أفادت معطيات المؤسسات والمعاهد الاقتصادية الألمانية والأوروبية الصادرة أخيرً، أن الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده أوروبا والعالم مستمر حتى إشعار آخر، وإن بوتيرة أخف مما سجلته الأعوام السابقة، بسبب تباطؤ النمو في الولاياتالمتحدة في شكل خاص، وارتفاع سعر اليورو، وفقاً للنشرة الاقتصادية الدورية لغرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية الغرفة في برلين. وأكدت النشرة أن الانتعاش الاقتصادي في دول منطقة اليورو لن يتغير على مدى السنتين المقبلتين، مشيرة إلى أن البطالة في هذه الدول ستتراجع وسطياً، إلى ما دون 8 في المئة للمرة الأولى منذ عام 2001. وأضافت إن ألمانيا"هي البلد الوحيد الذي التزم بسياسة التقشف الحكومي في موازناته العامة". وفي الوقت الذي توقعت المنظمة ارتفاع معدل الاستهلاك الداخلي في منطقة اليورو هذا العام، معتبرة إياه دعامة قوية لعملية الانتعاش الجارية، اشترطت لحصول ذلك إقرار زيادات كبيرة على الأجور. وفيما لم تستبعد أن يتراجع الاستهلاك في ألمانيا بسبب زيادة ضريبة القيمة المضافة من 16 إلى 19 في المئة، لاحظت أيضاً"أن ارتفاع الأجور في ألمانيا والنمسا وإسبانيا يسير في شكل متحفظ جدا". واستناداً إلى توقعات خبراء المنظمة الأوروبية يُنتظر أن يبلغ معدل النمو الوسطي للاقتصاد في الدول ال 31 الداخلة في نظام عملة اليورو أصبحت سلوفينيا عضواً جديداً فيه مطلع هذا العام 2.2 في المئة هذه السنة و2.3 في المئة عام 2008، بعدما سجل 2.7 في المئة عام 2006، واعتبرت المنظمة أن أمام دول منطقة اليورو"مهاماً كبيرة بينها إجراء تحويلات بنيوية لتثبيت أوضاعها في عالم متغير وأكثر منافسة وعولمة"، داعية"إلى مزيد من تحرير سوق العمل، وإلى خفض كلفة الإنتاج في عدد من الدول". ولفتت إلى أن نسبة النمو في منطقة اليورو"لا تزال أضعف مما هو مسجل في مناطق أخرى من العالم"، مثل الولاياتالمتحدة وآسيا. وبدوره رأى معهد الاقتصاد الألماني ايفو في ميونيخ في دراسة مشتركة مع مركز البحوث الاقتصادية"INSEE"في باريس وپ"ISEA"في روما، صدرت أواسط الشهر الماضي، أن أجواء الاقتصاد في دول منطقة اليورو جيدة، وأن الشركات فيها ستزيد استثماراتها. وقدّرت الدراسة أن يرتفع معدل النمو في الربع الأول من العام الحالي نحو 0.3 في المئة فقط بسبب تأثيرات الزيادة على ضريبة القيمة المضافة في ألمانيا، لكنها اعتبرت أن الزيادة لن تؤثر سلباً في الاستهلاك في منطقة اليورو إلا في صورة موقتة. وكتأكيد على ذلك أفادت أنها تتوقع ارتفاع نسبة النمو في منطقة اليورو إلى 0.5 في المئة في الربع الثاني من العام الحالي. ورأت أن التحسن الحاصل في سوق العمل من ناحية تراجع البطالة، سيساعد على رفع الاستهلاك والاستثمارات في منطقة اليورو، خصوصاً أن النمو الاقتصادي في الربع الأخير من العام الماضي سجل نسبة 0.9 في المئة. وتوقعت أيضاً أن يسجل غلاء المعيشة 2.1 في المئة في الربع الأول من هذه السنة على أن ينخفض في صورة ملموسة إلى 1.7 في المئة في الربع الثاني، عازية السبب بدرجة أولى إلى تراجع أسعار النفط عن الفترة الزمنية ذاتها من السنة الماضية. وفي الوقت الذي لا يزال انقسام خبراء الاقتصاد مستمراً حول تأييد أو رفض رفع الفائدة على اليورو، التي وصلت إلى 3.5 في المئة، ولكل طرف هنا حججه في هذا الشأن، أعلن رئيس المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت جان كلود تريشيه الشهر الماضي"أن خطر التضخم المالي في منطقة اليورو لا يزال داهماً، وأن خبراء المال والاقتصاد يراقبون الوضع للتدخل عند الحاجة لمنع ارتفاع الأسعار". وذكر تريشيه بعد اجتماع لمجلس الإدارة أن الاقتصاد"مشبع بالرساميل، ومعدل الفائدة لا يزال منخفضاً". وعلق محللون ماليون على كلام تريشيه بالقول إنه يلمح إلى رفع جديد للفائدة في آذار مارس المقبل، على الأرجح بعدما رفع المصرف المركزي الأوروبي الفائدة ربع نقطة في الشهر الأخير من العام الماضي. وتتوقع مجموعة من مسؤولي المصارف الأوروبية، وكذلك معهد البحوث الألماني DIW، أن تصل الفائدة على اليورو إلى 4 في المئة الخريف المقبل. لكن المعهد يرى أن رفع الفائدة"غير ضروري بالمطلق لأن توقعاتنا تشير إلى أن نسبة التضخم ستبقى ثابتة بحدود 2 في المئة"، وهو الحد الأعلى الذي يقبل به المصرف قبل أن يتدخل. أما في بريطانيا فقد رفع البنك المركزي بصورة مفاجئة أخيراً الفائدة على الجنيه الإسترليني ربع نقطة لتصبح 5.25 في المئة، مبرراً ذلك"بتزايد ضغوط التضخم المالي في البلاد، ووجود طلب قوي على السوق الداخلية"، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في البلاد بصورة أقلقت مسؤولي البنك المركزي البريطاني. وفي ما يخص آفاق النمو في الاقتصاد العالمي، نشرت مؤسسة الاستشارات والتحاليل الاقتصادية Pricewaterhouse Cooper في"منتدى دافوس الاقتصادي الدولي"الذي عقد أواخر الشهر الماضي في سويسرا، نتائج استطلاع أجرته مع 1100 من كبار ممثلي الشركات في 50 دولة. وقالت المؤسسة إن 90 في المئة منهم توقعوا نمواً للاقتصاد وأرباحاً جيدة هذا العام، بل أن 39 في المئة منهم"مقتنع بأن الوضع الجيد في الاقتصاد العالمي سيستمر خلال السنوات الثلاث المقبلة أيضاً".