يعول رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت على ان قرار حكومته امس تشكيل لجنة فحص او"تقصي حقائق"في شأن اخفاقات الحرب على لبنان، سيمنحه بعض الهدوء ويخفف من حدة الانتقادات الموجهة اليه والى رئيس هيئة اركان الجيش الجنرال دان حالوتس على الفشل في تحقيق الحرب على لبنان النتائج المرصودة لها. وأعربت اوساط قريبة منه عن أملها في ان يحرف تشكيل اللجنة الأنظار عن الحرب واهتمامات الاعلام بتداعياتها ليتفرغ رئيس الحكومة"لمواجهة التحديات الاستراتيجية التي تنتظر اسرائيل". إلا ان التحدي الحقيقي الأهم الذي يستعد اولمرت لخوضه الآن هو الحفاظ على ائتلافه الحكومي وتمرير مشروع الموازنة العامة للعام المقبل المتوقع ان يشهد حربا شرسة على بنوده بين الأحزاب الشريكة في الائتلاف تهدد بإسقاطه. وكانت الحكومة الاسرائيلية في جلستها الأسبوعية امس أقرت اقتراح اولمرت تشكيل لجنة لفحص اخفاقات الحرب على لبنان برئاسة القاضي المتقاعد الياهو فينوغراد وعضوية الاستاذة الجامعية في القانون البروفيسور روت غابيزون والبروفيسور يحزقل درور والعسكريين في الاحتياط الميجر جنرال مناحيم عينان وحاييم ندال. وقال رئيس الحكومة في مستهل الجلسة ان اللجنة ستخوَّل صلاحيات واسعة"توازي الصلاحيات الممنوحة في القانون للجنة تحقيق رسمية ووفقا لما يقرر وزير العدل"، معربا عن أمله في ان تنهي اللجنة عملها بأسرع وقت ممكن، وتساعد اسرائيل في الاستعداد بشكل افضل للتحديات التي تنتظرنا". واضاف ان اللجنة"ستفحص مجمل القرارات التي اتخذت خلال الحرب، بمختلف ابعادها". وصوّت الى جانب الاقتراح 20 وزيرا بعد ان تراجع وزراء"العمل"، باستثناء اثنين، عن موقفهم المطالب بتشكيل لجنة رسمية. وامتنع وزير المواصلات شاؤول موفاز من حزب"كديما"الحاكم عن التصويت. وبرر النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيريز تشكيل اللجنة الجديدة بالقول انها"تمكن الحكومة من التفرغ لمعالجة سائر القضايا الساخنة، وعلى رأسها التهديدات الاستراتيجية التي تداهمنا واستغلال الفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية". صلاحيات واسعة وبموجب التفويض الذي يمنحه قرار الحكومة للجنة، بناء للبند الثامن من قانون الحكومة، فإنها مخولة التحقيق في سلوك المستويين السياسي والعسكري والمؤسسة الأمنية خلال الحرب، و"تقوم بالفحص وتحدد الاستنتاجات والنتائج وتقدم التوصيات بحسب ما ترتأي". وطلبت الحكومة من اللجنة ان تبلور توصيات بأسرع ما امكن"حيال الحاجة الى الاستعداد السريع". واضاف القرار ان اللجنة"تقدم ما توصلت اليه من فحص واستنتاجات وتوصيات في كل ما يتعلق بتحسين سيرورة اتخاذ القرارات في المستقبل من جانب المستوى السياسي وقادة المؤسسة الأمنية، بما في ذلك تقديم المشورة لهذه الجهات". كما ستتناول اللجنة كل ما حصل بعد اسر"حزب الله"جنديين اسرائيليين في 12 تموز يوليو الماضي حتى وقف الحرب ودخول وقف النار حيز التنفيذ منتصف الشهر الماضي. وأكد القرار ان اللجنة ستفحص سلوك المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية حيال التهديد على الحدود الشمالية منذ الانسحاب الاسرائيلي عام 2000. وجاء في القرار:"وتتطرق اللجنة اذا رغبت الى سلوك المستوى السياسي في كل ما يخص الاعداد والاستعداد لمواجهة احداث قتالية وسيناريوهات تهديد منذ ان شرع حزب الله في التحصن على الحدود االشمالية". ويقصد القرار بذلك دحرجة المسؤولية الى الحكومات السابقة بداعي"القصور"وعدم التحرك للرد على تسلح"حزب الله"واقامته التحصينات في جنوبلبنان. كما يعني ان اللجنة ستستدعي، للاستماع الى الافادات وللتحقيق، اركان الحكومات الاسرائيلية منذ العام 2000 ووزراء الدفاع والمال فيها وقادة اجهزة المخابرات ورؤساء هيئة اركان الجيش. ويتوقع ان يمثل امامها اقطاب الحكومة الحالية ورئيس الحكومة السابق ايهود باراك ووزير المال السابق بنيامين نتانياهو ورئيس هيئة اركان الجيش، وزير الدفاع سابقا شاؤول موفاز، وخلفه في قيادة الجيش الجنرال موشيه يعالون. كما خوّلت اللجنة تقديم تقرير مرحلي عن سير الحرب وكيفية الاعداد لها منذ الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان في ايار مايو عام 2000، لكن القرار الحكومي لم يحدد جدولا زمنيا لعمل لجنة الفحص او موعدا لإنهاء عملها او تقديم تلخيصاتها المرحلية او النهائية. وتقرر ان ينشر التقرير على الملأ باستثناء الفصول المتعلقة بمسائل أمنية او قضايا تتعلق بسياسة اسرائيل الخارجية. تظاهرة حاشدة في المقابل، نظم العشرات من انصار"حركة من اجل نزاهة الحكم"وجنود في الاحتياط امس تظاهرة صاخبة قبالة مكتب رئيس الحكومة دعوا فيها اولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس والجنرال دان حالوتس الى"دفع ثمن نتائج الحرب بالاستقالة". كما طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق رسمية تتشكل بموجب قانون لجان التحقيق، لا صلاحية لرئيس الحكومة في تعيين رئيسها وأعضائها. وأحضر المتظاهرون من جنود الاحتياط معهم الحمير استخفافا بعقول الوزراء، كما قال احدهم، مضيفا:"انه فقط الحمار لا يرى ان هذه اللجنة لجنة تغطية على الفشل"، معتبرا كل المساعي لتشكيل لجنة فحص حكومية"مضيعة للوقت لأن أحدا لن يثق بنتائجها". وقال انه من غير المعقول ان يقوم من سيتم التحقيق معهم بتعيين المحققين. وأعلن نواب من حزب"ليكود"المعارض معارضتهم القرار واصرار الحزب على تشكيل لجنة تحقيق.