لم يتوقع علي ان يصبح البريد الالكتروني جزءاً أساسياً من حياته اليومية مثله مثل آلاف الشباب السوريين الذين باتوا يقضون ساعات طويلة وراء أجهزة الكومبيوتر في المنزل والعمل وحتى في مقاهي الانترنت حين السفر والتنقل بين المحافظات. البداية كانت أشبه بمغامرة كما يؤكد الشاب الذي يعمل في دائرة حكومية ويراسل حيناً تلو آخر احدى الصحف العربية. "يومذاك اتصل بي المشرف على صفحة السياحة طالباً ارسال صور لتحقيق كنت ارسلته عبر الفاكس قبل ايام"يقول علي. ويضيف:"لم يكن من خيار أمامي الا الذهاب الى احد مقاهي الانترنت واستخدام الإيميل بمساعدة احد الاصدقاء لارسال ثلاث صور خلال أقل من دقيقتين. في السابق كنت أشعر بالرهبة تجاه هذه التقنية المعقدة وزاد الامر سوءاً إمعاني في تجاهلها، خصوصاً انني لم اكن أملك جهاز كومبيوتر، فضلاً عن ان هذه التقنية لم تدخل في عملي اليومي". ويتابع:"عندما اتذكر تلك اللحظات اشعر كم كنت ساذجاً بالابتعاد عن هذه الخدمة الجبارة. الآن بات التواصل مع العالم عبر البريد الالكتروني رئة أتنفس عبرها بل وأحصل على جزء مهم من دخلي من خلالها، أصبحت ارسل مقالاتي وموادي الصحافية اسبوعياً الى صحيفتين أكتب فيهما دورياً". الاكتشاف الذي أعجب علي قبل نحو خمس سنوات انتقل الى زوجته كما يقول، ولكن مع فارق الاهتمامات بينهما. فهو يهتم بالسياسة ويتبادل الآراء والافكار مع اصدقائه حول ما يدور في العالم... وهي المهندسة تهتم بقضايا التصميم الداخلي والدين والمجتمع وتتبادل المعايدات والرسائل حيناً تلو آخر مع صديقاتها وشقيقتها المقيمة في باريس. تستخدم غادة الكومبيوتر في انجاز المخططات والتصاميم الداخلية ضمن وظيفتها الرسمية، لكن الغريب انها لم يكن متاحاً لها الولوج الى الانترنت كغيرها من زملائها المهندسين في المكتب."من الناحية النظرية تعرفت على البريد الالكتروني خلال مرحلة الدراسة لكن لم اعتد استخدامه الى ان اشترينا الجهاز واشتركنا بخدمة الانترنت"كما تقول، مشيرة الى ان تعلقاً فعلياً ب"الايميل"بدأ لدى سفرها الى مصر في مهمة استغرقت نحو شهر، كان"الايميل"الوسيلة الوحيدة التي استخدمتها للتواصل مع زوجي وأمي وصديقاتي، واستمر تعلقي به الآن مع فارق انني لا أتلقى الرسائل في الحجم الذي يتلقاه علي. يجلس علي أمام جهازه الشخصي مساء كل يوم. البداية تكون باستعراض"الايميلات"الواردة، وهي عادة ليست دائمة لكنها غالباً"دسمة"وفي حاجة الى قراءة طويلة قد تستغرق ساعة وأكثر. "الرسالة الالكترونية الأهم التي أتلقاها هي نشرة"كلنا شركاء الالكترونية"وهي تقدم مقالات وأخباراً حيوية ومتجددة عن الاوضاع الاقتصادية والقرارات السياسية في البلد مع تحليلات ودراسات تكتب للنشرة او تؤخذ من صحف ومجلات عربية وأجنبية. اصبحت النشرة الآن مدفوعة لكن لحسن الحظ ما زلت قادراً على استقبالها باعتباري احد المشتركين القدامى"يقول علي. ويضيف:"الرسائل الاخرى تأتي عادة في شكل متقطع من اصدقائي زملاء الدراسة في قسم الصحافة في جامعة دمشق وهم يرسلون لي مقالات مهمة في السياسة والاقتصاد اطلعوا عليها في صحف لا تدخل البلد عادة ك"النهار"اللبنانية، على مواقع الكترونية اضافة الى صور نادرة او تعليقات". العمل نفسه يقوم به علي مع زملائه"اختار ايضاً ما أراه مهماً من المقالات وأرسلها الى صديقين او ثلاثة مع تعليقي عليها والطلب منهم التعليق وابداء رأيهم. وهذا الدور الأساس يختفي في سفرات علي المتكررة إن بين المحافظات او خارج البلاد حيث يتحول"الايميل"وسيلة للاطمئنان على الزوجة والأهل في الدرجة الأولى، واطلاعهم وبعض الاصحاب على المشاهدات ان كانت تستحق وإن طالت الرحلة". ويقول:"أمضيت الصيف الفائت نحو شهر ونصف شهر في فرنسا وكان"الايميل"وسيلتي للتواصل مع زوجتي وأصحابي الذين استغربوا كثافة الرسائل التي ارسلتها لهم. بات الأمر يعلق بما تمكن تسميته إدماناً على استخدام"الايميل"فضلاً عن انه بات طريقة حياة بكاملها في مثل حالتي".