من المتوقع أن يدلي رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت اليوم بإفادته أمام لجنة التحقيق الحكومية في اخفاقات الحرب على لبنان، مسدلاً بذلك الستار على المرحلة الأولى من عمل اللجنة التي استمعت الى أكثر من سبعين إفادة لكبار السياسيين والعسكريين، على أن يتفرغ أعضاؤها الخمسة برئاسة القاضي المتقاعد الياهو فينوغراد لوضع تقرير مرحلي وتقديم توصيات يُتوقع تبنيها، رغم انها ليست ملزمة قانونيا، وذلك حيال أجواء الاستياء لدى عموم الاسرائيليين من اداء أركان المستويين السياسي والعسكري خلال الحرب ومطالبتهم بأن يدفع المسؤولون ثمن الفشل. ورغم انشغال اولمرت في اليومين الأخيرين بالعملية التفجيرية في ايلات وبمحاكمة الوزير السابق صديقه وأقرب القريبين منه حاييم رامون بارتكاب عمل شائن بحق مجندة، إلاّ أن اوساطاً قريبة منه أفادت انه استعد جيدا للافادة التي قد تحسم مستقبله السياسي، من دون استبعاد أن يكون استعان بمشورة كبار المحامين، كما فعل معظم من سبقه الى اللجنة. ويتوقع مراقبون ان ينصب اهتمام أعضاء اللجنة على كيفية اتخاذ الحكومة الأمنية - السياسية المصغرة في اجتماعها مساء 12 تموز يوليو الماضي القرار بشن الحرب على لبنان ردا على أسر"حزب الله"جنديين وقتله ثمانية جنود اسرائيليين، ومدى التنسيق بين المستويين السياسي والعسكري ثم كيفية اتخاذ القرارات خلال الحرب والتلكؤ في اطلاق هجوم بري ثم شنه بعد اتخاذ مجلس الأمن الدولي القرار الرقم 1701 بوقف النار، ما كلف الجيش الاسرائيلي عددا كبيرا من القتلى. وبرأي معلقين فإن اولمرت، بعد أن يرد على الأسئلة المباشرة عن القرارات التي اتخذتها حكومته، سيشير بأصابع الاتهام بفشل الحرب في تحقيق حسم عسكري الى رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال دان حالوتس الذي أقنعه والحكومة بأن سلاح الطيران الحربي قادر وحده على دحر"حزب الله". كما سيحاول اولمرت تبرئة ساحته من تهمة عدم جهوزية الجيش وعدم تحرك اسرائيل منذ انسحابها من لبنان عام 2000 ضد تسلح"حزب الله"والتحصينات التي أقامها بمحاذاة الحدود، عبر الادعاء بأنه كان عند اندلاع الحرب حديث العهد في منصبه الأرفع وأنه يجدر توجيه الأسئلة الى من جلس في السنوات 2000 - 2005 على كرسي رئيس الحكومة، ارييل شارون الذي يغط في غيبوبة منذ 13 شهرا وايهود باراك، والى من جلس في تلك الفترة على كرسي وزير الدفاع باراك وبنيامين بن اليعيزر وشاؤول موفاز ومن كان على رأس الهرم العسكري شاؤول موفاز وموشيه يعالون ودان حالوتس. ورغم التكتم على الافادات التي استمعت اليها اللجنة منذ بدء عملها إلا ان تصريحات كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الذين أدلوا بافاداتهم أشارت الى أن كلاً منهم اتبع نهج دحرجة المسؤولية الى عتبة غيره، فقائد"كتيبة الجليل"الذي اضطر الى الاستقالة بعد الحرب غال هيرش أشّر الى القيادة العليا للجيش على أنها المسؤولة عن الأخطاء والاخفاقات التي حصلت، وقائد المنطقة الشمالية المستقيل اودي آدم بلّغ اللجنة انه اختلف ورئيس هيئة أركان الجيش دان حالوتس في عدد من القرارات التي اتخذها، وكذا فعل نائب رئيس هيئة الأركان موشيه كابلينسكي الذي ادعى انه نفذ أوامر حالوتس رغم انه لم يقتنع ببعضها... أما حالوتس فألقى بالمسؤولية عن الفشل العسكري على كاهل المستوى السياسي، وتحديدا وزير الدفاع عمير بيرتس"الذي اختار الخيار الأكثر تشددا بين الخيارات الكثيرة التي قدمها الجيش للحكومة"، مضيفا انه خرج من اجتماع الحكومة الذي أقر الحرب بانطباع بأن أركان الحكومة قرروا ما قرروه من دون أن يعوا مغزى القرار. يبقى السؤال: هل تكون حقيقة ان الفترة القصيرة التي جلس فيها اولمرت على كرسي رئيس الحكومة، قبل اندلاع الحرب وعدم تبوئه في السابق مناصب قيادية ذات علاقة بقضايا عسكرية، وقصور رئيسي الحكومة وقادة الجيش في قراءة التطورات ومتابعتها داخل لبنان، في مصلحة رئيس الحكومة الحالي فتأتي انتقادات"لجنة فينوغراد"على ادائه"خفيفة يمكن تحملها"ويخرج من التحقيق"جريحا لكن ليس قتيلا"، فيتفرغ بعد ذلك لمواجهة التهم الموجهة اليه في قضايا فساد كثيرة.