حوّلت اسرائيل مدينة القدس الى ثكنة عسكرية، واعلنت حال التأهب القصوى ونشرت ثلاثة آلاف رجل امن في شوارع المدينة وعلى مداخلها، ومنعت حملة الهوية الفلسطينية من دخولها، كما منعت من هم دون الخمسين من سكان المدينة ومناطق داخل"الخط الاخضر"الذين يحملون الهوية الاسرائيلية من دخول المسجد الاقصى المبارك لاداء صلاة الجمعة. ولم ينجح في الوصول الى الاقصى الا 2500 مصل. وجاءت هذه الاجراءات بهدف منع الاحتجاجات الفلسطينية على عمليات الهدم في الطريق الموصل الى باب المغاربة المحاذي للمسجد الاقصى. واعلنت الشرطة في وقت مبكر انها رفعت حال التأهب إلى أقصى درجة في القدس وفي كل انحاء اسرائيل تحسباً لوقوع ما اسمته عمليات عنف احتجاجا على الحفريات في باب المغاربة. ورغم هذه الاجراءات تمكن عدد كبير من المواطنين من اجتياز الجدار الفاصل عبر سلالم طويلة او الالتفاف على الحواجز العسكرية والوصول الى القدس. وعندما منعتهم السلطات من دخول المسجد، اقاموا الصلاة في الشوارع والساحات العامة. ومن هؤلاء النائب مصطفى البرغوثي الذي قال ل"الحياة"انه وجد القدس اشبة بمنطقة خاضعة لحظر التجوال. وحذر البرغوثي الذي يُرجح توليه حقيبة الاعلام في حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، من خطة اسرائيلية لتقسيم المسجد الاقصى على غرار تقسيم الحرم الابراهيمي في الخليل، معتبرا ان اسرائيل تهدف من وراء العمليات الجارية في باب المغاربة الى توسيع المنطقة اليهودية في ساحة البراق على حساب المسجد الاقصى ومرافقه. ووقعت عقب الصلاة مواجهات استخدم فيها الجيش والشرطة الاسرائيلية قنابل الصوت والقنابل المسيلة للدموع والهراوات والرصاص المطاط، واصيب او اعتقل في هذه المواجهات عدد من المتظاهرين. وكانت السلطات الاسرائيلية اعتقلت 179 فلسطينياً من سكان القدس منذ بدء الاحتجاجات في المدينة الجمعة الماضي. وقالت مصادر في المدينة ان الشرطة افرجت عن مجموعة من الاطفال دون سن العاشرة بعد تعريضهم للتعذيب، وإلزام ذويهم بالتوقيع على كفالات مالية بمبالغ مالية كبيرة. كما اصدرت السلطات قرارات بمنع شخصيات اسلامية من دخول المسجد، بينهم الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية داخل اسرائيل. وفي تعقيب له على هذا القرار، قال الشيخ صلاح:"هذا القرار باطل، ويأتي في اطار الظلم الذي يحاك ضد المسجد المبارك"، مؤكدا انه لن يلتزم به وسيتوجه الى المسجد بصورة دائمة بصرف النظر عن قرارات السلطات. وأثار قرار الشرطة الإسرائيلية تقييد حرية الدخول الى المسجد الاقصى ردود فعل غاضبة من الاوقاف والهيئة الإسلامية. وحمل رئيس الهيئة الاسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري السلطات الاسرائيلية اي اضرار تلحق بالاقصى ومحيطه، مطالبا الانظمة العربية والإسلامية بالتدخل لمواجهة الخطر الذي يتهدده. ووصف مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين وضع قيود على دخول المسجد الاقصى بأنه"عدوان جديد"على حق المصلين في الدخول الى المسجد الأقصى وحرية العبادة. وقال ان المقصود من الإجراءات الإسرائيلية هو"خنق المدينة المقدسة وتفريغ المسجد الاقصى من المصلين". ونفى حسين الادعاءات الاسرائيلية بوقف الحفريات في منطقة باب المغاربة، وقال ان كل ما فعلته اسرائيل هو استبدال الاليات الثقيلة بالعمال الذين يواصلون الحفر باستخدام المعدات اليدوية. ووزعت مؤسسة الأقصى لاعمار المقدسات الاسلامية امس صورا تظهر الموقع الذي بدأت السلطات الاسرائيلية اخيرا بهدمه، وهو عبارة عن تلة وغرفتين تقعان أسفل طريق باب المغاربة وتلاصقان الجدار الغربي للمسجد الأقصى ومسجد البراق. وتظهر الصور الموقع كجزء من المسجد الأقصى المبارك. وقالت المؤسسة في بيان لها ان اسرائيل ترمي من وراء هدم هذا الموقع، بما يحتويه من آثار تاريخية، الى توسيع ساحة البراق لاستخدام اليهود لأداء شعائرهم الدينية في الموقع الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك. وحذرت المؤسسة من الآثار التي تتركها هذه الحفريات على اساسات المسجد. تحريض ضد الشيخ رائد وطالب نواب من الأحزاب الصهيونية المختلفة في الكنيست امس الشرطة الاسرائيلية باعتقال رئيس الحركة الإسلامية في اسرائيل الشيخ رائد صلاح بداعي التحريض ودعوته الجماهير الفلسطينية الى انتفاضة ضد إسرائيل. وقالوا ان الشيخ رائد الذي خطب في جمع المصلين في خيمة الاعتصام في وادي الجوز في القدس أمس، قال"إن التاريخ الإسرائيلي حافل بالدماء، والاسرائيليين يريدون بناء بيت المقدس الجديد فيما دماؤنا على ملابسهم وفي عتبات بيوتهم وفي طعامهم وشرابهم... دمنا ينتقل من جنرال إرهابي الى جنرال إرهابي آخر". وأضافوا ان الشيخ صلاح توعد بهدم"تمثال القوة والاحتلال والغطرسة المتمثل باسرائيل". ودعا وزير شؤون القدس يعقوب إدري الى اعتقال الشيخ رائد إداريا من دون محاكمة، وقال:"يجب أن يوضع وراء القضبان حيث مكانه الطبيعي". ووصف النائب اليميني ايفي ايتام الشيخ رائد ب"قنبلة موقوتة تحت نسيج العلاقات بين العرب في اسرائيل والدولة"، ودعا الحكومة الى التعامل معه على غرار تعاملها مع"أخطر أعداء اسرائيل". وطالب النائب اليميني المتطرف ديفيد روتم المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز والقائد العام للشرطة باعتقال الشيخ رائد فورا"وإبقائه رهن الاعتقال حتى نهاية الإجراءات القانونية ضده ومحاكمته"، مضيفا ان الشيخ"يشكل خطرا سياسيا وامنيا وجماهيريا على إسرائيل"، كما طالب بسحب المواطنة منه وإبعاده بعد أن ينهي مدة محكوميته. وأعلن القائد العام للشرطة الجنرال موشيه كرادي ان الشرطة ستفحص ما جاء في حديث الشيخ رائد وما إذا كان ينطوي على التحريض. وقالت انها تعتزم التوجه الى محكمة في القدس بطلب إصدار أمر بإبعاد الشيخ عن القدس وعدم الاكتفاء بمنعه من الاقتراب مسافة 150 مترا من المسجد الأقصى.