انتبهت سيدة تملك شقة متواضعة على سطح عمارة في أحد أحياء سيدي مومن الفقيرة في الدار البيضاء الى أن الشابين اللذين استأجراها منها لم يظهر لهما أثر منذ الأحد الماضي، فأبلغت أجهزة الأمن بأن مواصفاتهما قد تكون متطابقة مع"الانتحاريين"عبدالفتاح الرايدي الذي فجّر نفسه في مقهى للانترنت مساء الأحد ويوسف خدري الذي كان يساعده وفر هارباً قبل اعتقاله. قادت السيدة مسؤولي الأمن إلى موقع الشقة في بلوك 4 مساء أول من أمس ليتبين أنها محكمة الإغلاق، ما أدى إلى استدعاء خبراء في المتفجرات وأعداد كبيرة من قوات الأمن قرابة 300 عنصر التي طوقت المنطقة وشرعت ليل الثلثاء في اخلائها من السكان مخافة حدوث انفجار. وأفادت مصادر مطلعة أنه بعد فتح الشقة قرابة السادسة صباحاً، عثرت قوات الأمن على كميات من المتفجرات تزن أكثر من 200 كلغ، إضافة الى معدات استخدمت في تصنيع عبوتين ناسفتين انفجرت إحداهما في جسد الانتحاري الرايدي، ومواد استخدمت في تلغيم الشقة في حال دُهمت أثناء وجود الانتحاريين فيها، قبل"الأحد الأسود". وأضافت أن التحريات المتواصلة قادت إلى تطابق المواد التي صنعت منها المتفجرات مع تلك التي استخدمها انتحاريو هجمات الدار البيضاء في 16 أيار مايو 2003، ما يحمل على الاعتقاد بأن المصدر الذي أشرف على صناعتها قد يكون واحداً، في وقت ما زالت التحقيقات جارية مع الموقوف سعد الحسيني الذي وصفته تقارير عدة بأنه"صانع المتفجرات"في هجمات الدار البيضاء قبل نحو أربع سنوات. واعتقلت السلطات المغربية أكثر من 14 شخصاً يُعتقد أن أسماءهم وردت في إفادة خدري الذي لا يزال يعالج في مستشفى إبن رشد وسط حراسة مشددة، ما قد يعني، في حال التأكد من ضلوعهم في خطة إرهابية ما، أن الأمر كان يشمل سلسلة تفجيرات شبيهة بهجمات الدار البيضاء التي قام بها ما لا يقل عن 13 انتحارياً. وتسعى السلطات الى التأكد من الأهداف التي كان ينوي الرايدي وربما رفاقه استهدافها، وإن تردد أنه كان سيضرب"مكاناً مكتظاً"بالناس أو سيهاجم مركز أمنياً في الدار البيضاء. ومعلوم أن الرايدي كان بين المتهمين على خلفية هجمات الدار البيضاء ودانته محكمة بالسجن خمس سنوات، لكنه استفاد من عفو ملكي قبل حوالي عام ونصف العام. وذكرت أوساط أنه كان انطوائياً داخل السجن، فيما أفادت تحريات أنه كان يتعاطى المخدرات واستقطبه أحد منظّري"السلفية الجهادية"بدعوى أن العمل الجهادي"سيكفّر عن ذنوبه"، في حين أفادت أوساط قريبة من أسرته انه كان عاطلاً عن العمل ويشتغل بين الفينة والأخرى بائعاً متجولاً لعصير الفواكه على متن عربة كانت تجوب الأحياء الهامشية في سيدي مومن، إلا انه غادر أسرته قبل حوالي اسبوعين. وتلفت مصادر مطلعة إلى أن تلغيم الشقة التي كان يقيم فيها الانتحاريان في سيدي مومن يشبه الطريقة نفسها التي فجّر بها المتورطون في هجمات قطارات مدريد أنفسهم حين دهمتهم قوات الأمن في شقتهم في"لغانس"بضواحي مدريد. وتضرب السلطات الأمنية حصاراً قوياً على حي مولاي رشيد الذي توجد فيه شقة الانتحاريين، كما يجري التدقيق في الهويات، ما يعني أن هناك قوائم بمطلوبين جدد يتم البحث عنهم.