منذ شهر والمشاكل تنهمر على ضحى التي باتت مقتنعة أن السبب هو امتناعها عن إعادة إرسال بريد إلكتروني بطريقة "الفوروورد" إلى خمسة أصدقاء كما كانت الرسالة تشترط في نهايتها. ومع أن ضحى 23 عاماً اعتادت أن "تفرود" الإيميلات المذيلة بعبارة تشدد على ضرورة إعادة إرسالها، إلا أنها تمردت هذه المرة لسبب غير واضح. فألغتها من بريدها لكن ما إن بدأت المشاكل تنهمر عليها حتى تذكرت التحذير ممن لا يعيد إرسال الايميل. وتقول ضحى:"لم أعد أرسلها كما كانت الرسالة تقول، وها أنا أدفع الثمن، فمنذ أكثر من ثلاثة أسابيع والمصائب تتوالى علي ... تشاجرت مع أمي ومديري في العمل ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعرضت لحسم سبعة أيام من راتبي بعد أن عجزت عن إنجاز المهمة المطلوبة مني في الوقت المحدد". وصار من الشائع وصول رسالة إلكترونية تحمل"تنبيهاً"يفيد بضرورة"فرودتها"إلى عدد غالباً ما يكون محدداً من الأصدقاء."وتحذّر"الرسالة كل من لا ينصاع أن مكروهاً ما سيحدث له في مدة محددة أيضاً. لكنها في المقابل تبشر من يرسلها للعدد المطلوب بتلقي خبر سار قريباً، أو بتحقيق أمنية ما. ويختلف أحياناً الخبر السار أو الفترة الزمنية لتحقق الأمنية بعدد الأشخاص الذين يتم إعادة إرسال"الإيميل"إليهم. فالمكافأة تختلف بين خمسة متلقين أو عشرة أو عشرين, وغالباً ما لا يحسب المرسل الأول. وتشير ضحى الموظفة في شركة خاصة إلى أنها طالما امتثلت لأوامر الإيميلات التي تصلها وتحثها على"فرودتها"سيما وأنها مجانية. والطريف أن ضحى تعترف بأن لم يسبق لها أن تلقت خبراً ساراً بعد"فرودتها"لمثل هذا النوع من الرسائل الإلكترونية لكنها تستدرك قائلة:"إبعد عن الشر وغني له". في المقابل، تسخر نادين من الأمر وتعتبره"سخيفاً ومستوحى من أفلام الرعب الخيالية". وتقول:"كيف لعاقل أن يصدق مثل هذه الخزعبلات المأخوذة من أفكار سينمائية". ولم يحدث أن"فرودت"نادين 26 عاماً"إيميلا"حمل تنبيها من هذا القبيل، مؤكدة:"لا يعقل أن أعاقب لأنني رفضت شيئا كهذا. فمن حقي أن آخذ قراري في شأن إعادة إرسال أي رسالة إلكترونية تصلني من دون ترغيب أو ترهيب". وعلى رغم موقف نادين الصلب حيال"الفرودة القسرية"إلا أنه يلين عندما يتعلق الأمر بإيميل يحمل مضموناً دينياً. فتقول:"ينتابني شعور بتأنيب الضمير إذا لم"أفرود"رسالة ذات طابع ديني والحقيقة لست أدري لماذا"، موضحة أنها"تسارع إلى"فرودة"الرسائل الإلكترونية المحتوية على آيات قرآنية وأحاديث شريفة". وإلى جانب المضامين الدينية لتلك"الإيميلات"تبرز المضامين الأخرى المتعلقة بالحظ والحب. لدى وائل 28 عاماً الممتنع دائماً عن"الفرودة"القسرية فلسفة حيالها، يقول:"أكره أن يضعني أحد تحت الأمر الواقع، وليس من حق أي كان فرض ما يتوجب علي فعله والفكرة عندي تنسحب على"الإيميلات"المصحوبة باشتراط فرودتها". ويغضب وائل من أصدقائه الذين"يفعلونها به"، موضحاً:"أطلب منهم عدم إرسال إي من تلك الرسائل التي تتضمن شروطاً". لكن وائل أيضاً يسارع الى"فرودة"أي"إيميل"يحمل أذكاراً أو نصائح لأكبر عدد من أصدقائه من باب"مضاعفة الثواب". ويقول:"عندما تتضمن الرسالة الإلكترونية التي تصلني أحاديث نبوية أو أدعية أرسلها لكل الأصدقاء فالحسنة بعشرة أمثالها". ولا أحد يعلم من يبتدع هذه الرسائل الإلكترونية ولا دوافعه سيما وأنها غالباً ما تصل إلى البريد الإلكتروني محوّلة من آخرين. وفي هذا السياق يقول اختصاصي الطب النفسي الدكتور محمد حباشنة إن"الأشخاص الذين ينشئون مثل هذه"الإيميلات"لديهم نزعة تسلطية ورغبة بجعل آخرين ينصاعون لرغباتهم حتى من دون الإفصاح عمن يكونون". ويعتقد حباشنة أنهم"أفراد ذوو شخصيات مضطربة وغير مستقرة". بيد أنه لا يستبعد أن يكون الأمر شأناً تجارياً بحتاً تبتدعه شركات خاصة تسعى لترويج نفسها عبر الشبكة العنكبوتية من خلال زيادة عدد مستخدميها.