بعد أن نشرت "الحياة" حواراً مع المخرج السينمائي السوري محمد ملص 9/3/2007 انتقد فيه واقع السينما السورية، والمؤسسة العامة للسينما وإدارتها، اتصل المدير العام للمؤسسة الناقد محمد الأحمد ب"الحياة"معرباً عن رغبته في الرد وتوضيح بعض الملابسات وفقاً لمبدأ "الرأي والرأي الآخر". لا يلمس المحاور في حديث محمد الأحمد أي بعد شخصي، وهو على رغم المرارة التي طغت على كلام آثر الابتعاد من الانفعال، وراح يروي التفاصيل التي يعرفها حول المشكلة القائمة بين ملص والكاتب خالد خليفة في شأن سيناتور فيلم "باب المقام"، ويدافع عن موقعه كمسؤول سينمائي. هنا مقتطفات من الحوار/ الرد : ما هي الرواية التي تملكها حول سيناتور"باب المقام"، وكيف تبرر المؤسسة تدخلك في الموضوع؟ - معروف عني أنني لا أميل إلى السجالات أو الخصومات، لكن عندما نتعرض إلى تهم غير دقيقة فلا بد من التوضيح. فيما يخص محمد ملص أؤكد أولاً بأنه لا يوجد أي موقف شخصي تجاهه، والمؤسسة تدخلت من منطلق مؤسساتي واحترافي على عكس ما يعتقد. تلقينا طلباً رسمياً من الكاتب خالد خليفة يطلب فيه أن نتدخل لتحصيل حقه المعنوي بعد أن علم أن"باب المقام"حصل على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان فالنسيا - إسبانيا سنة 2005 ويستند في هذا الطلب إلى أن المؤسسة هي الجهة التي اعتمدت النص ووافقت على تصويره، وكان عليّ - عندئذ - أن أقول الحقيقة. والآن أكرر: بالفعل وردني سيناريو"باب المقام"، بداية، ليتم قراءته وإبداء الرأي فيه بحكم الصداقة التي كانت تربطني مع المخرج محمد ملص، وكان السيناريو يحمل فعلاً اسم خليفة فقط. لاحقاً عندما قدم السيناريو، رسمياً، إلى لجنة القراءة المتخصصة، كان يحمل اسم خليفة وملص وفي ما بعد علمت أن اسم المنتج التونسي أحمد عطية قد أضيف إلى كتابة السيناريو، وعندها بدأت المشكلات وتفاقمت، اذ اكتشف خليفة أن النسخة الفرنسية فازت بجائزة أفضل سيناريو ولم يكن اسمه موجوداً ضمن العناوين كمشارك في كتابة السيناريو كما هي الحال في النسخة العربية. نحن إذاً، إزاء حالة اعتداء واضح على حق معنوي، ولو رفضنا التدخل لكان بإمكان خليفة أن يطلبني إلى المحكمة التي كانت ستجعلني أقسم لقول كلمة الحق. هذه حادثة تعود بنا إلى حوادث مماثلة، فقد اعتاد محمد ملص أن يفتعل مشكلة في كل فيلم أنجزه، ففي"أحلام المدينة"كان سمير ذكرى مشاركاً معه في كتابة السيناريو لكنه أراد أن يعتدي على حقه المعنوي. وفي فيلم"الليل"كان حسن سامي اليوسف يعمل معه كمستشار درامي، وأنا أعلم حجم المساعدة التي قدمها لملص الذي قال له لاحقاً بكل برود:"إن حجم مساعدتك لا يؤهلك لأن تكون مستشاراً درامياً!". وفي مرة ثالثة جاء ملص إلى المؤسسة، وأراد أن يطبع نص سيناريو فيلم"الليل"ضمن سلسلة الفن السابع، لكنه حذف اسم أسامة محمد، فقلت له:"إن اسم أسامة موجود في تيترات الفيلم وأفيشاته، كمشارك في كتابة السيناريو، فكيف تحذفه؟". وحين أصر على رأيه رفضت طبع الكتاب، فقام بطبعه في مطبعة خاصة من دون اسم أسامة! وكذلك افتعل مشاكل في مصر مع الراحل رضوان الكاشف وسيد سعيد وسواهما لن أخوض فيها، لكني أؤكد أن تدخل المؤسسة كان تدخلاً مشروعاً، خصوصاً ان هذه الواقعة لها خصوصية، وهي تشكل سابقة لا أعتقد بأنها حدثت لا في السينما السورية ولا العربية ولا العالمية. ليس من انتاجنا كيف تبرر عدم علم المؤسسة بحصول فيلم سوري على جائزة في مهرجان دولي مهم؟ - المؤسسة لا تعلم بكل شيء. هناك مئات المهرجانات السينمائية، ولنفرض أن المؤسسة علمت بأن"باب المقام"قد حصل على الجائزة، فإن ذلك كان سيمر بسلام، فالفيلم ليس من إنتاج المؤسسة. تأخرتم كثيراً في تحديث صالات"الكندي"التابعة للمؤسسة، أما الصالات الخاصة"فلم تعد تصلح حتى لقيلولة العاطلين". بحسب تعبير محمد ملص ما رأيكم؟ - تم تحديث صالتي"الكندي"في كل من اللاذقية وحمص، أما"كندي"دمشق فقد تأخر تحديثها وهذا صحيح، لكن لا بد من التوضيح بأن الصالة ليست تابعة لمؤسسة السينما، بل أن المكتب الفني في وزارة الثقافة هو الذي يشرف على التحديث والترميم، وقد تبين أن ثمة تشققات في الاساسات، فالمسألة هندسية. ومع ذلك أقول لو كانت الصالة ضمن سلطتي لانتهيت من تحديثها في ستة أشهر من خلال مؤسسة"بيت الخبرة العالمي"التي تحدّث الصالات في جميع دول العالم. أما الصالات الخاصة، فمنذ تسلمي إدارة المؤسسة قدمت لاصحابها الكثير من التسهيلات: ألغيت قانون حصر الاستيراد الصادر في نهاية الستينات والذي ينص على حصر استيراد الأفلام بمؤسسة السينما، وكذلك خففنا نسبة الضرائب والرسوم سواء على استيراد مستلزمات تحديث الصالات أو على بطاقات الدخول. لكن، يبدو، أن أصحاب الصالات يريدون أن يحولوا صالاتهم إلى محلات تجارية وما شابه، ولم نعترض على ذلك لكننا اشترطنا أن توجد ضمن هذه المحلات وفي كل مجمع صالة سينمائية صغيرة، لكن لا أحد يستجيب، وليست لدينا السلطة على إجبار أصحاب الصالات على تنفيذ ما نريد. من الإجحاف، إذاً، تحميل مؤسسة سينمائية حكومية عبء النهوض بواقع سينمائي بأكمله. لا بد من أن يتعاون الجميع، لكن هذا التعاون مفقود، وعلى المؤسسة أن تحدّث الصالات، وان تنتج الأفلام الروائية الطويلة والتسجيلية القصيرة، وان تدعم مشاريع الهواة، وان تطبع المجلات والكتب، وان تشرف على مهرجان السينما... فهل هذا معقول!!. هل أنت"عدو للسينما"، كما يصفك محمد ملص في الحوار الذي نشرته"الحياة"؟ - كنت أتخيل أن يصفني الاستاذ ملص بمختلف النعوت أما أن يصفني ب"عدو السينما"فهذا ما لم أكن أتوقعه مطلقاً، لا سيما انه كان يمدحني كثيراً في الماضي ويقول إن السينما السورية"ربحت شاباً متحمساً، ومحباً للسينما". كيف أكون عدواً للسينما وتربطني علاقات صداقة طيبة مع أغلب السينمائيين السوريين وكذلك السينمائيين في مختلف بلاد العالم. طبعاً، لا بد من وجود خصوم ومنتقدين فأنا، بإمكانات المؤسسة الضئيلة، لا أستطيع أن ألبي طلبات عشرات المخرجين الذين يريدون العمل، فالمؤسسة لا تستطيع إنتاج اكثر من ثلاثة أفلام في السنة وهذا يوجد بعض العداوات. وأعتقد بأن عدو السينما هو الفنان الذي يناصب العداء لكل أصدقائه السينمائيين ويثير مشاكل لا تليق بمكانته السينمائية. الذي يعاني من أزمات نفسية، وإلا كيف نفسر تصريحاته القائلة بأن فيلمه"باب المقام"لم يمنع في سورية من العرض فحسب، بل منع من التصوير كذلك! ولا حاجة بنا إلى الرد لأن الفيلم الذي صدر في سورية يفضح مثل هذه المزاعم. وفي الوقت الذي لا أستطيع إنكار الموهبة السينمائية التي يتمتع بها محمد ملص لا بد من القول إنه يتمادى في إثارة المشاكل، وإذا كان الآخرون قد سكتوا، فإن خالد خليفة، وكما لمست، لن يسكت عن حقه، وهو يملك كل المقومات والوثائق التي ستعيد له هذا الحق.