاعدة إنتاجها". وبعدما أعلن أن الصادرات الألمانية"ستبقى المحرك الأساس لنمو الاقتصاد الألماني خلال العام الجاري، الذي يستفيد الآن من الازدهار الكبير الحاصل في دول آسيا". واعتبر أن"تراجع أسعار الطاقة وتحسن وضع سوق العمل يساعدان جداً على زيادة الاستهلاك الداخلي". لكنه رأى في المقابل أن ارتفاع اليورو"يزيد أسعار السلع المصدرة إلى الدول المتعاملة بالدولار والى اليابان بسبب تراجع الين". وأعلن الاتحاد الألماني لصناعة الآلات والأجهزة VDMA للمرة الأولى أن بعد الرقم القياسي في المبيعات الذي حققه العام الفائت"يسير هذا العام أيضاً على طريق مماثل. فبعد الزيادة في الإنتاج العام الماضي التي بلغت نسبتها 7.4 في المئة وتأمين 20 ألف فرصة عمل جديدة، يتوقع الاتحاد تحقيق زيادة نسبتها 4 في المئة". وقال رئيس الاتحاد ديتر بروكلاخر أن هذا النمو الكبير"لم يسجل منذ 30 سنة تقريباً". وفيما رفع المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية DIW أخيراً تقديره للنمو المتوقع هذا العام أكثر من مرة على التوالي خلال الشهرين المنصرمين من 1.4 إلى 1.8 في المئة، ثم إلى 2 في المئة، رجح معهد الاقتصاد العالمي في كيل IfW أن"يصل النمو في الناتج القومي السنوي إلى 2.8 في المئة، متفوقاً على نسبة النمو القياسية المسجلة العام الماضي". ورفع كبير خبراء مؤسسة"سيتي غروب"يورغن ميشلز توقعه للنمو من 1.7 إلى 2.4 في المئة، وتوافق هذا المعدل أيضاً مع توقعات خبراء مؤسسة M.M.Marburg. أما الحكومة الألمانية، فأبقت على التقدير الرسمي الذي أعلنته الشهر الماضي وهو 1.7 في المئة، علماً أن وزير الاقتصاد ميشائيل غلوز رجح في أكثر من مناسبة بأن"تكون نسبة النمو الفعلية أعلى". وفي تقريره الأخير الذي قدمه في بروكسيل، أعلن مفوض النقد الأوروبي يواخيم ألمونيا أن الاقتصاد الألماني"يتطور الآن في شكل أقوى من الخريف الماضي، ويتوقع أن ينمو هذا العام بمعدل 1.8 في المئة"، عازياً السبب إلى"التحسن في سوق العمل وارتفاع حجم الاستهلاك الداخلي". وينتظر الاقتصاديون الألمان"نمواً متواضعاً في الربع الأول من العام الجاري لا تتجاوز نسبته 0.5 في المئة مقارنة بنسبة 0.9 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، نتيجة تراجع"هجمة"الاستهلاك التي ازدادت في الربع الأخير من عام 6002، استباقاً لزيادة ضريبة القيمة المضافة". لكنهم أكدوا أن النصف الثاني من العام الجاري"سيشهد انتعاشاً قوياً في المجال الاستهلاكي".