بعد البيانات الاقتصادية التي تفاءلت كثيراً باستمرار التطور الاقتصادي في السنة الجديدة، والصادرة عن معاهد اقتصادية ألمانية وأوروبية مختلفة، يبدي العديد من الخبراء الألمان، ثقتهم بقدرة الاقتصاد الألماني على تحقيق انتعاش مستدام قد يستمر حتى عام 2010 على الأرجح. وتراجعت غالبية المعاهد الاقتصادية والخبراء والهيئات الاقتصادية في البلاد، عن التخوف من أن تؤدي زيادة ضريبة القيمة المضافة من 16 إلى 19 في المئة مطلع السنة الجارية، إلى ضرب مسيرة الازدهار التي لم يشهدها الاقتصاد الألماني منذ 51 سنة. ومع ان الهيئات الاقتصادية عبرت عن تشاؤمها بسبب هذه الزيادة، التي ستؤدي في اعتقادها إلى انحسار الاستهلاك الداخلي، وتراجع معدل النمو من 2.5 في المئة عام 2006، إلى 1.4 في المئة تقريباً هذا العام، عادت لتُظهر، بعد البيانات الجديدة تفاؤلاً كبيراً، ولتتحدث عن"مجرد تأثير ضعيف منتظر على المستهلكين"على حد تأكيد معهد البحوث الاقتصادية الألمانية. وللمرة الأولى، بادر رجال الأعمال إلى طرح فكرة رفع الأجور بنسبة أعلى من السنوات الماضية، مقرّين بأن أعمالهم تسجل ازدهاراً لا سابق له، وفقاً للنشرة الاقتصادية الشهرية التي تصدرها غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية في برلين. وفي خطوة تنم عن تفاؤل كبير، رفعت الحكومة والهيئات الاقتصادية أخيراً، معدل النمو المنتظر عام 2007 إلى نحو 2 في المئة، الأمر الذي لم يكن يتوقعه أحد حتى فترة قصيرة. وفي الوقت الذي أكد وزير الاقتصاد ميشائيل غلوز، أن الحكومة بصدد رفع نسبة توقعاتها للنمو من 1.4 إلى 2 في المئة تقريباً أي أكثر مما توقعه"تقرير الخريف"للمعاهد الاقتصادية، وهو 1.8 في المئة، مشيراً إلى أن الانتعاش الحاصل يؤمن مئات آلاف فرص العمل، حقق مؤشر"Ifo"، وهو أهم مؤشر للاقتصاد الألماني يصدره معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ شهرياً، قفزة غير متوقعة بارتفاعه في الشهر الأخير من العام الماضي من 106.8 إلى 108.7 نقطة، ما دفع برئيس المعهد هانس فرنر زن، إلى التأكيد بأن الاقتصاد الألماني"يجد نفسه حالياً في مرحلة استثنائية من الازدهار، مشابهة لما حصل عام 1990"، متوقعاً نمواً بنسبة 1.9 في المئة عام 7002. وأضاف أن أرباب العمل يصفون أعمالهم الراهنة والمقبلة على مدى نصف سنة،"بأنها أكثر إيجابية من الأشهر الماضية، على رغم الزيادة المتوقعة على ضريبة القيمة المضافة". وأكد خبير المعهد كلاوس آببيرغر أن"الوضع ممتاز"، وأن إدارات 7000 شركة تُستفتى شهرياً،"لا تعتقد بأن زيادة القيمة المضافة ستشكل مشكلة كبيرة لها"، لافتاً إلى أن حجم الطلبات من الخارج جيد، وكذلك من الداخل. ومع ذلك أشار آببيرغر إلى عوامل سلبية عدة مثل تراجع معدل النمو في الولاياتالمتحدة، وعدم وضوح أسعار النفط بعد، وامكان رفع المصرف المركزي الأوروبي معدل الفائدة هذا العام، بعد رفعها قبل نهاية 2006 إلى 3.5 في المئة، وارتفاع قيمة اليورو على الدولار. ومع ذلك طمأن الخبير الاقتصادي إلى أن هذه العوامل"لا تلعب حتى الآن دوراً أساسياً". وذكر رئيس مجلس الحكماء الاقتصاديين بِرت روروب، الذي يقدم استشارات دورية للحكومة، أن نمو الاقتصاد الألماني سيحقق 2 في المئة السنة الجارية، وأن البطالة ستتراجع إلى حدود الأربعة ملايين شخص. وفيما رأى الخبير الاقتصادي هولغر شميدينغ أن الانتعاش الاقتصادي سيستمر حتى عام 2008، أكد رئيس معهد الاقتصاد في ميونيخ زِن أنه يتوقع استمراره حتى عام 2010. كذلك سارعت معاهد اقتصادية عدة أخيراً إلى رفع تقديراتها للنمو المنتظر هذا العام، مثل معهد البحوث الاقتصادية RWI في الراين ووستفاليا، الذي توقع نمواً نسبته 2 في المئة، ومعهد الاقتصاد الدولي في كيل IfW، الذي توقع نمواً نسبته 2.1 في المئة. أما رابطة المصارف الألمانية BVR فذكرت أنها تنتظر نمواً نسبته 1.75 في المئة للسنة الحالية ولعام 8002، مُلاحِظةً حصول"انتعاش مهم في السوق الداخلية". إلى ذلك، تحدثت بيانات اتحاد تجارة التجزئة في ألمانيا عن وصول حجم المبيعات في الشهرين الأخيرين من السنة الماضية إلى 75.7 بليون يورو، بزيادة 2 في المئة على الفترة ذاتها من عام 2005. وسجل معهد البحوث البريطاني NTC خلال الفترة نفسها أيضاً ارتفاعاً كبيراً في المبيعات في ألمانيا، فارتفع مؤشره من 53.8 إلى 57.77 نقطة. وأرجع خبراؤه جزءاً مهماً من الارتفاع، إلى المشتريات الاستباقية للمستهلكين قبل بدء سريان مفعول ضريبة القيمة المضافة مطلع هذه السنة.