في مستهل حلقات المسلسل الأميركي الفكاهي الجديد "خاص كوميديا محور الشر"، يمر الممثلون، وهم من أصول شرق أوسطية، بجهاز كاشف للمعادن عند ظهورهم أمام الشاشة، ويهزأون بالإجراءات الأمنية في المطارات الأميركية بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر. فلم تعد المطارات مكاناً لحوادث مضحكة ومزعجة، بل أصبحت أمكنة تبعث على القلق والخوف. ويروي الممثل أحمد أحمد، وهو عضو في"محور الشر"الكوميدي، أنه يلاحظ من هو عنصر الأمن في الطائرة فور صعوده إليها. فرجل الأمن هو"ذاك الشخص الذي يحمل مجلة نسائية بالمقلوب، ولا يكف عن التحديق بي". وثمة مبالغة في القول إن الأميركيين المتحدرين من أصول شرق أوسطية وجدوا في اعتداءات 11/9 فسحة أمل. ولكن الاعتداءات سلطت عليهم الأضواء. والى وقت قريب، لم يكن الأميركيون يعرفون شيئاً عن ثقافة شركائهم في الوطن المتحدرين من أصول شرق أوسطية، سواء كانت هذه الثقافة موسيقية أو غنائية أو أدبية. وكانت قلة من الإرهابيين والفنانين الشرق أوسطيين يمثلون هذه الشريحة. ولم تترك شخصية عامة بصمة إثنيتها أو جماعتها على عملها ونشاطها السياسي أو الفني. فلم يسمع الأميركيون بشخص"إيراني - أميركي"أو"عربي - أميركي"من قبل. ولا ريب في أن الكوميديا، وهي قد تكون ناجعة في تقليص التشنج، مدخل الأقليات الى مواجهة أميركا ومصالحتهم إياها. وبعد الحادي عشر من أيلول، أدى فريق"محور الشر"الكوميدي دوراً سياسياً. ولاحظ الممثل الفكاهي دين عبيدالله، وهو استهل تقديم عروضه الضاحكة في ملاهي نيويورك بعد 11/9، أن جمهوره الأميركي، ومعظمه من غير العرب، يرغب في الاستماع الى نكات عن الأخبار ونشراتها. فأسس مهرجان الكوميديا العربية الأميركية بنيويورك، وأنشأ فريق"محور الشر"بمساعدة ممثلين من لوس أنجليس. والحق ان اعتداءات أيلول لم تلفت انتباه الأميركيين الى جاليتهم العربية فقط، بل حملت، كذلك، الشرق أوسطيين على إدراك ذاتهم كجماعة. ويقول عبيدالله انه كان رجلاً أبيض"قبل 11/9، وأصبح من بعد هذا التاريخ عربياً. فالعرب هم السود داكنو البشرة الأميركيون الجدد. وشأن الرق، وهو وحّد الأفارقة وذلل الخلافات بينهم وجعلهم سواسية، جمعت أحداث 11/9 أشخاصاً من مشارب مختلفة، وذوبتهم في بوتقة واحدة. فهي خلطت الأميركيين العرب، من غير المسلمين، بالأميركيين المسلمين من غير العرب. ولكن ثقافة الپ"بوب"الغنائية، لم تكترث بالاختلافات بين الشرق أوسطيين. ولا شك في أن المجتمع الأميركي يشهد إرهاصات وعي شرق أوسطي جماعي جديد. فالمسلسل الشعبي"آندي باركر"يقدم شخصية صاحب مطعم كباب أفغانياً يزين مطعمه بأعلام بلاده. ويستنكر هارون قادر، وهو ممثل في"محور الشر"، تلعثم مواطنيه بلفظ كلمة"فلسطين". ويقول ساخراً"بربكم! نحن مسؤولون عن الإرهاب في السنوات الخمسين الأخيرة... فكم يلزمنا من حجارة لتلاحظوا وجودنا!". ولا ريب في أن الخط الفاصل بين السخرية والواقع رفيع. ولكن الكوميديا قمينة بتعريف المجتمع الأوسع بثقافة جماعة وصمت بالإرهابية والانتحارية. ويتعرف الأميركيون، اليوم، بعد أربع سنوات على اجتياح العراق، الى ممثلين شرق أوسطيين أميركيين قادرين على قتل المشاهدين ضحكاً! عن جايمس بونيفوزيك ، "تايم" البريطانية، 19/3/2007