درج الاميركيون على الاهتمام بنمو الصين الاقتصادي، وتحولها الى قوة اقتصادية. وفي حين ينصرفون الى الانشغال باستثماراتهم المالية في الصين، تبني الصين جيشاً قوياً. فبكين أعلنت، في مطلع الأسبوع الحالي، عزمها على رفع قيمة موازنتها الدفاعية 17.8 في المئة قياساً على موازنة 2006. وفي العقد الماضي، ضاعفت الصين موازنتها الدفاعية سنوياً. وأعربت الولاياتالمتحدة، ودول الجوار الصيني بشرق آسيا، عن قلقها من تعاظم موازنة الدفاع الصينية. والحق أن أكثر ما يقلق في هذه الموازنة هو تسترها على قيمة النفقات المرصودة فعلاً لقطاع الدفاع الصيني. فبكين دأبت على انتهاج سياسة ضبابية، وعلى تضليل المجتمع الدولي. وتزعم الحكومة الصينية أن قيمة موازنة دفاع 2007 تبلغ نحو خمسين بليون دولار. وهذا مبلغ معقول، ويحاكي موازنات دفاع عدد من الدول، على غرار اليابان وبريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن موازنة الدفاع الصينية المعلنة تستثني النفقات الجارية على قطاعات عسكرية أساسية، مثل صناعات السلاح، وشراء الاسلحة، والأبحاث العسكرية، وتطوير النظام الدفاعي. وبحسب تقرير البنتاغون السنوي الصادر في الخريف الماضي، بلغت قيمة الموازنة الصينية الفعلية نحو مئة بليون دولار. ولكن لماذا تعلن الحكومة الصينية موازنة مصطنعة وخيالية؟ ويعزو مراقبون"الفبركة"الى البيروقراطية واجراءاتها المتحجرة. فالكذب والتضليل هما من سنن الأنظمة الشيوعية وتقاليدها. فلا ريب، في أن قدرات جمهورية الصين الشعبية العسكرية لا تضاهي قوة الولاياتالمتحدة العسكرية. ولكن الصين جددت، في العقد الماضي، عتاد جيشها المتداعي والموروث من أيام ماو تسي تونغ الآفلة. وقلصت بكين عدد جيشها وضخامة عتاده المتآكل. فهي تسعى الى انشاء جيش يليق بالقرن الواحد والعشرين، أي قوة دفاعية"صغيرة"ذات قدرات عسكرية وتقنية عالية. ففي الاعوام الماضية، نشرت الصين أكثر من 900 صاروخ على المضيق الفاصل بينها وبين تايوان، واشترت طائرات حربية من روسيا. وتطور الصين أسطولها البحري وغواصاتها البحرية. وجليّ أن بكين تريد زيادة قدرة قواتها العسكرية على استهداف قوات البحرية الاميركية المنتشرة غرب المحيط الهادئ. فمن المفترض أن تبتاع صواريخ"سان بورن"الشمس الحارقة، الروسية الصنع والمضادة للصواريخ. ولا شك في أن حيازة بكين الصواريخ المضادة للأقمار الاصطناعية، واختبارها، يرميان الى تحييد التفوق الاميركي العسكري وإدارة المعركة من بُعد. ولا يتوقع ان تحاول الصين تحدي النفوذ الاميركي العسكري في العقد المقبل. فهي عاجزة، الى يومنا هذا، عن تبعات هذه الخطوة. والحق أن موازنة بكين الدفاعية المرتفعة هي محاولة لاكتساب قدرة عسكرية رادعة تحمل الولاياتالمتحدة على التراجع عن التزاماتها الدفاعية شرق آسيا. عن تيد غالن كاربانتر نائب رئيس قسم دراسات الدفاع والسياسات الخارجية في معهد "كاتو"، "سان فرنسيسكو كرونيكل" الأميركية، 9/3/2007