سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جنبلاط يهاجم الأسد ... وجعجع يحمل على لحود ... والخطباء يطالبون المعارضة بالخروج من الشارع ولا ينتقدون إيران . حشود الأكثرية تنتصر للمحكمة الدولية في ذكرى الحريري
انتصر مئات الآلاف من جمهور قوى 14 آذار في لبنان لقيام المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه والجرائم المرتبطة بها، حين غصّت بهم ساحة الشهداء حيث ضريح الحريري، في الذكرى الثانية لاغتياله أمس، بعد ان بات قيام المحكمة موضوع الخلاف الأساسي في الأزمة السياسية المتفاقمة منذ اشهر بين الأكثرية والمعارضة. وإذ شدد الخطباء ال 17 في المهرجان الذي أقيم للمناسبة على قيام المحكمة، اعتبر زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري ان"المحكمة هي المعبر الوحيد لأي حل"، داعياً المعارضة الى"قرار شجاع وحل شجاع"، في ظل معلومات عن جمود الاتصالات الجارية بالواسطة بينه وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعدم إحرازها أي تقدم بسبب استمرار الخلاف على طريقة حسم الخلاف في شأن إقرار مشروع المحكمة بالتزامن مع قيام حكومة وحدة وطنية. وشنّ عدد من خطباء المهرجان هجوماً عنيفاً على النظام السوري فتحدث رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي: وليد جنبلاط عن"طاغية دمشق"، فيما غاب الهجوم الاعتيادي الذي كانت قوى الأكثرية تخص به ايران عن معظم الخطب. وفيما ذكر التلفزيون الإيراني أمس ان منسق الأمن القومي الإيراني الدكتور علي لاريجاني زار المملكة العربية السعودية، لمواصلة البحث مع كبار المسؤولين السعوديين في عدد من أزمات المنطقة بما فيها الأزمة اللبنانية، شكّل التجمع الشعبي الحاشد امس في ذكرى الحريري، تحت شعار"اشتقنالك"، عرض قوة جديداً لقوى الأكثرية في سياق تبادل التحدي الذي ترفعه المعارضة في وجهها حول تمثيلها الأكثرية الشعبية، فجاء حشد الأمس ضخماً، وامتد من ساحة الشهداء الى منطقة المرفأ شرقاً ومنطقة ميناء الحصن غرباً، بعدما كانت المعارضة نظّمت تجمعات عدة حاشدة أيضاً منذ بدأت اعتصامها المستمر حتى اليوم وسط بيروت في كانون الاول ديسمبر الماضي، لتحقيق مطالبها قيام حكومة وحدة وطنية لها فيها الثلث المعطّل وإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وفاجأ الحضور الشعبي الكثيف الذي تجاوز المحازبين والمناصرين والشباب الى النسوة وكبار السن، منظمي إحياء ذكرى الحريري الذين كانوا يتخوفون من إحجام الكثيرين عن المشاركة فيه بعد تفجير الحافلتين المدنيتين في بلدة عين علق على طريق بكفيا - بيروت في المتن الشمالي، أول من أمس، إلا ان التفجيرين أحدثا رد فعل عكسياً على ما يبدو خصوصاً ان جمهور الأحزاب والشخصيات المسيحية في تحالف 14 آذار وخصوصاً"القوات اللبنانية"والكتائب وأنصار الوزيرة نايلة معوض حضر بمواكب كبيرة من الجبل والشمال. لكن الانقسام السياسي الذي تعيشه البلاد والمخاوف الأمنية، انعكست على التدابير الأمنية المشددة التي اتخذها الجيش والقوى الأمنية، والتي أقامت منطقة عازلة بالأسلاك الشائكة وعوائق الباطون وصف من الجنود، بين ساحة الشهداء من جهة وساحة الدباس المتصلة بها وساحة رياض الصلح حيث خيم المعتصمين من المعارضة الذين تولى عناصر الانضباط في"حزب الله"ضبط تحرّكهم تفادياً لأي احتكاك مع جمهور الأكثرية، فيما تولى عناصر من الانضباط التابعين لتيار"المستقبل"الانتشار على المداخل الغربية للساحة لتنظيم الدخول إليها. وأجرى الجيش وقوى الأمن تفتيشاً دقيقاً لكل فرد انضم الى ساحة الشهداء فيما حلّقت طوافات الجيش في سماء منطقة التجمع من العاشرة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر. وفيما شهدت معظم المناطق اللبنانية إقفالاً تاماً لمناسبة الذكرى، بما فيها بعض المناطق الخاضعة لسيطرة"حزب الله"وحركة"أمل"مثل الضاحية الجنوبية وبعض مدن الجنوب، اختلطت عند مناصري قوى 14 آذار الذين أموا الاحتفال مشاعر الحزن والعاطفة تجاه الرئيس الراحل الذي غطّي ضريحه بالكامل بالزهور البيض. وزاره منذ الصباح للصلاة أمامه أو قراءة الفاتحة عن روحه حشد من الشخصيات من أبرزهم شقيقته النائب بهية الحريري وعائلتها ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة وعائلته، اضافة الى النائب سعد الحريري وسائر أقطاب قوى 14 آذار، مع مشاعر الاستنفار السياسي التي أظهرها الجمهور البيروتي الذي نزل الى الساحة في شكل لافت، فضلاً عن جمهور الحريري في مناطق الشمال والبقاع إضافة الى جمهور الحزب التقدمي الاشتراكي في الجبل. وارتفعت الى جانب الأعلام اللبنانية الكثيفة في التجمع رايات الاحزاب والتنظيمات المشاركة، وارتدى كثر قمصاناً عليها صورة الرئيس الراحل. وظهرت للمرة الأولى رايات وقمصان كُتب عليها"فهود الطريق الجديدة"وهو أحد أحياء العاصمة التي سبق ان شهدت صدامات مع جمهور"حزب الله"وحركة"أمل". وتناول خطباء المهرجان الذي تخلل التجمع الشعبي عناوين الازمة السياسية القائمة في البلاد. وأكدوا دعمهم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. ووجّه الحريري الشكر مرات عدة للمحتشدين. وقوبلت كلمته في بعض أحياء العاصمة بإطلاق الأسهم النارية والمفرقعات، خصوصاً حين تحدث عن بيروت"الصامدة الصابرة المتعالية على جراحها". وعدّد جميع المناطق التي شارك أبناؤها في الحشد شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً معتبراً ان هذه المشاركة في الذكرى دليل على تمسك اللبنانيين بالحرية والاستقلال والمحكمة ذات الطابع الدولي. وأكد ان مجزرة عين علق لن تمر من دون عقاب. وتناول تحرّكات المعارضة خلال الشهر الماضي قائلاً:"على رغم شلّ البلاد من وسط عاصمتها الى مطارها مروراً بإحراق الدواليب وقطع الطرقات والاعتداء على الأحياء الآمنة، على رغم ذلك، اننا في الشوط الأخير لقيام المحكمة الدولية قريباً وقريباً جداً ان شاء الله. وكما وصلتم الى هذه الساحة على رغم التهويل والترهيب، فإننا على رغم الاغتيالات والإرهاب واثقون واثقون واثقون بأن لبنان اتفاق الطائف والوحدة الوطنية سينتصروا وأعداءه سيسقطون". وأضاف الحريري:"نحن هنا لنمد يد الحوار والوحدة الوطنية الى كل اللبنانيين لنتوصل الى القرارات الشجاعة التي تضمن وحدتنا وحماية لبنان والمحكمة الدولية واستقرار لبنان بحكومة تتمثّل فيها كل الكتل النيابية التي انتخبها اللبنانيون بإرادتهم". أما جنبلاط فعدّد أسماء جميع الشهداء الذين سقطوا في حوادث الاغتيال، من مرافقي الحريري والمواطنين العاديين ومرافق وزير الاتصالات مروان حمادة وصولاً الى ضحايا متفجرتي عين علق. وتضمنت كلمته انتقادات ل"حزب الله"وطالب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بإعطاء الصواريخ والمدافع الى الجيش اللبناني لأن ذلك أفضل بكثير"أما التبن والشعير فاعطهم لحلفائك"، في إشارة الى شاحنة الأسلحة التابعة للحزب التي صادرها الجيش الأسبوع الماضي. ووصف الرئيس الراحل بأنه"أشرف الرجال"قائلاً:"جئنا لتجديد عهد التلاقي والمصالحة والحوار والبناء والاعمار والتنوّع والطائف وعهد الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد علي الأمين والبطريرك الماروني نصرالله صفير". وهاجم جنبلاط الرئيس السوري بشار الأسد واصفاً اياه بأنه"طاغية دمشق"و"مخلوق من أنصاف الرجال ومنتج اسرائيلي". وقال:"في هذه السنة ستأتي المحكمة ومعها القصاص والعدل وحكم الإعدام". وتميزت كلمة جعجع بهجوم على رئيس الجمهورية اميل لحود قائلاً:"ما من ظالم ومستبد ومستأثر الا وأخذ التاريخ حقه منه، عطّل ما شئت وتآمر ما تمكنت لكنك سترحل عند نهاية ولايتك، الى مزبلة التاريخ". وأضاف:"ان وطننا وطن الاتزان والتوازن، والتعددية والديموقراطية فلا يحاولن أحد فرض شيء على احد وتعالوا نخرج من الشوارع ونعود الى المؤسسات ولغة العقل والحوار". ودعا اكثر من خطيب الى الخروج من الشارع وانتقدوا طلب المعارضة الثلث المعطل مقابل الاستعداد للمشاركة... كما طالبوا بفك اسر المجلس النيابي. كما تميز المهرجان الخطابي بكلمة لمفتي صور الجعفري السيد علي الأمين اكد فيها انه لا بد من الوفاق والاتفاق من خلال التفاهم والحوار داعياً الى احياء مؤسسات الدولة وتفعيلها. قال:"قد ينسف الاختلاف والخلاف كل شيء لكننا بالاتفاق نحصل على كل شيء". واستغرب ان يقف المرء في وجه عدالة تريد ان تكشف الجناة. وأقامت حركة"أمل"مهرجاناً خطابياً في مدينة صور للمناسبة قال فيها ممثل بري النائب علي خريس ان رئيس البرلمان فقد شريكاً اساسياً في تحمل مسؤولية لبنان وتحصين خياراته. واذ مر يوم امس بهدوء، وقع حادث بعد انتهاء التجمع، حيث رشق بعض جمهور المعارضة سيارات وحافلات كانت عائدة من بيروت الى بلدتي عرسال والفاكهة، وغيرها في البقاع، وحصل اطلاق نار واشتباك بالايدي في محطتين على الطريق سقط فيهما بعض الجرحى احدهم بالرصاص. ووجه الحريري مساء امس نداء الى أهالي عرسال والمناصرين دعاهم فيه الى ضبط النفس وعدم الانجرار الى محاولات التشويش على ما شهده يوم امس"من تضامن لبناني جامع"، وجرى اتصال بينه وبين بري لتطويق تفاعلات الحادث. بوش الى ذلك اكد الرئيس الاميركي جورج بوش :التزام بلاده دعم مسيرة الحرية والديموقراطية في لبنان"، وأكد مشاركته الشعب اللبناني المطالبة بمعرفة الحقيقة وكشف الضالعين بعمليات الاغتيال، وشدد على ضرورة"انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لاحقاق العدالة ومحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه". وقال بوش في بيان خاص لمناسبة ذكرى اغتيال الحريري ان"الأشرار الذين يقومون بالاعتداءات"وآخرها اول من امس"لن ينجحوا في اسكات الشعب اللبناني وتوقه الى العدالة والديموقراطية في لبنان مستقل"، وأشار الى ان"اعظم تخليد لذكرى الحريري ورفاقه هو في ان يتخطى اللبنانيون اختلافاتهم المذهبية وان يبنوا معاً لبنان حراً ومستقراً ومزدهراً وهو ما كرس الحريري حياته لأجله". وفي نيويورك الحياة، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بياناً لمناسبة الذكرى الثانية ل"الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة رفيق الحريري ورفاقه"، جدد فيه"تأكيد التزام الأممالمتحدة مساعدة لبنان في جهوده الرامية إلى كشف الحقيقة وإلى تطبيق العدالة بمرتكبي هذا العمل الشنيع". وقال بان عبر الناطقة باسمه ميشيل مونتاس:"في هذا المنعطف الحاسم للبنان، وكولاء للأرواح التي هُدرت، من المهم أن تعود كل الأطراف الى الحوار والسعي وراء المصالحة والوحدة الوطنية والاستقرار، وهي كلها مما عمل رفيق الحريري له طوال حياته".