اهتمت الصحف البريطانية بالترجمة الإنكليزية لرواية "عمارة يعقوبيان" الصادرة عن دار فورث استيت لطبيب الأسنان المصري علاء الأسواني. ملحقا "ذا صنداي تايمز" وپ"ذا غارديان" الثقافيان قارناه بنجيب محفوظ الفائز بنوبل الأدب في 1988، قال بيتر كمب في الأول ان الانقسام بين الفقراء والأغنياء والهاجس الجنسي والتعطش الى المال في عاصمة مكتظة تذكر ببلزاك. لكن التأثير الأكبر يبقى محفوظ خصوصاً في روايته "زقاق المدق" التي صدرت في 1947. جيمس بيوكان في الثاني ربط"عمارة يعقوبيان"بتراث تشارلز ديكنز، وحدد موقعها في منتصف الطريق بين"زقاق المدق"والمسلسلات التلفزيونية المصرية. وفي حين وجد محفوظ نجاحاً أكبر في ترجماته الإنكليزية والفرنسية فإن رواية الأسواني تطبع للمرة التاسعة، ورصد للفيلم المقتبس عنها اضخم موازنة في السينما المصرية. رصد محفوظ التغيرات في الطبقة العاملة المصرية بعد الحرب العالمية الثانية ووجود الجيش الثامن البريطاني في مصر، بينما اختار الأسواني حياً أوروبياً في القاهرة عند وقوع حرب الخليج الأولى في 1990. العقدة بارعة، يضيف بيوكان، والرواية خالية من تهريج الشخصيات وكثافة الطعم والنسيج في"زقاق المدق". تساءل محفوظ عما إذا كان ممكناً للجائع ان يحتفظ بفضائله، وحدد الأسواني أسباب فقدان المصريين استقامتهم وفضيلتهم الجنسية: البريطانيون، الملكيون، الناصريون، رجال الدين والأثرياء الجدد. يقول سياسي في الرواية إن"المصريين هم اسهل شعوب العالم للحكام. ما ان تستلم السلطة حتى يخضعوا لك وينبطحوا على الأرض فتستطيع ان تفعل بهم ما تشاء". غير صحيح، يقول بيوكان كما اكتشف البريطانيون والملكية المصرية. الترجمة الإنكليزية لپ"عمارة يعقوبيان"من 255 صفحة وتمثل شخصياتها هواجس المجتمع المصري الحديث من فقر وظلم وإرهاب وجنس. البناية موجودة حقاً وسكنها اثرياء القاهرة عندما بناها اميركي يهودي في ثلاثينات القرن الماضي. الأسواني نفسه استأجر فيها عيادة ثم اعتمدها مجازاً لمصر المعاصرة بانقسامها الصارخ بين من معهم ومن ليس معهم. يعيش القسم الأول في الشقق الواسعة ويكتظ الثاني في الغرف الصغيرة على السطح. يحن زكي بيه الدسوقي 65 عاماً، الى ما قبل الناصرية ويغوي النساء ويرتاد المطاعم الفرنسية ذات العز الغابر. الحاج عزام يمثل النسخة العصرية من الدسوقي، ويعيد كتابة تاريخه بماله. كان ماسح أحذية وبات قادراً بعدما أثرى على شراء زوجة شابة ومقعد في البرلمان. طه الشاذلي طالب لامع يطمح الى العمل ضابطاً في الشرطة ويخيب عندما يرفض لأن والده بواب مبنى. يسجن ويعذّب وينتهك جنسياً لاشتراكه في التظاهر ضد حرب الخليج الأولى فتقدمه السلطة هدية للمتطرفين الإسلاميين الذين يعدونه لعملية انتحارية. صديقة طه السابقة تكتشف ان عليها قبول تحرّش الرجال في مقر العمل لكي تحتفظ بوظيفتها. امرأة أخرى تقبل بمشاركة زوجها الجندي مع صديقه المثلي الذي ينفق على أسرتها. ثمة أم لا تسأل ابنتها عن مصدر المال الذي تعيل الأسرة به، وأرملة شابة تتزوج الحاج عزام لكي تعيل ابنها وتتخلى عن رؤيته في آن واحد. عالم"عمارة يعقوبيان"يتاجر بالأخلاق والدين باسم تدبير الأمور والنجاح في الحياة. سارق قبطي يخبئ غنيمته خلف صورة للعذراء، وتاجر مخدرات مسلم يتلو الآيات القرآنية بإصرار. لا يتعب الحاج عزّام من ترداد كلمة"الله"عند مساومته موظفي الحكومة على حجم الرشوة. ملحق السبت الثقافي لپ"ذا ديلي تلغراف"رأى الجنس والدين سبب تحول"عمارة يعقوبيان"الى كتاب افضل مبيعاً مثير للجدل وعنصريه"الأكثر تسلية". توقف مع ملحقي"صنداي تايمز"وپ"غارديان"عند وصف الأسواني نظرة المثليين"الحزينة، الغامضة، القاتمة". وركزت"صنداي تايمز"على"حماس"الكاتب في وصف اجساد النساء اللينة الحارة والأثداء الممتلئة والمؤخرات الناعمة. أوردت وصفه النساء الباحثات عن الجنس ب"الساقطات"و"المسكونات بشهوة شيطانية"وأطفال الزيجات المختلطة بپ"مشاعر الاغتراب والاضطراب النفسي"وتفاهم المثليين بلغة خاصة"مثل الشحاذين والنشالين"وبروزهم في وظائف محددة كالعلاقات العامة. لكنها تجد الرواية"آسرة"ونهايتها التي تصور زواجاً بين أرستقراطي وفتاة فقيرة يسكن أهلها على سطح العمارة صورة للثقة والانسجام وقبول الآخر. نشرت"عمارة يعقوبيان"بالعربية في 2002 وباعت آلاف النسخ وتُرجمت الى سبع عشرة لغة. نال من حقوق الفيلم ما يعادل 1500 جنيه استرليني فقط وعليه ان يمارس طبابة الأسنان لكي يعيش على ان عمله يزوده بالمادة الأدبية ايضاً ويسمح له بالسفر لقدرة زملاء ورفاق في حركة"كفى"الديموقراطية على الاهتمام بمرضاه. ذهب الى مدرسة فرنسية وتعلم الإسبانية فقرأ أدب غابرييل مارسيا ماركيز وفارغاس يوسا باللغة الأصلية. درس في اميركا ونشر روايته التالية"شيكاغو"مسلسلة في صحيفة فتلقى تهديدات من إسلاميين تحداهم بنشرها إعلاناً احتل صفحة كاملة من الصحيفة.